"صنّاع الأمل".. منظمة تعيد الأمل لعشرات الأطفال المبتورين في الرقة


فقد الطفل "عمر" ذو السنوات الـ11 أطرافه السفلية قبل نحو 10 أشهر نتيجة انفجار لغم أرضي أثناء لعبه مع رفاقه في أحد المباني المجاورة لمنزله في مدينة الرقة، وتم تركيب طرفين اصطناعيين له أعادا له القدرة على السير، ومكّناه من العودة إلى المدرسة من جديد. أما "خولة" - 8 سنوات، ففقدت ساقها اليسرى بالكامل (بتر حوضي) نتيجة لغم أصابها أثناء لعبها فتم تركيب طرف لها لتستطيع المشي وممارسة حياتها الطبيعية نسبياً.


حالة "فارس" و"خولة" هي مثال لأكثر من عشرين حالة تم علاجهم وتركيب أطراف صناعية لهم في مركز "صناع الأمل" بالرقة (شمال سوريا). ويسعى المركز الذي تم تأسيسه منذ ثلاثة أشهر للاهتمام بمصابي الحرب وخاصة الذين فقدوا أطرافهم من جميع الأعمار.


 وروى مدير المركز د. "فراس ممدوح الفهد" لـ"اقتصاد" أن فكرة المركز تبادرت إلى ذهنه بعد أن لمس أوضاع آلاف ضحايا الحرب من المبتورين في شمال شرق سوريا وعدم وجود اهتمام من أي منظمة بهم.


 ولفت الفهد إلى أنه بدأ مع صديق له من الحسكة وآخر من ألمانيا بتأسيس فريق تطوعي بمجهود شخصي بحت، وبعد أن تعرفوا على أحد أطباء حلب أرسل لهم أول حالة لطفل يُدعى عمر تم تركيب طرفين صناعيين له.


 ولفت محدثنا إلى أن فريق المركز قام بإحصاء 3700 حالة بتر منها1300 حالة بتر في الرقة فقط أغلبها جرّاء المعركة الأخيرة التي شهدتها المدينة (ضد تنظيم الدولة الإسلامية قبل طرده).
 

ويعمل في المركز إلى جانب د. فراس، 5 أطباء، أحدهم المختص الوحيد في كل شمال سوريا لتركيب الأطراف، وهو خريج كلية الطب بجامعة دمشق، وطبيب آخر من حلب، وطبيبا عظمية من مشفى الطبقة الخاص، يساعدان في إجراء العمليات، إضافة إلى مختصين بالمعاينات المجانية للأيتام لكل الاختصاصات وتوفير أدوية السرطان للأطفال واليافعين مجاناً وإجراء عمليات تجميل وجوه المدنيين المصابة في الحرب ومساعدة المشلولين والمعاقين.


ونوّه الفهد إلى أن فريق صناع الأمل نجح حتى الآن بتركيب أطراف لـ 23 شخصاً منهم 18 طفلاً كلهم من أبناء الرقة بجهود وإمكانيات ذاتية وبمعدل حالتي تركيب أسبوعياً.


 وكشف محدثنا أن فريق صناع الأمل يقومون بتجميع المواد الأولية للأطراف وتركيبها في المركز الطبي بكلفة 200 دولار لكل طرف تحت الركبة للأطفال و400 دولار للكبار، فيما يكلف الطرف 1000 دولار فيما لو تم شراؤه جاهزاً، مما يتيح للمشروع تأمين أطراف صناعية إضافية لمحتاجين جدد.


 ولهذا -كما يقول محدثنا- تبتعد المنظمات العالمية والإنسانية عن دعم وتمويل تركيب الأطراف الصناعية لكونها مكلفة وباهظة مادياً. وأردف أن التركيز يتم حالياً على الأطفال ثم معيلي الأسر من معدومي الحال نظراً للعدد الكبير من المبتورين الذين يرتادون المركز، ويأمل-كما يقول- أن تتاح الإمكانيات لعلاج وتركيب أطراف لكل الفئات من ضحايا الحرب.
 

وكشف الفهد أن فريق "صناع الأمل" طالب منظمة الصليب الدولي بالعمل شمال شرق سوريا وإغاثة 3700 حالة ولكنهم-حسب قوله- رفضوا طالبين إرسال الحالات إلى دمشق وحلب، وهو أمر صعب في ظل الظروف الحالية، ولذلك ابتعد المركز عن التنسيق معهم معتمداً على إمكانياته الذاتية بشكل مستقل وبعيداً عن كافة الأطراف السياسية.


وتتولى منظمة "صناع الأمل الإنسانية" بالتعاون مع أطباء الرقة والطبقة، إجراء عمليات مجانية لمختلف الأيتام وتقديم كراسٍ متحركة لمشلولي الأطراف، ومن المتوقع أن تبدأ المنظمة مشروع معاينات مجانية في كل الاختصاصات بالرقة والطبقة للفقراء والمحتاجين وتقديم 5 نظارات طبية مجانية أسبوعية للفقراء ممن يعانون ضعف البصر.


وقدرت منظمة الصحة العالمية واللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (OHCHR) التابعة للأمم المتحدة، أن الحرب في سوريا خلفت مليوناً ونصف المليون مصاب بإعاقة دائمة، من أصل 3 ملايين شخص أصيبوا منذ العام 2011. وأوضح تقرير صدر نهاية العام 2017 أن نحو 1.5 مليون شخص يعيشون مع إعاقات مستديمة، منهم 86 ألف شخص أفضت إصاباتهم إلى بتر أطرافهم.


ترك تعليق

التعليق