خميس يريد أن يشغل كل بيت


وصف أحد المواقع الإعلامية الموالية للنظام، والذي يحمل اسم "الاقتصاد اليوم"، تصريحات رئيس الوزراء عماد خميس التي قال فيها مؤخراً "يجب أن نشغل كل بيت" بأنها انطلاقة استراتيجية جديدة، تهدف إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، والتي تعمل بها عادة الأسر الريفية الفقيرة.

غير أن الموقع أغفل أن هذه الاستراتيجية الجديدة، هي عودة لسياسة بشار الأسد في بداية عهده، عندما "جرص" رؤوسنا بمكاتب البطالة ودعم المشروعات الصغيرة، التي لم تؤد إلى أي تحول في عملية التنمية، بل على العكس تحول قسم كبير من الشعب السوري إلى مدين للبنوك بمبالغ كبيرة، ثم تلاشى الحديث عن أهمية المشروعات الصغيرة بعد العام 2006، ليظهر مكانها شركة الشام القابضة، لرامي مخلوف، وغيرها من المشروعات الكبيرة التي كان يقوم بها رجال الأعمال.

أما السر في تبني خطاب بداية الألفية الثانية مع مجيء بشار إلى السلطة وراثة عن والده، فيعود على الأغلب إلى إحساس رومانسي عام لدى النظام، بأن الفترة الأولى من حكم بشار حملت الكثير من الآمال، وكاد أن يصبح الرئيس صديق الشعب ومحبوبه، لولا أنه بعد العام 2005 تبنى سياسة مغايرة، أعلى فيها من شأن الأغنياء على حساب الفقراء، فانتهى به المطاف إلى شخص مكروه من قبل طيف واسع من الشعب السوري، بمن فيهم حاضنته الشعبية والأمنية.

لقد كان الاستياء عاماً من بشار الأسد، عندما انطلقت الثورة السورية في العام 2011، وكانت الخيبة تعلو وجوه جميع أبناء الشعب السوري، من هذا الرئيس الذي اتضح أنه مخادع وكذاب، ولا يسعى سوى لخدمة فئة محددة، هي تلك التي تحقق له المزيد من الأرباح المالية، لصالح حسابه الخاص.

لذلك من يراقب إعلام النظام مع بداية العام الجديد، يجد أن لغة جديدة أخذ يتبناها تشبه تلك التي كانت سائدة من العام 2001 إلى العام 2006، من حديث عن مكاتب البطالة وتشغيل العاطلين، إلى الاهتمام بدعم الطبقات الفقيرة وإيجاد فرص عملها لها بعيداً عن وظائف الدولة، وصولاً إلى الحديث المكثف عن محاربة الفساد وإلغاء الامتيازات والاستثناءات الخاصة الممنوحة للوزراء والمسؤولين الكبار.

كل ذلك يجري وفق خطة عشوائية، لا يملك النظام أية مقومات للعمل عليها سوى من خلال التصريحات فقط، وكان الأجدر برئيس الوزراء قبل أن يتحدث عن الشؤون المستقبلية للتنمية، أن يخبر الناس متى ستحل أزمة الغاز والخبز والمازوت والكهرباء، فهي الأولى بالنسبة لهم أن يتم توظيف الأموال لأجلها، بدل الحديث عن إطلاق برنامج دعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر ومحاربة الفقر في المناطق الريفية.
 
بكل الأحوال، نعتقد أن العودة للنبش في الدفاتر القديمة، إنما هو مؤشر على إفلاس الطبقة الحاكمة بدمشق، التي لم تعد تملك سوى تقديم التصريحات المسلية للناس، ومنها قول خميس: "يجب أن نشغل كل بيت"..!

ترك تعليق

التعليق