زمن "الإنقاذ".. هل تكرس الحكومة في أوج توسعها، مرحلة جديدة في إدلب؟


منذ تأسيسها في تشرين الثاني 2017، لم تبسط حكومة "الإنقاذ" نفوذها سوى على مساحة جغرافية متواضعة شملت مدينة إدلب وبعض المدن والبلدات الأخرى. لكن، ومع الهجوم الكاسح لـ "هيئة تحرير الشام" والذي قضى على خصومها تقريباً، ودخول "الإنقاذ" بشكل فوري إلى مناطق السيطرة الجديدة، بات من الواضح أن مرحلة جديدة تدخل بها المنطقة، تلعب من خلالها حكومة "الإنقاذ" دوراً كبيراً. فهل ستتمكن من إدارة المنطقة ذات الموارد الشحيحة؟

مع كل مواجهة عسكرية لـ "تحرير الشام" واكتسابها مناطق جديدة، تدخل إليها "الإنقاذ" بشكل فوري واعدة بمرحلة جديدة في الشمال المحرر، قوامها بناء المؤسسات الحكومية في مختلف المجالات. هذا "التنسيق" كما يحلو للبعض أن ينعت به حالة التماهي الواضحة بين الهيئة والإنقاذ يسوق إلى علامات استفهام عديدة حول إصرار الهيئة على الزج باسم "الإنقاذ" في كل اتفاق انتصار توقعه مع الفصائل المهزومة يتزامن مع غياب التصريحات الرسمية حول الموضوع من قبل "الإنقاذ" نفسها.

ويعتقد مراقبون أن "الهيئة" على وشك تقديم تنازلات لدول أستانة.. تنازلات ستقودها لفرض نفسها على هذه الدول كأمر واقع. وربما حازت التحركات الأخيرة لـ"الهيئة" على رضى كل من تركيا وروسيا التي طالبت مؤخراً بخلق بيئة آمنة حول طرق التجارة الدولية التي تمر من إدلب.

هناك طرح متداول وإن كان غير مؤكد حتى اللحظة يتعلق بتقوية نفوذ حكومة "الإنقاذ" في كامل الشمال السوري كجسم يضم جميع القوى السياسية والعسكرية. "تحرير الشام" وفقاً لهذا الطرح تتحضر لحل جميع الفصائل وحل نفسها تحت مسمى وزارة دفاع تتبع لـ "الإنقاذ". وبهذه الطريقة تتغلب على جميع العوائق والحجج التي تضعها الدول الداعمة لاتفاق سوتشي. بهذا الطرح يمكن أن يصل نفوذ "الإنقاذ" إلى أعلى مستوياته لتعتبر الجهة الوحيدة الممثلة لقوات المعارضة في المناطق المحررة.

هناك طرح آخر انتشر إعلامياً، ويشير إلى أن إدلب وباقي المحرر سيخضع لسلطتين: الأولى فعلية تتمثل بـ "هيئة تحرير الشام" بدون أي تعديل في تنظيمها الحالي. في حين تمثل حكومة "الإنقاذ" السلطة الأخرى التي تعتبر رمزية وبإمكانها أن تؤمن لـ "تحرير الشام" درعاً للحماية من الأخطار الخارجية كون المنطقة تُحكم شكلياً من قبل سلطة مدنية.

طرح ثالث دعا إليه "أبو جابر الشيخ" الذي يعتبر شخصية مستقلة عقب استقالته من قيادة "تحرير الشام" ويتمثل في إشراك فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" المهزومة حديثاً من قبل "تحرير الشام" في حكومة "الإنقاذ"، وبهذا الطرح تحصل الفصائل بمن فيها الهيئة، على حقائب وزارية في الحكومة. بمعنى أوضح؛ تقوم الفصائل العاملة في المنطقة بتقمص دور الأحزاب السياسية وتشترك في الحكومة.

من غير شك؛ تحوز حكومة "الإنقاذ" في كل طرح على نفوذ كبير وسيطرة واسعة تشمل إدلب وأرياف حلب وحماة التي تقع تحت سيطرة المعارضة. لكن أخطر ما ستواجهه "الانقاذ" في المرحلة المقبلة هو قضية التمويل. على الطاولة ملفات كبيرة تتعلق بالأمن وتعبيد الطرقات وتوفير الماء والكهرباء والمحروقات والخبز إضافة لتوفير فرص العمل بعد أن تجاوزت نسبة البطالة 56 بالمائة. وتحتاج هذه الملفات إلى تمويل ضخم ربما لن تتمكن الموارد الشحيحة للمنطقة من توفيره.

الكرة اليوم في ملعب "تحرير الشام" في تمويل الحكومة التي تشركها في جميع اتفاقيات النصر.. "تحرير الشام" تسيطر على جميع معابر وطرق التجارة في المنطقة؛ معبر باب الهوى مع تركيا، والمنصورة ومورك مع النظام، ودارة عزة مع درع الفرات، والطريقان M4 وM5 اللذان يصلان دمشق والساحل بحلب وتركيا. في حال أعطت الأخيرة نفوذاً حقيقاً لـ "الإنقاذ"، ستحصل الحكومة على حصتها من التمويل الذي لن يحل المشكلة تماماً، ولكنه سيجعلها تتعافى من مشاكلها المالية وتواجه الملفات العاجلة باقتدار.


ترك تعليق

التعليق