من أجل مقبرة في القابون.. نصف مليون ليرة، ورشاوى للحاجز


كل شيء في القابون آيل للسقوط إلا أسعار القبور فيها، فهي تحلق اليوم لتصل عتبة الـ "نصف مليون" ليرة سورية للقبر الواحد. أما المقبرة فحولتها قوات النظام خلال 7 سنوات إلى مركز لجمع مسروقاتها من أماكن سيطرتها قرب الوحدات الخاصة قبيل نقلها إلى داخل العاصمة.

"أبو هادي"، ابن حي القابون، والذي انتقل للعيش داخل العاصمة إبان المعركة التي خاضها الحي عام 2013، روى لـ "اقتصاد" في تصريح خاص تفاصيل معاناة إدخال خالته التي توفيت في العاصمة، لدفنها في مقبرة الحي، قفال: "رغم استكمال جميع الأوراق اللازمة للدفن إلا أننا اضطررنا لترك المتوفية أسبوعاً كاملاً في براد المشفى حتى تمكنا من إدخالها إلى الحي بسبب القيود التي تفرضها قوات النظام على الحي".
 
"أبو هادي" تابع: "القيود حُلحلت بعد أن دفعنا مبلغاً مالياً لحاجز سيرونيكس المتمركز عند مدخل الحي حتى تمكننا من الدخول لإجراء الدفن. ويسمح الحاجز بدخول 3 أشخاص كحد أقصى مع المتوفي لدفنه".

"أبو هادي" أشار إلى أنه دفع مبلغاً يقارب 10 آلاف ليرة سورية للحاجز ذاته بعد أن توفي ابنه عقب ولادته مباشرة مقابل إدخاله إلى مقبرة الحي ودفنه في قبر جده أي والد "أبو هادي" الذي توفي قبيل الثورة. وأُعفي "أبو هادي" من رسوم شراء القبر أو فتح قبر، نظراً لأن الطفل لم يكن قد سجل بعد في دائرة الشؤون المدنية "النفوس" أي أنه لم تسجل حالة ولادة حتى يتم تسجيل وفاة.

أما "محمد" الذي لقي شقيقه مصرعه بعد أن قامت قوات النظام بسحبه للخدمة الإحتياطية أثناء توجهه إلى عمله في منطقة ركن الدين وسط العاصمة، قال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "لقي شقيقي مصرعه بعد أن أرسلته قوات النظام للخدمة في مدينة دير الزور حيث قتل هناك بقصف لتنظيم الدولة على القطعة العسكرية التي كان يتواجد بها. أوراق الوفاة والإجراءات الحكومية الأخرى تكفلت بها قوات النظام في حين دفع أهلي مبلغ 150 ألف ليرة سورية ثمناً للقبر في مقبرة ركن الدين. وكان من المفترض أن تتكفل الحكومة بكافة التكاليف كونه استشهد في صفوف قواتها".

ورغم ارتفاع أسعار القبور في ضواحي دمشق وتجاوزها عتبة الـ "نصف مليون"، إلا أنها تُصنف كأسعار مقبولة مقابل أسعار القبور في مقابر العاصمة دمشق كالدحداح وباب الصغير، التي وصل سعر القبر فيها إلى 4 مليون ليرة سورية.

ارتفاع الأسعار أجبرت عدداً من أهالي العاصمة على دفن موتاهم في مقابر بعيدة عن العاصمة، أبرزها مقبرة "نجهة" والتي تُشتهر بكونها مقبرة تقوم قوات النظام بدفن المعتقلين الذين يقضون تحت التعذيب، فيها. ولا يتجاوز سعر القبر هناك بضعة آلاف.
 
كما أن هناك مقبرة "الحسينية" الواقعة قرب طريق مطار دمشق الدولي، والتي تلي مقبرة "نجهة" من حيث توجه أهالي العاصمة لدفن موتاهم فيها، حيث لا يزيد سعر القبر فيها عن 10 آلاف ليرة سورية وقد ينخفض ليصل إلى 3500 ليرة سورية، حسب موقع القبر.

طرق أخرى سلكها بعض الأهالي لدفن موتاهم تمثلت بتقديم رشوة للمسؤول عن حفر القبور في المقبرة مقابل فتح قبر تقل الزيارات له، أو تنعدم، لدفن ميتهم، إضافة إلى تغيير شاهدة القبر.
 
الرشوة كانت قد طالت المناطق المحررة قبيل تهجير ثوارها، فارتفاع أسعار القبور ليس وليد اليوم.
 
في حي القابون مثلاً، وقبل سيطرة النظام، كان ثوار الحي قد لجؤوا لفتح مقبرة جديدة لشهداءهم بسبب سيطرة قوات النظام على المقبرة الأساسية. وفي ذلك الحين، اعتُقل المسؤول عن حفر القبور، بعد أن ثبت أنه تلقى المال مقابل إدخال موتى من خارج الحي ودفنهم في المقبرة الجديدة، حيث مُنع على إثر الحادثة، دفن أي شخص من خارج الحي إلا في حال كان قد لقي مصرعه داخله.

يذكر أن قوات النظام قامت بجرف عدد من المقابر التي أنشأها الثوار لدفن شهداءهم في مناطق محيط العاصمة بعد عمليات التهجير، أبرزها قبور شهداء مجزرة الكيماوي في زملكا والتي قامت قوات النظام بنبشها إضافة إلى مقابر أخرى كمقبرة الشهداء في داريا والقابون.

ترك تعليق

التعليق