تفاصيل عن أزمة فقدان حليب الأطفال في دمشق وريفها


تعيش محافظة دمشق وريفها منذ عدّة أسابيع على وقع أزمة حادة فيما يتعلق بتأمين حليب الأطفال حديثي الولادة، إذ باتت هذه المادة في عداد السلع النادرة للعائلات التي تُكافح في هذه الأيام للحصول على كميات ولو قليلة منها، نظراً لحاجتهم إليها لاستكمال نمو أطفالهم.

في هذا السياق، قال "أكرم مصطفى" (اسمٌ مستعار) لأحد الصيادلة العاملين في العاصمة دمشق، في تصريح خاص لـ"اقتصاد": "لدينا مراجعات يومية طلباً لحليب (البودرة) المخصص للأطفال الرُضع، إذ تعاني الصيدليات نقصاً في عدد العلب التي تحصل عليها من الموزعين، ما خلّف أزمة في الأسواق المحلية، وسط غياب أي خطوات جادّة من المعنيين لإيجاد حلول ناجعة للتغلب على الأزمة".

وأضاف: "شهدت أسعار مادة حليب الأطفال ارتفاعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، نتيجة قلة المادة واحتكارها من قبل بعض التجار والصيدليات، في ظل حاجة الأطفال إليها واضطرار الأهالي لتأمينها بأي ثمن، وعليه ارتفع سعر العبوة الواحدة التي تعطى للأطفال الرُضع ممن هم دون عمر الـ6 أشهر، بمقدار الضعفين تقريباً، ليصل سعرها إلى حوالي 6 آلاف ليرة سورية في الوقت الراهن".

وأوضح أن العائلات ميسورة الحال لم تتأثر كغيرها بنقص الحليب المجفف، لأنها لجأت إلى شراء احتياجات أطفالها من أسواق البلدان المجاورة، على الرغم من ارتفاع أسعارها التي تصل إلى (8000) ليرة سورية، للعبوة الواحدة، أو من أسواق التهريب المحلية التي تنشط بشكلٍ ملحوظ في هذه الفترة، بسعر يتراوح بين (4000- 5000) ليرة سورية.

وأشار "مصطفى" إلى أن سعر عبوة حليب أطفال من نوع (نان) كان يبلغ 2700 ليرة سورية، و(كيكوز) 2200 ليرة، وهما من بين أكثر أنواع حليب الرُضع استهلاكاً، في حين كان سعر (مامي لاك) 1700 ليرة، و(ألبين) 2775 ليرة، و(بيبي لاك) 2100 ليرة، و(بايوميل) 2475 ليرة، و(نيسرو بيبي) 2330 ليرة.

خيارات الأسرة

بدورها قالت السيدّة "أم عمار" وهي مدرّسة وأمٌ لأربعة أطفال، بينهم طفلة رضيعة، تقطن في منطقة "القلمون" الشرقي، في تصريحات لـ"اقتصاد"، إن حليب الأطفال أصبح سلعة نادرة الوجود في المنطقة، وإن وِجدّ فإن أسعاره مرتفعة بما يفوق الحالة الاقتصادية لغالبية الأسر، خصوصاً في هذه الظروف المعيشة الصعبة وارتفاع الأسعار، ولا شك أن انعدام البدائل في الأسواق، وغياب جميع أنواع الحليب مثل (نان، كيكوز، بيوميل، السويسلاك) بكافة الأرقام 1 و2 و3، زادا كثيراً من حجم الكارثة.

وأضافت: "يتجاوز سعر العلبة الواحدة من حليب الأطفال بوزن 400 غرام، عتبة 8000 ليرة سورية، في منطقة (القلمون) الشرقي، وهذه الكمية بالكاد تكفي الطفل قرابة خمسة أيام في أبعد تقدير، وعبر الطلب والتوصية يقوم سائقو السيارات الخاصة العاملين على خط لبنان، بإحضار كمياتٍ محدودة منها لقاء دفع رشاوى إلى مسؤولي الحواجز العسكرية المنتشرة على طول الطريق الذي يصل بين البلدين".

من جانب آخر أشارت "أم حسين" وهي أرملة لديها ثلاثة أطفال، من منطقة "الغوطة" الغربية، إلى أنها كانت تحصل على حليبٍ مجاني من أحد المراكز الصحية في المنطقة، لكن الدعم انقطع عنها مؤخراً، ولم تعد قادرة على توفير الحليب لطفلها الرضيع، في وقتٍ لا تمتلك فيه أي دخل تعتمد عليه لتغطية نفقات أبنائها.

وأُجبرت"أم حسين" إلى تقليص اعتمادها على الحليب الصناعي، وذلك عن طريق الاستعانة ببعض الأغذية المتممة علّها تخفف شيئًا من معاناتها، وأوضحت لـ"اقتصاد" بالقول: "اضطررت لإيجاد طرق بديلة لسد جوع طفلي منها: خلط الماء مع الحليب البقري بعد غليه وتبريده،لأن نسبة الدسم فيه مرتفعة ولا تناسب الأطفال حديثي الولادة، فضلاً عن مغليات الأعشاب، ومغلي الرز المطحون، والنشاء، والراحة المذابة، وهذه الأمور تسبب حالات تسمم والتهاب بالأمعاء، وإسهال وحالات الجفاف، لكن ما باليد حيلة".

يُصر مسؤولو النظام كعادتهم على نفي وجود مشكلة أو انقطاع في مادة حليب الأطفال بأسواق العاصمة دمشق، وأكدّ "محمود الحسن" نقيب الصيادلة التابع لحكومة النظام، قبل أيام، على أنه لا يوجد انقطاع لحليب الأطفال في دمشق، وأن المشكلة مقتصرة على بعض الأنواع فحسب، ويوجد لها بدائل محلية.

وبرّر "الحسن" انقطاع الحليب باعتباره أحد المواد المستوردة من إيران؛ وبالتالي أثرّت العقوبات "الأمريكية" المفروضة على طهران على عملية وتوقيت وصولها إلى سوريا.


ترك تعليق

التعليق