قلب الأدوار: عباس يضغط على حماس فيما تسمح إسرائيل بالمساعدات


تهدد السلطة الوطنية الفلسطينية المدعومة من الغرب بتصعيد الضغوط على حركة حماس وسط تجدد التوتر في غزة رغم أن إسرائيل تسمح لشريان الحياة من المساعدات القطرية بالتدفق مباشرة الى الإسلاميين في غزة.

قلب الأدوار يعكس الأولويات المتضاربة للجانبين. يريد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إعادة فرض سلطته على غزة وافشال أي خطة سلام مدعومة من الولايات المتحدة أو إسرائيل من شأنها تعزيز انفصال القطاع الفلسطيني عن الضفة الغربية المحتلة.

يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى الحفاظ على الهدوء قبيل انتخابات أبريل نيسان وربما يفضل استمرار حكم حماس على انهيار سلطتها في القطاع المحاصر الذي يقطنه نحو مليوني فلسطيني.

بدأت التوترات الفلسطينية الأخيرة في ديسمبر كانون أول عندما أقدم عباس على حل المجلس التشريعي الذي تقوده حماس. وعندما سعت حركة فتح، التي طردت من غزة بعد سيطرة حماس على القطاع عام 2007، الى القيام باحتفال بمناسبة انطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965 مطلع الشهر الجاري ردت حماس بموجة اعتقالات فيما سمحت لمؤيدي أحد منافسي عباس الرئيسيين الى القيام بالاحتفال علنا.

ردت السلطة بسحب موظفيها من معبر رفح بين مصر وغزة، ما دفع مصر الى إغلاق المعبر أمام من يرغب في مغادرة القطاع، كما أوقفت السلطة دفع رواتب نواب حماس في المجلس التشريعي وهددت باتخاذ مزيد من الاجراءات ضد الجماعة الإسلامية، وبدورها جددت حماس الدعوة الى استقالة عباس.

قال خليل الحية المسؤول في حركة حماس للصحفيين الأسبوع الماضي ان الوقت قد حان لعباس لمغادرة منصبه كونه يضر بالوحدة الفلسطينية ودمر حركة فتح التابعة له والمقاومة.

خيارات السلطة الوطنية الفلسطينية محدودة، لأن أي خفض للمساعدات التي تبلغ مائة مليون دولار شهريا التي تقدمها السلطة للقطاع ستزيد من الوضع الانساني في غزة سوءا، حيث تزيد نسبة البطالة عن 50%، والمياه القادمة من الصنابير غير صالحة للشرب والكهرباء غير متوفرة سوى عدد قليل من الساعات يوميا. حافظت مصر واسرائيل على فرض حصار خانق على غزة منذ استيلاء الحركة الإسلامية على القطاع عام 2007.

قال نبيل شعث، مستشار عباس ان ثمة فرق بين ما يقدم الى الحكومة، وذلك الذي يقدم للناس مباشرة. وأضاف ان أي مبلغ يقدم الى الناس لن يمس، واي شيء يذهب الى حماس هو مسألة أخرى.

وكانت السلطة الفلسطينية، التي تعتمد بحد ذاتها على المساعدات الخارجية، قد خفضت الأسبوع الماضي رواتب موظفي الحكومة السابقين في غزة وخفضت دعم الوقود اللازم لتشغيل الكهرباء - وهي اجراءات تهدف الى الضغط على حماس ما أثر على سكان غزة العاديين. كما تم اتهامها بإعاقة مشاريع إعادة الاعمار وساعة النطاق في غزة التي وافقت عليها إسرائيل.

إسرائيل في الوقت نفسه سمحت لقطر بإرسال مساعدات الى حماس بشكل مباشر لتمكين الحركة من دفع رواتب الموظفين المدنيين، حيث تسلمت 15 مليون دولار في شهري نوفمبر/ تشرين ثان وديسمبر/ كانون أول الماضيين.

تأخرت عملية تسليم المبلغ هذا الأسبوع بعد إطلاق صاروخ من غزة.

لكن مسؤولا في حماس قال إن إسرائيل وافقت، بعد وساطة مصرية، على تسليم الأموال في الأيام القادمة إذا بقي الوضع هادئا.

تحدث المسؤول شريطة عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول باطلاع الصحفيين على المحادثات.

رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التعليق.

دافع نتنياهو عن السماح بوصول المساعدات القطرية وواجه انتقادات لاذعة من داخل ائتلافه المتشدد الذي انهار جزئيا الشهر الماضي بسبب الغضب من سياسته تجاه غزة.

تجدد القتال من شأنه أن يفتح عليه انتقادات أكثر شدة من منافسيه الرئيسيين اليمينيين.

يقول روفان حزان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس، "الشيء الأخير الذي يحتاجه نتنياهو الآن في خضم حملته الانتخابية هو التركيز مرة أخرى على ملف غزة والسماح لحماس بوضع جدول أعمال لإسرائيل. وعندما نرد، بأي قدر نرد؟، وكم سيستغرق ذلك؟".

ويضيف "هذا سبب رغبته في السماح بوصول الاموال، وهذا هو السبب في أنه سيستغل كل خيوطه مع المصريين وجهات أخرى لإنزال أبو مازن من على حصانه العالي، حتى شهر إبريل/ نيسان في الاقل".

حماس "منظمة إرهابية" في أعين إسرائيل، وخاضت معها ثلاثة حروب دامية.

لكن حماس أثبتت فعاليتها في وقف الهجمات الصاروخية من غزة عندما يخدم ذلك مصالح الحركة.

وفي غيابها؛ سيكون على إسرائيل مواجهة عدة جماعات مسلحة، بعضها أكثر تشددا من حماس.

كما تحرص إسرائيل على استمرار الفصل بين غزة، التي انسحبت منها عام 2005، والضفة الغربية، حيث تعمل على تسريع وتيرة بناء المستوطنات اليهودية وتصعيد المداهمات الحضرية في أعقاب سلسلة من عمليات القتل التي استهدفت إسرائيليين مؤخرا.

يريد الفلسطينيون أن تتضمن دولتهم المستقبلية القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.

ويخشون من أن إدارة ترامب، التي لم تفصح عن خطة السلام التي طال انتظارها، تسعى لإنشاء دولة فلسطينية صغيرة في غزة بينما تسمح بحكم ذاتي محدود في الضفة، حيث تتمركز السلطة الفلسطينية.

"الهدف الرئيسي للولايات المتحدة وإسرائيل هو إعادة تأهيل حماس كشريك في صفقة القرن، وتشجيع الانقسام ومساعدته"، وفقا لأحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ترك تعليق

التعليق