ماذا قال أهالي إدلب حيال قسائم الإغاثة الخاصة بالألبسة والتدفئة؟


انتشرت في أسواق إدلب، في الآونة الأخيرة، القسائم الشرائية التي تعتمدها مؤسسات الإغاثة والدعم في أغلب دول اللجوء الأوروبية والعربية. لكنها تُطبق في إدلب على شراء الألبسة ومواد التدفئة والسجاد، أما في دول اللجوء، فأغلب القسائم الشرائية تستهلك في شراء الأطعمة والأغذية ووسائل النقل.

وللتعرف أكثر على هذا الموضوع، قام "اقتصاد" بجولة ميدانية بأسواق إدلب لتسليط الضوء على هذه القسائم الشرائية ومدى استفادة سكان إدلب منها، وتحديد الفئة المستفيدة.

وكانت بداية الجولة مع أحد موظفي المنظمات الإغاثية، والذي فضل عدم ذكر اسمه أو اسم منظمته. وقال الموظف الإغاثي: "منظمتنا بادرت بتوزيع القسائم الشرائية للنازحين من عدة مناطق والمقيمين بمحافظة إدلب، وتصل قيمتها إلى 140 دولار أمريكي. يستطيع المستفيد شراء مواد محددة له بهذه القسائم".

 وذكر لنا بعض المواد التي حددت لهذه القسائم ومنها (الألبسة، الأحذية، صوبيات تدفئة، سجاد، ومواد التدفئة مثلاً المازوت والبيرين والحطب).

وعن أهداف هذا المشروع، أوضح أنه كان بغاية تخفيف العبء عن كاهل الناس لأن أغلب مشاريع المنظمات تأتي بسلة غذائية واليوم أغلب الناس لا تستطيع شراء ألبسة جديدة لها ولأطفالها، وحتى أيضاً أغلب الناس ليس لديها مازوت أو حطب للتدفئة أو حتى صوبية تدفئة، "لذا أقدمنا على هذا المشروع الذي يلبي أغلب احتياجات الناس في فصل الشتاء". وأكد أن هذا المشروع لم يكن الأول من نوعه في إدلب، فقد كان له سوابق، ويُعتبر من المشاريع الناجحة، حسب وصف الموظف الإغاثي.

وتابع المصدر: "تم تشكيل لجنة لتقييم أسعار المواد المذكورة أعلاه لدى بعض التجار في أسواق إدلب. فمن كانت بضاعته بجودة جيدة وأسعار مقبولة كان له نصيب التعاقد معنا".

وعن طريقة التعامل بهذه القسائم، أضاف: "وضعنا لافتات بشروط صرف القسائم لدى كل محل تعاقدنا معه للإشارة إلى مراكزنا في الأسواق ليستدل المستفيد على المراكز المخصصة لصرف القسائم".

وتابعنا جولتنا في الأسواق لنلتقي بعضاً من التجار والسكان المستفيدين من هذا المشروع، فالتقينا تاجراً يبيع ألبسة لنسأله عن مدى إقبال الناس على شراء الألبسة باستخدام قسائم منظمات إغاثية، فأكد أن المستفيدين تفاعلوا بشكل ملحوظ مع هذه القسائم واستفادوا منها بشكل جيد. وأوضح أن الإقبال الأكبر كان على مواد التدفئة في ظل الجو البارد، وباقي مبلغ القسائم استفاد منه حاملوها بالألبسة الجديدة.

وعن رأيه بهذا المشروع، قال: "هكذا مشاريع تعد جيدة وتغيّر الروتين الحاصل في الشمال المحرر، الذي انحصر بالسلة الغذائية. هذه الطريقة تنعش اقتصاد مدينة إدلب والتجار خصوصاً".

وفي نفس السياق تابعنا حديثنا مع أحد التجار الذي يبيع السجاد، وسألناه "ما مدى نجاح هكذا مشاريع؟"، فقال: "أنا كبائع سجاد تفاجأت بأعداد كبيرة تأتي لأخذ سجاد لبيتها والكل يعلم أن أغلب النازحين من مدنهم وقراهم خسروا كل شيء والسجاد يعد من أساسيات المنزل في فصل الشتاء وأغلبهم يفترشون بيوتهم بحرامات المعونة عوضاً عن السجاد، واليوم قسم كبير منهم استفاد وحصل على الأقل على سجادة واحدة لمنزله".

وفي لقاء آخر مع أحد التجار الذين لم يتم التعاقد معهم، سألناه عن مدى نشاط الأسواق في ظل هكذا مشاريع، فأجاب: "للأسف الناس منهكة ولا تستطيع تأمين قوت يومها إلا بشق الأنفس وعندما بدأ هذا المشروع لاحظنا حراكاً واسعاً بالأسواق لكن فقط على القسائم أما بالنسبة لنا كمحلات لم يتم التعاقد معنا، وكنا بوضعية المتفرج فقط، وانخفض مستوى البيع جداً لدينا. لكن في نفس الوقت، أعود وأقول الرزق مقسوم ولكل شخص رزقه فليتوكل على الله وكفى به".

وكان اللقاء مع أحد المستفيدين من هذا المشروع، إذ تحدثنا إلى أحد النازحين من مدينة حمص ويدعى "أبو خالد". وفي بداية الحديث، شكر "أبو خالد" كل من ساهم في التخفيف من معاناة الناس وتلبية احتياجاتهم، وقال: "أنا خسرت كل شيء منذ تهجرت من بيتي ومدينتي واليوم لا أملك نقوداً كافية لشراء الألبسة الجديدة ومواد التدفئة وأيضاً السجاد". وعندما سألناه "ما هي الأشياء الأكثر فائدة لك والتي حصلت عليها في القسائم؟"، فأجاب بحرقة وغصة: "نعم حصلت على صوبية جديدة ومازوت وسجادة لمنزلي والباقي استفدت منه في الألبسة لأطفالي وزوجتي، وأنا لم أحصل على شيء من الألبسة بسبب نفاذ القسائم ولكن الحمد الله أني حصلت على شيء لأسرتي أستفيد منه بالأيام القادمة".

وتابعنا لقائنا مع عائلة نازحة، وفي سؤال لهم عن مدى استفادتهم من هذا المشروع، أجاب "رب العائلة": "أعتقد أن الأفضل من هذا المشروع توزيع نقود كاش ونشتري ما نريد بها وهذه القسائم حددت لنا مواد وتقيدنا بها. وأنا كشخص أفضل بدل هذه القسائم نقود أشتري بها ما أريد".

وأيضاً التقينا مستفيدة أخرى من هذه القسائم وتدعى "أم محمد"، ووجهنا لها نفس السؤال عن هذه القسائم فقالت: "أنا مع هكذا مشاريع، لكن بعض التجار ضعيفو النفوس أقدموا على رفع الأسعار إلى الضعف والتحكم بنا، فأنا أنزل كل فترة إلى السوق وأعرف متوسط ثمن أي قطعة، وعندما حصلنا على القسيمة تفاجأت بارتفاع الأسعار إلى الضعف".

وعقّبت "أم محمد: "ليس كل التجار رفعوا الأسعار، بعضهم فقط".

وفي ختام جولتنا في أسواق إدلب والحديث عن هذه القسائم لاحظنا أن الناس تريد لإدلب مشاريع أكبر من هذه المشاريع وترغب بمنشآت صناعية تُبنى بهذه المبالغ لتشغيل أكبر عدد من الشباب وتقليل نسبة البطالة المتفاقمة في الشمال السوري المحرر وخاصة في مدينة إدلب.

ترك تعليق

التعليق