"الخبيزة".. النبات الذي سد رمق أهالي حوران، في الظروف الصعبة


ما أن تبدأ النباتات الخضراء بالنمو في ربوع قريتها، حتى تحمل الخمسينية "أم صالح" ومع بزوغ صباح كل يوم، سلتها المصنوعة من القصيب، وتتوجه إلى الحقول والسهول المجاورة لجني نبات "الخبيزة" الأخضر.

وتقول أم صالح، إن "الخبيزة" الخضراء تعتبر من أهم الأكلات الشتوية، التي يقبل عليها أهالي حوران، ولاسيما كبار السن منهم؛ نظراً لفوائدها الغذائية الكبيرة، وسهولة جنيها كونها نباتات طبيعية، تنمو بكثرة في جميع مناطقهم.

وأضافت "أم صالح": "ما أن تبدأ هذه النبتة بالظهور، حتى أسارع أنا وبعض النسوة من جاراتي لجنيها، حتى ولو كانت النبتة ماتزال صغيرة، ولم يكتمل نموها بعد، فهي مقبولة ولذيذة في جميع مراحل نموها".

فيما أشارت "فاطمة الحجي"، ذات الستين عاماً، إلى أن الخبيزة، تكاد تكون أكلة الكثير من الأسر المستورة، حيث تشكل الطبق الرئيسي لها طيلة فترة نموها، التي تبدأ مع بداية هطول الأمطار، وتنتهي مع نهاية فصل الربيع.

ولفتت إلى أن أرض حوران، أرض معطاءة، فهي غنية بالنباتات الطبيعية مثل الخبيزة و"السنارية" و"الحميض" و"السلق" و"العلت" و"الهندباء"، التي تشكل مصدراً غذائياً هاماً للأهالي، وتوفر عليهم الكثير من المال، وخاصة خلال الأزمات والظروف الاقتصادية السيئة.

وتستذكر "أم عارف"، 46 عاماً، وهي ربة منزل، أيام الحصار المقيتة، التي شهدتها مناطق ريف درعا الغربي خلال السنوات الماضية، والتي فرضها الجيش الحر والنظام على أهالي حوض اليرموك؛ بسبب وجود تنظيم "الدولة الإسلامية".

ولفتت إلى أنه في الوقت الذي كان فيه عناصر التنظيم يتلذذون بجميع أنواع الأطعمة، كان أهالي حوض اليرموك يقتاتون على النباتات البرية كالخبيزة وغيرها، والتي كان لها الفضل في إبعاد شبح الجوع عنهم.

ويشير "أبو عصام"، 65 عاماً، وهو معلم مدرسة متقاعد، إلى أن أكلة الخبيزة التي يتم جنيها من أطراف الحقول، يمكن أن توفر على الأسرة أكثر من 1000 ليرة سورية، فيما لو تم اعتمادها طبقاً رئيسياً، لافتاً إلى أنه خلال موسم نمو الخبيزة فإن هذه الأكلة لا تفارق مائدته.

وقال: "إن الخبيزة والنباتات الطبيعية الأخرى التي تنمو في ريف المحافظة، توفر على الأسر مبالغ كبيرة ولاسيما في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، التي يعيشها السواد الأعظم من الأهالي؛ نتيجة انحسار فرص العمل، وغياب الموارد ومصادر الدخل الثابتة".

وأشار إلى أن بعض الفلاحين، قام بزراعة الخبيزة كمحصول مدر للدخل، لكنها لم تحظ باهتمام أهالي المحافظة؛ بسبب نمو هذه النبتة بكثرة في جميع مناطق درعا تقريباً، موضحاً أن كميات "الخبيزة" الفائضة عن حاجة الأهالي، يتم نقلها إلى بعض المدن الرئيسية في المحافظة، أو إلى دمشق حيث يصل سعر الكغ منها إلى 350 ليرة سورية.

وحول آلية تحضير الخبيزة أشارت حمدة الحسين، 56 عاماً، إلى أن تحضير الخبيزة سهل جداً وما عليك إلا أن تنظفها من التراب، والنباتات الأخرى العالقة بها بالماء، ومن ثم فرمها إلى قطع صغيرة وطبخها مع البصل والزيت البلدي والملح على نار هادئة، حتى تستوي ثم تقدم كوجبة أساسية، ويقدم إلى جانبها اللبن الرائب أو العيران، وخبز الصاج أو خبز الفرن البلدي.

و"الخبيزة" نبات بري، ينمو في السهول وفي أطراف الحقول الزراعية وبين أشجار الزيتون، ويصل ارتفاع النبتة عن الأرض إلى ما بين 10 و15 سم، وهي تحمل وريقات خضراء شبه دائرية، تتميز بفوائدها الغذائية الكبيرة.

وتشير الدراسات والمصادر الطبية، إلى أن لنبات "الخبيزة" فوائد عديدة، وتكاد أن تكون غذاء ودواء في آن معاً، لعدة أمراض.

وأضافت الدراسات والمصادر، أن نبات "الخبيزة" من أقدم النباتات المستخدمة في الغذاء والعلاج، فهي مفيدة لتسكين الآلام وتقوية المناعة الداخلية؛ نظراً لما تحتويه من مركبات غذائية، وفيتامينات وأحماض، إضافة إلى أنها تعالج التهابات المفاصل، ولسع الحشرات، والتهابات الرئتين والمجاري التنفسية، وهي مفيدة للأمعاء والمعدة وملين طبيعي كما أن لها العديد من الفوائد الغذائية والصحية.



ترك تعليق

التعليق