هل من حلول لأزمة الغلاء في "الباب"؟


موجة من الغلاء تضرب كافة أنواع السلع والبضائع التجارية ومستلزمات الحياة اليومية داخل مدينة "الباب" شرقيّ حلب، هو العنوان الأبرز لما يعانيه سكان المدينة والبالغ عددهم نحو 160 ألف نسمة.

وذكرت مصادر محلية لموقع "اقتصاد"، أن حالة من القلق تنتاب سكان مدينة "الباب" بسبب موجة غلاء الأسعار التي تعصف بهم بدءاً من مادة الخبز والخضراوات والمحروقات والمياه وصولاً إلى ارتفاع ايجارات المنازل وقلة فرص العمل.


الخبز والخضراوات والمحروقات في مرمى غلاء الأسعار

وتحتضن مدينة "الباب" إضافة لسكانها الأصليين، عدداً كبيراً من النازحين والمهجرين إليها من مناطق ريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية بريف دمشق.

الناشط الإعلامي "محمد الحمصي" وصف الوضع الاقتصادي في مدينة الباب بالمتردي بشكل كبير، بالتزامن مع وجود نحو 160 ألف نسمة في المدينة يعانون من عدة مشاكل، من أبرزها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمياه والخضراوات إضافة لغلاء إيجارات المنازل السكنية والمحال التجارية، وذلك كله وسط عدم تأمين فرص عمل لعدد كبير من الشباب في المنطقة.

وقال "الحمصي" لموقع "اقتصاد": "إن الأسعار بدأت ترتفع بشكل تدريجي في أسواق مدينة الباب، والبداية كانت من مادة الخبز، إذ ارتفع سعر الربطة الواحدة من 100 إلى 150 ليرة سورية، وبسبب الكثافة السكانية من الممكن أن يصل سعر الربطة إلى نحو 175 ليرة، وفي حال عدم توافرها يصل سعرها الى 200 ليرة سورية".

كما ارتفعت أسعار المحروقات في المدينة خاصة مادة "المازوت" التي وصل سعر اللتر الواحد منها إلى 275 ليرة سورية بعد أن كانت تباع بسعر 210 ليرات سورية علماً أن جودته متوسطة، في حين يباع اللتر الواحد من النوعية الجيدة واللازمة للتدفئة أو للسيارات بسعر 300 ليرة سورية.

يضاف إلى ذلك، بحسب "الحمصي"، ارتفاع سعر لتر الكاز من 300 ليرة إلى 325 أو 350 ليرة سورية، مشيراً إلى أن مادة الكاز أساسية لعدد كبير من السكان كونهم يعتمدون عليها في تشغيل "البابور".

وارتفعت كذلك أسعار "الخضراوات"، وبلغ سعر الكلغ الواحد من البندورة 500 ليرة، والفليفلة 550 ليرة سورية، في حين ارتفع سعر كلغ البطاطا من 110 ليرة إلى 250 ليرة سورية، إضافة لارتفاع سعر كلغ السكر من 200 إلى 225 ليرة سورية، كما ارتفعت أسعار كثير من المواد الغذائية الأخرى بشكل ملحوظ.


500 دولار مصروف العائلة شهرياً

وقدّرت مصادر محلية أن مصروف العائلة الواحدة في مدينة الباب شهرياً قد يصل إلى نحو 500 دولار، ما بين مصاريف الحياة اليومية إضافة لإيجار المنزل.

وأكد "الحمصي" تلك المعلومة وقال: "إن مصروف العائلة الواحدة في مدينة الباب بشكل شهري يصل إلى 500 دولار وسطياً، تتوزع بين مصاريف الحياة اليومية وايجار المنزل ومصاريف ماء وكهرباء وانترنت، إضافة لأجور التنقلات واحتياجات الأطفال ومصاريف الطبابة والأدوية"، مبيناً أن هناك ارتفاعاً أيضاً في أسعار الأدوية، في حين أن غالبية العوائل ليس بمقدورها تأمين هذا المبلغ شهرياً.

وأضاف "الحمصي"، أنه لدى التواصل مع التجار وسؤالهم عن سبب موجة ارتفاع الأسعار فإنهم يرجعون السبب إلى تقلب أسعار العملات مقابل الليرة السورية، مؤكداً أن المتضرر الرئيس هو المواطن الموجود في تلك المنطقة، في ظل غياب الجهات الرقابية والضابطة للأسعار.


وضع اقتصادي متردٍ والمطلوب ضبط التجار

وتشير مصادر محلية أن موجة غلاء الأسعار ليست وليدة الساعة، مؤكدين أن المدينة ومنذ فترة ليست ببعيدة تشهد أزمة اقتصادية واضحة.

الناشط الإعلامي "عمار نصّار" قال لموقع "اقتصاد": "إن الوضع الاقتصادي بالأصل هو سيء داخل المدينة، ومنذ نحو شهر اشتدت أزمة غلاء الأسعار بشكل غريب وخاصة المحروقات، بالتزامن مع الحديث عن معركة عسكرية تركية مرتقبة شرق الفرات وفي مدينة منبج بريف حلب".

ومن الأسباب التي تقف وراء تلك الأزمة الاقتصادية في المدينة، بحسب " نصّار"، الاقتتال الداخلي بين هيئة تحرير الشام وفصائل الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش الحر الذي حصل ببداية الشهر الحالي بريف حلب الغربي وريف ادلب والذي انتهى بسيطرة الهيئة على المنطقة، الأمر الذي أثرّ بشكل سلبي على الوضع الاقتصادي وعلى التجار وعلى الأسعار، فالتّجار عندما يسمعون بإغلاق المعابر والطرقات فإنهم يلجؤون لاحتكار المواد وخاصة مادة "المازوت" ورفع أسعارها، إضافة لارتفاع أسعار صهاريج المياه المرتبطة بارتفاع أسعار مادة "المازوت".

ويرى "نصّار" أن هناك أسباب أخرى تقف وراء اشتداد الأزمة الاقتصادية في المدينة، مبيناً أنه إضافة للاحتكار واغلاق الطرق بسبب الاشتباكات الداخلية، هناك عامل آخر يتعلق بعدم قيام المؤسسات الموجودة في المدينة سواء المجلس المحلي أو الشرطة بمهامها، وقال: "المجلس المحلي لديه دائرة خاصة بالتموين ولكن لا نراها إلا بدوريات بسيطة فربما ليس لديها صلاحيات وغير معلوم السبب وراء ذلك، وهناك دوائر مختصة بالمجلس المحلي ولكنها غير فعّالة فدائرة التموين هي المسؤولة عن الأمر، وبإمكان المجلس المحلي تنظيم الأمور ولكن لا نراه يتحرك بهذا الخصوص ولا نراه إلا وقت جباية الضرائب".

وعن المطلوب لضبط الوضع الاقتصادي في المدينة قال "نصار": "المطلوب أن تخاف الناس الله بدايةً ومن ثم المطلوب ضبط التجار".

وطالب "نصّار" الجهات المعنية بضرورة فتح باب التصدير للدول الأخرى وأن تسمح تركيا بذلك عبر معابرها بطريقة "الترانزيت" لتصدير المواد المنتجة، حينها سيتم تنشيط المنطقة وتفعيلها وستتولد فرص العمل، معرباً عن استغرابه من السبب وراء التقصير في المطالبة بهذا الأمر من قبل الجهات المسؤولة.


المجلس المحلي في "الباب" يوضح

وفي توضيح منه حول الأسباب التي تقف وراء سوء الأوضاع الاقتصادية في مدينة "الباب" والخطط الموضوعة لتدارك الأمر، أوضح رئيس المجلس المحلي للمدينة عدداً من النقاط.

وقال "جمال عثمان" رئيس المجلس لموقع "اقتصاد": "إن أسعار المواد الاستهلاكية والتموينية والغذائية في مدينة الباب ترتبط بالمصدر الذي يتم استيرادها منه والمواسم وتقلبات العملات والعرض والطلب، حيث تتأثر معظم أسعار المواد الغذائية التي يتم استيرادها بتقلبات العملات، إضافة إلى المعابر التي تمر بها والتي تفرض رسوماً لا يمكن للمجلس المحلي لمدينة الباب التحكم بها".

وتابع بالقول: "كما يتم استيراد بعض أنواع المواد النفطية والوقود من مناطق سيطرة المنظمات الإرهابية PYD، والتي تتحكم بنفسها بأسعار هذه المواد وتفرض رسوماً على السلع التي تخرج من مناطق سيطرتها إلى مناطق درع الفرات".

وأضاف، أن ما يحصل في الريف الغربي وادلب كان له تأثير في ارتفاع الأسعار، في إشارة منه إلى التطورات الميدانية الأخيرة بين هيئة تحرير الشام وفصائل الجبهة الوطنية.
 
وأشار، إلى أن "دائرة التموين" في المجلس المحلي لمدينة "الباب" تقوم بمراقبة الأسعار في الأسواق والتأكد من سلامتها وضبطها ما أمكن، إلاّ أنها تواجه عدة عوائق منها تنوع المصادر التي تستورد منها المواد الاستهلاكية وتختلف معها الأسعار.

ولفت "عثمان" الانتباه، إلى أن المنطقة تعاني من عدم موازاة دخل الفرد مع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في المنطقة، حيث ازدادت الهوة بين دخل الفرد وأسعار الخضروات والمواد الغذائية مع دخول فصل الشتاء.

وبيّن رئيس المجلس المحلي في سياق حديثه، أن المجلس المحلي لمدينة الباب يعمل على دعم مادة الطحين وتقديمه للأفران، حيث تقدم ربطة الخبز الواحدة للموزعين بسعر 90 ل.س، إلاّ أن توقف دعم المنظمات الخيرية الداعمة للطحين منذ قرابة الشهر، دفع بسعر الخبز للأمام لتباع الربطة (كيس الخبز) للموزع بسعر 140 ل.س، ويتم بيعها للمواطنين بسعر 150 ل.س مؤقتاً ريثما يعود الدعم لمادة الطحين.

وأضاف، أنه بالنسبة لدعم مادة الطحين فهو من منظمة "آفاد" التركية، التي دعمت مناطق درع الفرات بمادة الطحين، مؤكداً أنه خلال فترة قصيرة سيعود دعم المنطقة بمادة الطحين.

أما فيما يتعلق بغلاء ايجارات المنازل قال "عثمان": "إنه بالنسبة لإيجارات البيوت فقد انخفض ايجار البيوت بنسبة تقارب 40%"، على حد تقديره.



ترك تعليق

التعليق