"أبو الفقراء" يناشد عبر "اقتصاد" كي لا يُغلق مركز "السلام الطبي" في عرسال


حالة من القلق تسود أوساط قاطني مخيمات "عرسال" اللبنانية للاجئين السوريين، في ظل الأنباء التي تتحدث عن أن المركز الصحي الوحيد في المنطقة والذي يقدم خدماته بشكل شبه مجاني بات مهدداً بالإغلاق بسبب انعدام الدعم.

وتأسس "مركز السلام الطبي للاجئين السوريين في عرسال" مطلع العام 2015 بجهود تطوعية وبإمكانات ضعيفة، إلا أنه وبرغم ذلك أصرّ القائمون على المركز، بالاستمرار في العمل وتقديم الخدمات الطبية وخاصة للقاطنين في المخيمات.

ويلقب قاطنو المخيم مدير المركز الدكتور "هاني المصري" بـ "أبو الفقراء" نظراً للخدمات المجانية التي يقدمها لسكان المخيمات في عرسال، مقارنة مع غيره من المراكز الطبية الموجودة في لبنان.

إلا أنه، وبحسب مصادر مطلعة، فإن الديون أثقلت كاهل المركز الطبي ولم يعد بمقدوره تقديم الخدمات الطبية اللازمة للمرضى المستفيدين، ما يهدد بتوقف المركز وسط غياب أي جهة داعمة من الممكن أن تمد يد العون لهذا المركز للاستمرار في عمله.


8 ملايين ليرة لبنانية ديون على المركز

ويراجع المركز يومياً من 100 إلى 120 مريضاً، ويعتبر المركز الأول في عرسال من حيث تقديم الخدمات الطبية رغم عدم وجود أي داعم للمركز، بحسب القائمين عليه.

الدكتور "هاني المصري" مدير المركز ناشد عبر موقع "اقتصاد" المنظمات المانحة والجهات الداعمة، وقال: "نناشد كافة المؤسسات والمنظمات لتقديم الدعم لاستمرار عمل المركز الذي يحاول تقديم أفضل الخدمات للأخوة اللاجئين وأهلنا اللبنانيين في المنطقة"، محذراً أنه وفي حال تم اغلاق المركز فسيكون هناك عبء كبير على اللاجئين.

ولفت "المصري"، إلى وجود تواصل مع مؤسسات طبية، "لكن لا حياة لمن تنادي". وعقّب: "لم تقدم أي منظمة الدعم للمركز باستثناء (منظمة الهلال الأحمر القطري) الذي قدم جزءاً بسيطاً من الأدوية على مرحلتين".


وتحدث "المصري" عن الأسباب التي تقف وراء تهديد المركز بالإغلاق مبيناً أن "المركز عليه ديون تقدر بحوالي 8 ملايين ليرة لبنانية لأحد المستودعات الطبية اللبنانية ومن بعض الصيدليات، وأصبح المركز عاجزاً عن تسديدها"، مشيراً إلى أنه وفي حال لم تسدد الديون خلال فترة شهر فسيتم الحجز على بعض الأجهزة لقاء هذا الدين، ولهذا فإن المركز مهدد بالإغلاق.

وبيّن مدير المركز الطبي، أن الوضع الطبي في عرسال صعب جداً حيث أصبحت جميع المراكز الطبية تطلب دفع مبالغ لقاء الخدمات وذلك لصعوبة الوضع، مع العلم أن هناك عائلات لا تستطيع تأمين ثمن الدواء، ويحاول المركز بكل عناصره المساعدة وتقديم أفضل الخدمات الطبية والنفسية والدوائية الممكنة لكافة المرضى، على حد تعبيره.


المعاينة بدولار واحد فقط

وأعربت مصادر في مخيمات عرسال عن أملها في ألا يتوقف "مركز السلام الطبي" عن العمل بسبب شح الدعم، مطالبين كافة وسائل الإعلام بتسليط الضوء على المعاناة التي يمر بها المركز بسبب الديون الملقاة على عاتقه الأمر الذي يهدد بإغلاقه.

وقال "أبو عبد الله" أحد قاطني مخيمات عرسال لموقع "اقتصاد": "إن مركز السلام الطبي في عرسال بإدارة الطبيب الطيب (أبو الفقراء- هاني المصري) وطاقمه الطبي الرائع، مهدد بالتوقف في حال لم يكن هناك أي تحرك من أي جهة اغاثية داعمة".


وأضاف، أن المركز يتقاضى من المريض الواحد أجور معاينة طبية وثمن أدوية نحو 1.3 دولار أي ما يقارب 2000 ليرة لبنانية أي ما يعادل ثمن ربطتي خبز، بالمقابل هناك أطباء يعملون في عياداتهم الخاصة ويتقاضون أجور معاينات طبية تبدأ من 10 دولار لتصل إلى 50 دولار، على حد تقديره.

وتابع بالقول: "إن المركز الذي يديره طبيب واحد فقط وكادر تمريضي إضافي يراجعه يومياً نحو 100 مريض وربما أكثر، وهو اليوم أصبح عليه ديون بأكثر من 8 ملايين ليرة لبنانية وهو على وشك الإغلاق".

وتساءل "أبو عبد الله": "هكذا مركز يقدم خدماته بشكل شبه مجاني للاجئين السوريين في المخيمات لماذا يتم إهماله؟، ولماذا لا يتم دعمه كي يستمر بعمله؟"، مناشداً في الوقت ذاته كل من باستطاعته مساعدة المركز الطبي الإسراع بذلك قبل أن يتوقف عن تقديم خدماته للمرضى في مخيمات عرسال.


الخدمات شبه مجانية

ويتألف كادر المركز الطبي من 12 عنصراً يتقاضون 100 دولار للعنصر الواحد شهرياً بحسب عمل المركز، وفق ما تحدث به مدير المركز الدكتور "هاني المصري".

وعدد "المصري" الأقسام التي يتألف منها المركز وقال: "إن المركز يضم عيادة داخلية وقلبية وعيادة لمعاينة الأطفال، كما يضم عيادة نسائية لمراقبة الحوامل ومتابعة وضعهم الصحي، إضافة لتصوير الإيكو".


ويضم المركز أيضاً مخبراً للتحاليل الطبية وصيدلية تقدم الدواء بشكل مجاني، كما يحوي قسماً للإسعاف يقدم الإسعافات الأولية من ضماد وخياطة جروح وإجراء بعض العمليات الجراحية الصغرى، كما يقدم المركز خدمات تخطيط القلب والقبولات المؤقتة ومراقبة المرضى، وكلها خدمات تقدم بشكل شبه مجاني، بحسب "المصري".


توقف المركز عن العمل صدمة كبيرة للاجئين السوريين

من جانبه أثنى " خالد رعد" مشرف مخيم المعلمين في تجمع مخيمات عرسال اللبنانية على عمل "مركز السلام الطبي" وقال: "إن مركز السلام الطبي هو أحد المراكز المجانية العاملة بعرسال وهو يساهم بمعاينة أكثر من 200 حالة مرضية بشكل يومي، وأنا أحد الناس الذين يفضلون ارتياد المركز أثناء المرض لأولادي، بسبب حسن المعاملة وسمعة الدكتور هاني التي يحملها من سوريا وعمرها أكثر من 30 سنة في مجال الطب وخبرته في ذلك، وأيضاً خبرة الجهاز التمريضي الموجود معه والتي يحملوها معهم من سوريا إضافة للدواء المقدم مجاناً، وبتصوري إذا أغلق المركز فهي صدمة كبيرة ومأساة كبيرة ستضاف للاجئين في عرسال".


وأشار "رعد" في حديثه لموقع "اقتصاد"، إلى أن المركز يحتاج لتوافر المزيد من الأدوية لتقديمها للمرضى المراجعين للمركز بشكل يومي، كما يحتاج للأجهزة ورواتب للكادر الطبي والممرضين، ومصاريف ايجار المبنى وفواتير المياه والمازوت لتدفئة غرف المرضى، وكلها تكاليف كبيرة جداً.

وأضاف، أنه يوجد مراكز طبية أخرى في عرسال لكنهم يتقاضون مبالغ مالية لقاء العلاج تفوق قدرة اللاجئ السوري على دفعها، في حين أن الدكتور هاني يتقاضى أجرة شبه رمزية من المريض وفي كثير من الأحيان لا يتقاضى أجور المعاينة ممن ليس بمقدورهم الدفع، لذلك فإن غالبية اللاجئين السوريين وخاصة المرضى يطلقون على الدكتور هاني لقب "الطبيب أبو الفقراء".


ترك تعليق

التعليق