اقتصاديات.. عندما "يلتم المتعوس على خايب الرجاء"


من المضحك أن تكون أبرز خطوات النظام لمواجهة العقوبات الأمريكية المقبلة، أو ما يسمى بـ "قانون سيزر"، هو المزيد من الارتماء في أحضان إيران، والبحث من خلالها عن حلول لأزماته الاقتصادية المرتقبة. فهل سمعتم من قبل عن "ميت يحمل ميتاً"..؟!

باختصار، هذا ما يفعله النظام السوري وإيران، من خلال تكاتفهما معاً، عبر توقيع العديد من اتفاقيات التعاون التجاري بينهما مؤخراً، والتخطيط لتأسيس مراكز تجارية مشتركة في كلا البلدين، وافتتاح بنوك مشتركة، بالإضافة لتكفل الشركات الإيرانية بمشاريع إعادة الإعمار ومشاريع البنية التحتية.

ولا يمكن أن نستوعب مغزى الكلام السابق، إلا إذا ألقينا نظرة عامة على وضع الاقتصاد الإيراني منذ شهر أيار من العام الماضي، وهو تاريخ انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران.
 
لقد أدى هذا الانسحاب على الفور إلى تراجع صادرات النفط الإيراني إلى النصف، وهي التي تشكل أكثر من 17 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ نحو 447 مليار دولار، بينما يبلغ عدد السكان أكثر من 80 مليون نسمة.

ومنذ شهر آب من العام الماضي، تراجعت العملة الإيرانية بأكثر من 170 بالمئة، حتى وصل الدولار إلى أكثر من 100 ألف ريال إيراني وهو ما أدى بنفس الوقت إلى ارتفاع التضخم إلى أكثر من 30 بالمئة، ونسب البطالة زادت إلى 12 بالمئة.
 
وعدا عن ذلك يعاني الاقتصاد الإيراني من زيادة في ميزان المدفوعات بالعملات الصعبة لأغراض الاستيراد، بعدما تراجعت الصادرات النفطية وغيرها بنسب كبيرة جراء العقوبات الدولية.

وتشير توقعات المحللين الاقتصاديين، إلى أن إيران مقبلة على أزمة اقتصادية غير مسبوقة، سوف تتصاعد بشكل أكبر في العام 2021، وهو التاريخ الذي كانت قد حددته لعودة اقتصادها للنمو الطبيعي، بعد توقيع الاتفاق النووي مع الدول الكبرى.

أما الاقتصاد السوري فهو مدمر في كل قطاعاته، ويكفي أن نلقي نظرة على الناتج المحلي الإجمالي اليوم بالمقارنة مع ما قبل العام 2011، لنعرف حجم المأساة التي يعانيها هذا الاقتصاد، حيث تشير البيانات إلى تراجعه إلى نحو 24 مليار دولار من أكثر من 65 مليار دولار قبل قيام الثورة السورية، هذا ناهيك عن باقي البيانات فيما يتعلق بالانتاج النفطي الذي تراجع إلى 10 آلاف برميل من 370 ألف برميل نفط يومياً، والزراعي المتراجع بأكثر من 70 بالمئة والصناعي وغيره، بالاضافة إلى تكاليف مشاريع إعادة الإعمار التي تقدرها الجهات الدولية بأكثر من 250 مليار دولار.

وهي بيانات تشير في مجملها إلى أن طلب النجدة من الاقتصاد الإيراني المدمر هو الآخر، ما هو إلا قفزة في الهواء، لن تؤدي سوى إلى المزيد من السقوط.


ترك تعليق

التعليق