اقتصاديات.. نظام الأسد يستثمر "قانون سيزر" الأمريكي


لا يكاد يمضي يوم دون أن نقرأ في وسائل إعلام النظام والموالية له، تصريحاً لأحد المسؤولين الكبار، أو تحليلاً لعدد من الخبراء الاقتصاديين، يتحدث عن الحصار الاقتصادي القادم على سوريا، وكيفية مواجهته، وذلك بفعل ما بات يعرف بـ "قانون سيزر" الأمريكي.
 
الكثير من المراقبين يرون أن هذا التهويل من حجم الآثار السلبية المرتقبة لهذا القانون، هو محاولة لصرف انتباه السوريين في الداخل، عن الأزمات الاقتصادية التي يواجهونها، بعد أن انتهى الخطاب الحماسي للنظام الذي كان يجعل من مطالب الناس وحاجاتهم المعاشية، مادة تافهة، مقابل الأخطار المحدقة بالأمة والوطن والقائد.

ولكن بعد أن أعلن النظام انتصاره على المؤامرة الكونية، ودحر المجموعات "الإرهابية"، بحسب قوله، وجد نفسه منكشفاً أمام الشعب، وعارياً من المسوغات التي كان يبررها لتجويعه، لذلك ما كاد يصدق أن قامت بأمريكا بإعادة تحريك ملف "سيزر"، حتى تلقف الأمر، وأخذ يحمل الأزمات الاقتصادية التي يواجهها، للحصار الأمريكي.. وأكثر من ذلك، بدأ يتحدث عن أزمات قادمة نتيجة لهذا القانون، لدرجة أن المتأمل في تصريحات المسؤولين وتحليلات الاقتصاديين، يعتقد بأن سوريا مقبلة على ظروف صعبة، قد لا يجد فيها المواطن ثمن رغيف الخبز.

وفي المقابل يتحدث هؤلاء المسؤولون عن إجراءات وقرارات لمواجهة الحصار المرتقب، من أجل القول للشعب السوري بأنهم يفعلون ما بوسعهم من أجله، ولكنهم بنفس الوقت يقدمون بيانات مرعبة عن واقع الاقتصاد السوري، والتي تشير بمجملها إلى أنهم لن يستطيعوا فعل شيء، وأن المجاعة قادمة لا ريب فيها.

بكل الأحوال، يدرك الكثير من المحللين والمراقبين للوضع السوري، بأن الأزمة الاقتصادية التي يعانيها النظام، لا علاقة لها بالحصار الأمريكي المرتقب، والذي هو بالأساس موجود منذ سنوات، وإنما للأمر علاقة بظروف الدول التي كانت تدعم النظام سواء بالخفاء أو بالعلن، وعلى رأسها إيران وفنزويلا والجزائر وسلطنة عمان والعراق، ومن تحت الطاولة، الإمارات.. لأن العقوبات الأمريكية المرتقبة، لن تستهدف النظام بشكل مباشر، وإنما سوف تستهدف هذه المرة، كل من يحاول دعمه، وسوف تسمح أمريكا لنفسها، بعد إقرار القانون، بضرب وإيقاف كل شحنة نفط أو غاز، تصل إلى النظام من الدول التي تفكر بدعمه. كما أن أمريكا سوف تعاقب كل شركة تسعى للدخول الى السوق السورية، والمساهمة بمشاريع إعادة الإعمار وبما يسمح بإعادة تأهيل النظام السوري.

لا نقول أننا نقف مع هذا الإجراء الأمريكي ضد النظام وداعميه، ولكننا ندرك أن نقطة خلاص هذا الشعب، تبدأ عندما يزيل نظامه، الذي لم يجلب له عبر سنوات حكمه التي تقترب من الخمسين، سوى الأزمات والتجويع، والمواجهات الخنفشارية مع الآخرين.



ترك تعليق

التعليق