أعمال شغب "اسنيورت" التي استهدفت السوريين.. لماذا؟


رغم أن الهدوء يسود الآن أجواء "اسنيورت"، في القسم الأوروبي لمدينة اسطنبول، حيث يتركز واحد من أبرز التجمعات السورية بتركيا، إلا أن الجدل ما يزال قائماً حول أسباب حوادث الشغب التي أعقبت شجاراً بين شبان أتراك وسوريين، والتي طالت ممتلكات ومحلات سورية في المنطقة.

يوم السبت الفائت (9 شباط/فبراير)، اندلع شجار، تحول إلى أعمال شغب، بين سوريين وأتراك، انتهى باعتقال ثلاثة سوريين، وجرع ثلاثة أتراك، حسب الشرطة التركية.

"اقتصاد" عمل في الأيام التي تلت الحادثة غير المعتادة، على التحري عن أسبابها، فاستطلع آراءً كثيرة، شملت 12 سورياً وتركياً، كانوا شهود عيان على بدايات الشجار، وأعمال الشغب التي تلتها.

وكان الشجار الذي أطلق أعمال الشغب، قد اندلع بالقرب من صالة للأفراح في مدينة اسنيورت. وتحدث أحد أقارب العريس، وهو سوري، عن أسباب الشجار، في تصريحات لـ "اقتصاد": "بدأ الأمر عندما تحرش 5 شبان أتراك بفتاة سورية كانت قادمة باتجاه صالة الأفراح ووصل الأمر إلى مضايقتها. شبان سوريون من أهالي العائلات التي كانت في الفرح، تدخلوا، وأقدموا على ضرب الشبان الأتراك ضرباً مبرحاً، ليقدم الذين تعرضوا للضرب على إحضار رفاقهم الذين تعرضوا للضرب مرة أخرى".

تابع المصدر: "تطور الأمر بعدها ليزداد عدد الأتراك المشاركين في الشجار، ويُقدموا على اقتحام صالة الفرح بعد أن كانت قد خلت، وقاموا بتكسيرها ومن ثم توجهوا إلى محلات السوريين التجارية في منطقة الميدان".

عدة مطاعم أبرزها "أنس" و"بوابة دمشق" و"أيام شامية"، تعرضت لتكسير الزجاج الخارجي.

المصدر أكمل: "عقب الحادثة اعتقلت الشرطة التركية ثلاثة سوريين هم عم وأخ وابن أخ العريس، بعد أن تعرض مواطن تركي لضربة بأداة حادة في الرقبة، حيث تم نقله إلى المشفى وإدخاله العناية المشددة، إضافة الى إصابة اثنين آخرين من المواطنين الأتراك".

الشرطة التركية التي استدعت تعزيزات جراء تفاقم الوضع استطاعت ضبط الأمور بعد أن قامت بتطويق المكان بشكل كامل وإغلاق مداخل ومخارج المنطقة.

"اقتصاد" استطلع رأي عدد من المواطنين السوريين والأتراك حول المشكلة، وكانت آراؤهم متشابهة إلى حد كبير، حيث أجمع الذين شملهم الاستطلاع على مسؤولية كلا الطرفين في الشجار الذي اندلع، حيث أنه لم يكن على الشبان السوريين استخدام الأسلحة البيضاء في الشجار، إضافة الى لجوئهم للعنف منذ البداية، في حين يأتي الذنب على الطرف الآخر أي الشبان الأتراك بتحويل العراك إلى حالة شغب استهدفت محلات لسوريين، لا علاقة لهم بالأمر.

الأضرار المادية التي خلفها الشجار كانت كبيرة نوعاً ما، حيث تسبب الشجار بتكسير أثاث الصالة التي أقيم فيها الفرح إضافة إلى سيارة العريس والزجاج الخارجي للعديد من المحلات السورية، إضافة إلى تعرض بعض عمال تلك المحال للضرب من قبل المتظاهرين الأتراك.

لكن الأسباب المباشرة لهذا التصعيد غير المسبوق في المنطقة، بين الأتراك والسوريين، تخفي أسباب غير مباشرة، تتعلق بردود فعل عنيفة من جانب الأتراك، تحصل قبيل كل موسم انتخابي، نتيجة تحريض المعارضة التركية، التي توحي للجمهور التركي وكأن السوريين المقيمين بينهم، يحظون بمزايا تفوق التركي، بتمويل من الدولة التركية.

وتترقب تركيا موسم انتخابات محلية في آذار/مارس القادم.

مراسل "اقتصاد" أكد انتشار هكذا إشاعات بين المواطنين الأتراك، وقد خاض بنفسه جدالاً مع مجموعة من الشبان الأتراك، كانوا يتحدثون عن دخول السوريين إلى المستشفيات دون انتظار دورهم أو حجز موعد وتلقيهم لمساعدات مالية تقدمها الحكومة التركية.

وحينما حاول مراسل "اقتصاد" التأكيد على أن مصدر الأموال هو الاتحاد الأوروبي، رفض الشبان الأتراك الفكرة تماماً، وأصروا على أن تركيا هي من تقدم المنح للسوريين.

كما ويُرجع عدد ملحوظ من الأتراك، غلاء الأسعار وارتفاع الايجارات، إلى تواجد السوريين في تركيا.

وكان وزير الداخلية التركية، سليمان صويلو، قد أكد في إحدى تصريحاته الإعلامية، أن ردود الفعل المناهضة للسوريين في تركيا،  ليست من قبيل المصادفة.

 وأشار الوزير التركي إلى أن معدلات ارتكاب السوريين للجرائم انخفضت من 2.8% في عام 2013، إلى 0.8% عام 2018، فيما تبلغ معدلات ارتكاب الجرائم بين المواطنين الأتراك 1.9%.

وفي إجابته على سؤال حول ما تصرفه الحكومة التركية من ميزانيتها على اللاجئين السوريين، أوضح صويلو أن "مصروفهم اليومي يحصلون عليه بالكامل من الاتحاد الأوروبي.. هناك من يقول إنهم يلتحقون بالجامعات دون امتحان ويُعالجون في المشافي دون أن يضطروا إلى انتظار دورهم أو يحصلون على منازل من شركة توكي لبناء المنازل السكنية، كل ذلك محض أكاذيب تروج لها حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي على الأخص".

وتحتضن تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين، يتجاوز تعدادهم 3.5 مليون سوريّ، خُمسهم يعيشون في اسطنبول، وذلك حسب إحصائية رسمية تركية، صدرت في حزيران/يونيو من العام 2018.


ترك تعليق

التعليق