لماذا تختلف أسعار الدواء بين صيدلية وأخرى في إدلب؟


تعيش المناطق المحررة في الشمال الغربي من سوريا، وبالأخص، مدينة إدلب، ظاهرة تثير استياء الكثير من السكان، وهي تضارب أسعار الأدوية، واختلافها بين مكان وآخر، وبين صيدلية وأخرى.

"اقتصاد" حاول التقصي عن أسباب هذه الظاهرة، فأجرى جولة موسعة على بعض الصيدليات. وكانت بداية جولاتنا مع صيدلية في وسط مدينة إدلب، حيث حدثنا الصيدلي، عن أهم الأسباب التي تجعل سعر الدواء يختلف ويرتفع في بعض الأحيان. وأكد صاحب الصيدلية أن هنالك عدة أسباب من أهمها، اختلاف مصادر توريد الدواء ضمن مناطق المحرر، إذ أن كل مستودع يبيع بسعر مغاير للباقي.

ومن الأسباب، وجود صيدليات لا تحتوي على صيدلاني، مما يجعل البيع حر، ولا أحد يلتزم بالسعر التقريبي لعلبة الدواء. ناهيك عن عدم توحيد نسبة الربح أي (نسبة الإضافة) بين الصيدليات، وأجور النقل التي تختلف من مكان لآخر، فإن كان المستودع المُورد للدواء داخل مدينة إدلب فلا يوجد هناك أجور، أما إن كان في الريف ومن باقي المحافظات السورية، فهنا تضاف أجور مختلفة على حسب نوع الدواء.

كما أن أغلب مستودعات الأرياف لا تحوي صيدلاني وغير مرخصة قانونياً، وهذا الشيء يؤدي إلى عدم وجود خبرات في بيع الدواء بسعره الطبيعي، كما أن بعض هذه المستودعات، لا تلتزم بتطبيق شروط الفتح، والتي تنص على معايير للتخزين.

وأضاف الصيدلاني أن تقلب سعر صرف الدولار من الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع بشكل ملحوظ، لأن بعض الأدوية مستوردة وسعرها يحدد بالدولار.

وأشار المصدر إلى وجود صيدليات تعتمد مبدأ المساومة في عملها، كأسلوب منها لاستدراج الزبون وزيادة نسبة المبيعات دون المحافظة على نسبة الأرباح المشروعة للصيدلي.

كما وتوجد مستودعات أدوية تطرح عروض استجرار كبيرة تناسب الصيدليات مرتفعة الدخل أو المبيعات، وبهذه الحالة تعتمد الصيدليات مرتفعة الدخل على سحب هذه العروض والحصول على حسم مقدم من المستودع يُمكّن الصيدلية من تخفيض سعر الدواء دون الأخذ بعين الاعتبار الصيدليات منخفضة الدخل التي لا يمكنها سحب هكذا عروض كبيرة وبالتالي يختلف السعر تلقائياً بين صيدلية وأخرى.

وفي نهاية حديثه، أكد الصيدلاني على ضرورة تفعيل دور نقابة الصيدليات وفرض شروط تجعل الكل يلتزم بها.

وفي لقاء مع صيدلانية تعمل في مدينة إدلب، اعتبرت المصدر أن الإتاوات التي تفرضها حواجز النظام التي يمر منها الدواء، تضطر المستودعات لرفع سعر الدواء مما يجعله مختلف في بعض الصيدليات.

 وخصت الصيدلانية بالذكر، حواجز العاصمة دمشق والتي تسيطر عليها الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري التابعين لشقيق رأس النظام، ماهر الأسد، والتي تفرض إتاوات على كل سيارة تمر عبرها، متجهةً نحو الشمال السوري المحرر.

كما أشارت إلى أن سعر الدواء يختلف أيضاً حسب الشركة المصنعة، فيكون الدواء بنفس المفعول، لكن باسم آخر، لشركة أخرى، وبالتالي، له سعر مختلف.

وفي نفس السياق، تحدثت الصيدلانية عن نسبة الأرباح التي كانت محددة زمن سيطرة النظام بهامش 20%. أما اليوم، فهذه النسبة حرة، وكل صيدلية تبيع بما يناسبها، وأغلب الدواء المعروف والمستهلك لا تزيد نسبة الربح عليه عن 30%، ولكن هناك دواء قليل ونادر ممكن أن تتجاوز نسبة الربح فيه 200% على حسب توفره.

وأكدت أيضاً على كثرة الصيدليات في المدينة، والتي لا تراعي شروط مسافة الأمان بين كل صيدلية والأخرى، والتي كانت محددة في عهد سيطرة النظام بشكل دقيق.

وعقّبت أيضاً: "في هذه الأيام يتخرج الكثير من الشباب والشابات وأغلبهم يفتحون صيدلية، دون مراعاة لشروط ممارسة هذه المهنة، ممل يجعل الأمر أكثر تعقيداً، فيما يخص الالتزام بمعايير الصحة والسلامة ونسبة الأرباح".

وتابعت كلامها عن دور نقابة الصيادلة، "إنها لم تعمل بالمستوى المطلوب لأخذ إجراءات صارمة بحق المخالفين وضبط الأمور".

وفي استطلاع شمل سكاناً في إدلب، قالت سيدة كانت تشتري الدواء أثناء حديثنا معها: "أنا أـشتري دوائي من هذه الصيدلية ولا أشعر بأي مشكلة، لأني لا أشتري سوى من هذه الصيدلية".

وتحدثنا مع رجل مسن في العمر، قال إنه يعاني من الضغط ومرض القلب، مشيراً إلى دواءٍ محددٍ يواظب عليه، مشيراً إلى أن ثمن العلبة يرتفع أحياناً فوق الـ  100 ليرة أو ينقص 50 ليرة، بحسب كل صيدلية، "ولكن هذا الفرق لا يعد كبيراً بالنسبة لي".

وفي نهاية جولتنا قال بعض من تحدثنا إليهم من سكان المدينة، إن الوسيلة المثلى لمواجهة هذه الظاهرة، هي عبر فرض ضوابط مشددة، تُطبق على الجميع، بصورة تسمح باستقرار العمل وانضباطه، ليس فقط في مهنة الصيدلة، بل في مختلف المهن والقطاعات الاقتصادية.



ترك تعليق

التعليق