العودة إلى مساوئ ما قبل العام 2011


كل ما ثار عليه الشعب السوري في العام 2011، يحاول النظام حالياً التمسك به، وترسيخه بصورة قهرية، الهدف منها إيصال رسالة بأنه على استعدادٍ للانحناء للجميع، لكنه لن ينحني لشعبه وسوف يحكمه بالطريقة التي تعجبه ولن يغير من أسلوبه وطريقته.
 
ومن يراقب تحركات النظام في الآونة الأخيرة وقراراته وأنشطته، لا بد أن يلحظ عودة راسخة لما قبل العام 2011، عندما تحولت الدولة برمتها إلى خادم مطيع لطبقة بعينها، وهي طبقة رجال الأعمال، مقابل تجاهل متطلبات الفئة الأوسع من المجتمع التي وعد مراراً وتكراراً بتحسين ظروفها المعيشية.

هذا التحول يمكن قراءته من خلال قرار رئيس الحكومة عماد خميس بتخصيص يوم الأربعاء من كل أسبوع، للقاء رجال الأعمال من صناعيين وتجار، وحل جميع المشاكل التي تعترضهم، وتقديم التسهيلات لهم في كل ما ينوون العمل به.

وقد بدأت نتائج هذا اللقاء تتضح، عبر مجموعة من القرارات التي تم اتخاذها مؤخراً، والتي سمح بموجبها النظام للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية لمنشآته، ما يجعله بعيداً عن الأزمات التي تعصف بالمجتمع.

الكثير من المتابعين يخشون أن يؤدي هذا القرار إلى خلق طبقة برعاية حكومية، تتاجر بالمشتقات النفطية في ظل الظروف الحالية التي يعاني فيها الشعب السوري من نقص في هذه المادة، ويضطر لشرائها أحياناً من السوق السوداء بأكثر من ضعف سعرها الرسمي، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى مضاعفة أرباح هذه الطبقة.
 
أما القرار الآخر الذي اتخذه النظام مؤخراً، ويخدم طبقة محددة من المجتمع، فهو زيادة الدولار الرسمي المخصص للمستوردين إلى الضعف، وهو قرار سوف يؤدي إلى الضغط على الليرة السورية بشكل أكبر ومن ثم سوف يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، الذي سيتحمل عواقبه الطبقات الفقيرة في المجتمع.

وعلى مستوى آخر، فإن حملة النظام التي أطلقها قبل نحو الشهر على التهريب، إنما المستفيد الأكبر منها، هم رجال الأعمال والصناعيين، نظراً لأن التهريب كان يساهم بتأمين الكثير من حاجات الناس المعاشية بأسعار مخفضة، بينما حالياً فإن التجار والصناعيين هم من سيتحكمون بالأسواق والأسعار وفقاً لأهوائهم، في ظل غياب أي منافس لهم.

وعلى صعيد ثانٍ، فإن المشاريع التي أطلقها النظام حتى الآن، وبالذات العقارية، هي لا تخدم سوف طبقة التجار ورجال الأعمال، مثل مشروع "ماروتا سيتي" ومشروع تنظيم منطقة القابون، وغيرها من المشاريع السياحية، التي لا تهم المواطن السوري البسيط، المشغول طوال اليوم بتأمين حاجاته الغذائية، دون طائل.

ترك تعليق

التعليق