النظام وجمعياته السكنية.. 600 ألف مكتتب، ومليارات الليرات المهدورة


التدمير الممنهج لبنية المجتمع السوري بدأت قبل أن تُغير طائرات الأسد على المدن السورية وتدمرها ومن ثم تشتت أهلها وتجعلهم رهن عراء أبدي، وتعود في بدايتها إلى عقود قبل المجزرة الكبرى عندما لم يعد أمام الدمشقي إلا أن يبيع بيته في قلب المدينة ليشتري به ما يؤمن حياة أسرته التي تكبر، وهنا جاء دور الجمعيات السكنية التي كانت تديرها أجهزة الأمن وعصابات تجار العقارات لتسرق ماله وبيته.

عقارات دمشق الباهظة

ارتفعت أسعار العقارات في العاصمة بشكل مرعب حيث صنفت دمشق كأغلى المدن بعد واشنطن وطوكيو، ولم يعد باستطاعة أبنائها أن يتملكوا فيها، وباتت فقط للميسورين من الأثرياء الجدد من التجار المحتكرين والضباط، وهذا ما دعا الدمشقيين إلى التفكير بمغادرتها حيث الضواحي الأرخص، وهذه كانت أولى خطوات إفراغها من أهلها الأصليين.

الضواحي الجديدة في جرمانا وقدسيا وحرستا وداريا باتت مقصد أهالي المدينة الباهظة، وصار بإمكان من يملك بيتاً في قلب العاصمة أن يبيعه ويشتري بثمنه ثلاثة بيوت تسمح له بتزويج أولاده وتأمين سكن جيد لهم.

ونشطت في تلك الآونة المشاريع الجديدة والضواحي السكنية التي رعتها مؤسسات النظام من الاسكان العسكري والإنشاءات لتكون المطب المخيف الذي ابتلع أموال الناس على أمل أن يستلموا بيوتاً لم يكتب لهم رؤيتها بعد أن تم تعهيد هذا المشاريع لآل شاليش وسواهم من أقارب الأسد الأب، وهذا ما حصل للمكتتبين في ضاحية الأسد بحرستا في مشاريع سكنية بقيت على (العظم) قرابة 20 عاماً.

أرقام

الخبير العقاري، عمار يوسف، قال لصحيفة تشرين الموالية إن أكثر من 600 ألف مكتتب في الجمعيات السكنية في مهب الريح: "ومنهم من لم يستلم مسكنه أو لم يعد قادراً على استعادة مدخراته، إضافة لوجود مئات آلاف المواطنين الذين ذهبت أحلامهم أدارج الرياح، نظراً لعدم قدرة قطاع التعاون السكني على تأمين السكن المناسب للمواطن".

الخبير المذكور تحدث عن مصير مأساوي لهؤلاء الذين باتوا بدون بيوتهم والبيوت التي حلموا بها لأبنائهم: "عدد المشاريع المسلمة والمساكن التي استفاد منها المواطنون خلال السنوات العشر الماضية تعد على أصابع اليد الواحدة، وهنالك العديد من الشكاوى المنظورة أمام الجهات الوصائية والرقابية على مجالس إدارة الجمعيات وهي شكاوى مجمدة لأسباب معروفة من ادعاء قلة الكادر والانشغال بأمور أهم وأسباب غير معروفة متعلقة بالفساد الذي ينال تلك الجهات الرقابية".

المليارات المفقودة

الخبير العقاري تحدث أيضاً عن مصير مليارات الليرات التي دفعها المواطنون لقاء أحلام ضائعة، ولا أمل في استردادها لإفلاس الجمعيات وعدم قدرتها على اكمال مشاريعها: "هنالك مليارات الليرات التي دفعت من جيوب المواطنين المكتتبين لدى تلك الجمعيات وهي في حكم المفقودة، إذ لا إمكانية لدى الجمعيات لإعادتها للمدخرين وليست لديها النية في بناء المساكن لهم بدعوى أن صندوق الجمعية فارغ.. فأين ذهبت تلك الأموال؟".

الجميعات أيضاً تلاعبت حتى بمواصفات الأراضي التي اشترتها لأجل هذه المشاريع: "هنالك عدد كبير من الجمعيات تم تخصيصها بأراض وبدأت مشروعاتها منذ عشرين عاماً وإلى الآن لم تسلم أي شقة لمكتتبيها، هنالك العديد من الجمعيات السكنية التي قامت بشراء أراض غير قابلة للبناء عليها".

ابتزاز متواصل

الأدهى أن المواطنين ما زالوا يتعرضون للابتزاز من هذه الجمعيات: "هنالك العديد من الجمعيات التي لم يزل أعضاء مجالس إدارتها يبتزون المكتتبين حتى الآن، من خلال المطالبة الدورية لهم بمبالغ تحت اسم فرق أسعار وإعادة حسابات الجمعية".

مصير مجهول

وفي ظل اعترافات دوائر بحثية من قلب النظام بحجم الكارثة لا بد من الذهاب أبعد من تلك الاعترافات في تصور هول الكارثة التي حلت بالشعب السوري فهو لم يخسر فقط أمواله وبيوته ولكنه خسر أكثر من ذلك، أولئك الذين كانوا سيسكنون البيوت ويبنون أجيالاً جديدة صارت في مهب التهجير واللجوء.

ترك تعليق

التعليق