مؤتمر المانحين في بروكسل: "ساعد السوريين لكن لا تدعم بشار الأسد"


في بروكسل، يناقش المجتمع الدولي تقديم مساعدات للمحتاجين من السوريين. وفي الوقت الذي أبدت فيه أوروبا استعدادها لدعم  السوريين إنسانياً، إلا أنها لا تريد أن يستفيد نظام بشار الأسد من هذه المساعدات.

وقالت مجلة "دير شبيغل"الألمانية، إنه بعودة نصب تمثال حافظ الأسد صباح يوم الأحد في مدينة درعا، أراد بشار الأسد، إلى جانب الاحتفال بنصره، إيصال رسالتين رمزيتين، مفادهما أن الثورة السورية أصبحت من الماضي، وأنه في ظل نظامه لا يوجد مكان للإصلاح السياسي، حيث يمكن قراءة إعادة التمثال على أنها رسالة تشير إلى أن عائلة الأسد وأتباعها هي من تملك الكلمة في سوريا في المستقبل، وأنه ليس على أحد أن يفكر بزوال ثقافة "عبادة الحاكم" من البلاد.

ووفق ترجمة قام بها "اقتصاد"، قالت المجلة إن إعادة تمثال الدكتاتور السابق (المتوفى عام 2000)، جاءت قبل ذكرى الثورة السورية بأيام قليلة، والتي كانت شرارتها في درعا، بعد اعتقال عدة أطفال، وتبع ذلك قيام المتظاهرين بتحطيم تمثال كبير لحافظ الأسد، كإشارة منهم على ازدرائهم  للأسرة الحاكمة.

وتابعت المجلة بالقول إنه بينما كان أنصار النظام يحتفلون بكشف الستار عن التمثال الجديد للدكتاتور السابق، انطلقت مظاهرة على بعد بضع مئات من الأمتار جنوبي المدينة، ضمت مئات الأشخاص احتجاجاً على الاحتفال بالتمثال وتنديداً باعتقال من كانوا من الثوار المقاتلين، وضد السوق الإلزامي للشبان إلى الخدمة العسكرية في جيش النظام.

روسيا تمارس ضغوطاً من أجل إعادة الإعمار

لقد كانت المظاهرة الأخيرة هي الأكبر في درعا، منذ أن سيطر النظام السوري عليها في تموز/يوليو 2018، بعد أن توسطت روسيا في اتفاق يسمح للمجموعات المتمردة السابقة بالاحتفاظ بالسيطرة على الجزء القديم من المدينة - حيث قامت المظاهرة الأخيرة – على أن يبني جيش النظام نقاط تفتيش حول المنطقة، دون أن يتقدم باتجاه المتمردين.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي ينفق فيه النظام السوري المال على التماثيل التي تمجد العائلة الدكتاتورية، يبدو النظام عاجزًا عن تزويد المواطنين بالطعام والكهرباء والمياه النظيفة، فوفقاً لمنظمة الأمم المتحدة، يعتمد 11,7 مليون شخص في سوريا على المساعدات الإنسانية، ويعيش الثلثين منهم في مناطق خاضعة لسيطرة النظام.

ويوم الثلاثاء، بدأ مؤتمر للمانحين من أجل سوريا لمدة ثلاثة أيام في العاصمة البلجيكية بروكسل، بحضور ممثلين عن مختلف منظمات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول جوار سوريا والعديد من منظمات الإغاثة، وسوف يقدمون المشورة بشأن المساعدات للاجئين داخل سوريا وفي البلدان المجاورة (6.2 مليون سوري نازح في الداخل، و5.6 مليون سوري فروا إلى الخارج منذ عام 2011).

وبالإضافة إلى المساعدات الطارئة، من المرجح أن تكون الخطة طويلة الأجل لسوريا على هامش المحادثات، حيث أن روسيا سعت في الفترة التي سبقت المؤتمر إلى ممارسة ضغوط هائلة على دول الاتحاد الأوروبي - وخاصةً ألمانيا - من أجل الحصول على تمويل من أجل إعادة إعمار سوريا، ومن ثم – بحسب إدعائها -تمكين اللاجئين السوريين من العودة إلى وطنهم.

لكن الاتحاد الأوروبي قرر أنه لن يساعد في إعادة إعمار البلاد إلى أن يكون هناك انتقال سياسي شامل وحقيقي، وعلى الرغم من أن ذلك لا يلوح في الأفق المنظور، إلا أن إيطاليا والنمسا والمجر أرسلوا إشارات على استعدادهم لتطبيع علاقاتهم مع نظام الأسد.

النظام السوري يعوق عمل منظمات الإغاثة

وبحسب الصحيفة، فإن منظمات الإغاثة تشكو أمام مؤتمر بروكسل من معضلة تواجه عملها، والمتمثلة بأن كل يورو يتدفق إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام يساهم في دعم ديكتاتورية الأسد.

وفي ظل اعتماد ملايين السوريين على المساعدات الخارجية، ذكرت منظمات الإغاثة مثل "أوكسفام" والمجلس النرويجي للاجئين أن النظام يرفض أو يؤخر الوصول الحر إلى الكثير من المناطق المنكوبة، واشتكت شخصيات من المعارضة السورية من أن وكالات الأمم المتحدة قد اضطلعت بوظائف الدولة في مناطق النظام، ما سمح للنظام بتركيز موارده على إعادة السيطرة على آخر المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وتأكيداً على ما سلف، قام جيش النظام بدعم من الجيش الروسي بتكثيف هجماته على محافظة إدلب في شمال سوريا، في الأيام القليلة الماضية، وفي نهاية الأسبوع وحده، قتل أربعة مدنيين في غارات جوية في المنطقة، ومنذ بداية العام الحالي أحصى الأطباء ما لا يقل عن 116 من القتلى المدنيين.

وختاماً، نوهت مجلة "دير شبيغل" إلى أنه في أيلول/سبتمبر الماضي كانت تركيا وروسيا قد اتفقتا على إنشاء منطقة لخفض التصعيد في إدلب، وعلى الرغم من ذلك فإنه منذ ذلك الحين أحكم جهاديو هيئة تحرير الشام (المصنفة كميليشيا إرهابية) سيطرتهم في إدلب، ما دفع موسكو لمطالبة أنقرة أكثر من مرة باستثناء الإسلاميين من اتفاق وقف القتال، مع تلويحها بإعادة الاستيلاء على المنطقة باستخدام العنف.

ترك تعليق

التعليق