احتيال على سوريين تحت عنوان "إعادة التوطين" في مصر


في ظل غياب حل قريب يلوح بالأفق للقضية السورية يبقى إعادة التوطين حلماً وربما حلاً لكثير من السوريين المقيمين في مصر، والمسجلين لدى مفوضية اللاجئين، ولأنه كما يقال بالمثل الشعبي (الغريق بيتعلق بقشة) نتج عن ذلك انتشار أِشخاص وأحياناً شبكات احتيال تدعي قدرتها على المساعدة بإعادة التوطين وتستغل حاجة هؤلاء الناس للتكسب المادي في معظم البلاد التي لجأ إليها السوريون منذ عام 2011.

أثر سلبي لوسائل التواصل الاجتماعي
 
البيئة الحاضنة لمثل هذه الظواهر هي مجموعات التواصل الاجتماعي التي تضم أعداداً كبيرة من السوريين وهذا ما حصل في مجموعة تضم آلاف السوريين في مصر.

 وبدأت القصة بمنشور لشخص باسم حقيقي دون صورة شخصية ويتضح من خلال تصفح صفحته الشخصية، كما كتب، أنه سوري، وأنه "دكتور" كان يعمل بمفوضية اللاجئين بجنيف وترك العمل (كما يدعي).

في منشوراته التي اصطاد بها ضحاياه على هذه المجموعة بدأ الترويج لنشاطاته بالإشارة إلى أن الاستفسارات مجانية حول كل ما يخص اللجوء بأنواعه، بدءاً بلم الشمل، وصولاً للمساعدات الغذائية والمالية المقدمة من مفوضية اللاجئين، ليتفاعل معه السوريون بعشرات التعليقات والأسئلة.

تحدث "اقتصاد" إلى بعض السوريين الذين وقعوا ضحية الشخص المُشار إليه. وقد حدثتنا "سميرة"، وهي سيدة سورية لديها طفلين وزوجها في ألمانيا منذ ثلاث سنوات، ورفضت السفارة الألمانية بالقاهرة منحها موافقة لم الشمل. "أبحث عن أي طريقة أو مساعدة للالتحاق بزوجي بعد أن رفضتنا السفارة الألمانية، شاهدت المنشور وعلقت عليه عن حالتي فأجابني بخطوط عريضة وأنه لمزيد من التفاصيل طلب مراسلته على الخاص، تواصلت معه وعرفني عن نفسه أنه كان محامي لدى مفوضية اللاجئين في جنيف وأن  هناك لجنة محامين بالمفوضية هناك، وهي من تقوم بترشيح الملفات ويمكن أن يقوم هو بالاتصال بهم لمساعدتي بعد أن أرسل له مقابل أتعاب لهؤلاء المحامين على حساب بنكي يحدده  ليبدأ بالعمل. عندها اتضح لي أن ما يقوم به هو استغلال بحجة المساعدة وليس لدي إمكانية مادية لأرسل له أي مبلغ وهنا توقف تواصلي معه".

شخص آخر، "حسام"، حدثنا عن تجربة مشابهة: "لدي طفل بحاجة لعملية لا يمكن إجراؤها في مصر. تواصلت مع المفوضية ولم يساعدوني بخصوص ترشيح ملفي للسفر، وبعد أن شاهدت منشورات هذا الشخص الذي يدعي أنه دكتور تواصلت معه وأخبرني أنه يمكنه مساعدتي وعليّ تجهيز أوراق ابني وما يثبت تسجيلي بالمفوضية على أن أحول له مبلغاً يصل لآلاف الدولارات التي لا أملك منها شيئاً. ولم أدفع له شيئاً. ولكن من خلال محادثتي مع أصدقائي علمت أن بعض الأشخاص قد حولوا له فعلاً مبالغ مادية على حسابه البنكي على أمل أن يساعدهم، والآن يرد عليهم أن يصبروا قليلاً لكثرة الطلبات التي وردته وأنه سيعمل عليها لاحقاً، علماً بأن كل تواصل الناس معه على صفحته الشخصية على فيسبوك، وبالتالي عند اغلاقها لن يستطيع أحد الوصول إليه واسترداد ما دفعه".

الرأي القانوني
 
لمعرفة الرأي القانوني بهذه الحالة والحالات المشابهة، تحدث "اقتصاد" إلى المحامي المصري، عصام حامد، محامي هيئة "كير" الإغاثية، والذي حدثنا "أؤكد أن مثل هذه الحالات هي عبارة عن حالات نصب واستغلال لحاجة السوريين عبر بيع الوهم لهم، وقد تكررت هذه الحالات كثيراً بالسنوات الماضية وبذات الأسلوب وللأسف مازال الكثيرون يقعون ضحية لمثل هذه العملية وفي كل مرة نقول إن التوطين والترشيح له يتم عبر مفوضية اللاجئين والمنظمات الشريكة لها حصراً، وهذه العملية مجانية والملفات ترشح بحسب المعايير التي تحددها مفوضية اللاجئين".

ويكمل حامد: "للأسف هذه العملية تتم عبر مجموعات التواصل الاجتماعي من بعض ضعاف النفوس واللوم الأول يقع على أدمن هذه المجموعات الذين يسمحون بنشر هكذا منشورات على المجموعات التي يديرونها، والتي تضم الآلاف".

ويختم حامد: "وكما قلت سابقاً ليست هذه الحالة الأولى ولن تكون الأخيرة فمنذ فترة وجيزة وعلى مجموعة أخرى نشر أحدهم منشوراً يدعي فيه تقديم مساعدة مادية للنساء الأرامل، وتبين أنه استخدم هذه الحجة للتعرف على سيدات واستغلالهن، وكذلك يوجد عدة منشورات تتضمن إعلانات عن عمل لسيدات حصراً لا يتم فيها ذكر اسم ولا عنوان الشركة التي تطلب العمل ومرفق فقط رقم هاتف، ولدى الاتصال بصاحب المنشور يتضح أيضاً أن هدفه الإيقاع بهؤلاء السيدات ولا يوجد فرص عمل. ولذلك أحذر أخوتنا السوريين وبخاصة السيدات من هذه المنشورات وكذلك أدعو الآدمن في مجموعات السوريين للتحقق والتثبت من كل منشور قبل نشره فهذه مسؤولياتهم طالما يتم استغلال الناس من خلالهم".

ترك تعليق

التعليق