ثلاث طرق للحصول على جرة الغاز في دمشق


مع غياب الحلول الحقيقية لأزمة الغاز المستفحلة في مناطق سيطرة النظام بات على السكان "تدبير أنفسهم بأنفسهم"، كما يقول البعض. إذ لا يمكن الاعتماد على الحلول التي يقدمها النظام، والتي تبقى غير كافية في ظل أزمات لا تنتهي يعيشها آلاف المقيمين تحت سيطرته. وإن كانت جرة الغاز هي الأهم في الوقت الحالي.

الطريقة النظامية للحصول على الغاز هي الوقوف ضمن "طوابير طويلة لا يعرف لها بداية أو نهاية". -يقول سالم أحد سكان مدينة دمشق- ويضيف لـ "اقتصاد": "مع حلول المساء من كل ليلة يبدأ توزيع جرار الغاز ضمن دور طويل. معظمنا يصطحب جرته ودفتر العائلة للتسجيل ضمن قائمة التوزيع". داخل الطابور، تنشب الصراعات والاقتتالات وتختلط الشتائم البذيئة بأصوات موزعي الغاز وهم ينادون على الحضور.

التسعيرة الحكومية لجرة الغاز 2800 ليرة لكن لا أحد يلتزم بها بحجة عدم وجود (الفراطة). ولا يحصل الجميع على جرات مليئة. وربما ينتظر السكان عدة أيام، يأتون كل ليلة للاصطفاف في الطابور، على أمل تبديل جراتهم الفارغة بأخرى مليئة.

من مقدمة هذا الطابور تبدأ حكاية جديدة لتجارة الغاز في السوق السوداء. لا يمكن لأي من مسؤولي التوزيع تجاهل ذوي البدلات المموهة من ضباط وصف ضباط وعساكر الذين يقفون في المقدمة. هؤلاء -بحسب "أم أيمن" التي تواظب يومياً على حضور التوزيع- يحصلون على الجرات المليئة قبل جميع المدنيين. تقول أم أيمن لـ "اقتصاد" إن العساكر ما إن يحصلوا على جرات الغاز حتى يعرضوها للبيع في السوق السوداء. يصل سعر الجرة 10 آلاف ليرة. ويضطر المدنيون لشرائها بهذا السعر المرتفع نظراً لصعوبة حصولهم عليها ضمن الدور الذي لا ينتهي لكثرة الأسماء المسجلة في القوائم.

عند زيارته لمنزل شقيقته في جديدة عرطوز يحمل "أبو وليد" جرة الغاز الفارغة الخاصة بأخته ويضعها في (طبون) السيارة مع أمتعته الخاصة. "أبو وليد" الذي يعمل على خط دمشق-لبنان اعتاد على تهريب جرار الغاز من سوريا بهدف تعبئتها في لبنان ثم إعادتها إلى أصحابها بمبلغ 6 آلاف ليرة عن كل جرة. تعتبر هذه الطريقة مكلفة مقارنة بالتسعيرة الحكومية لكنها أسهل وأرخص ثمناً من السوق السوداء ولا تحتاج للوقوف ساعات وربما ليال في طوابير طويلة في ظل البرد القارس. على الطريق تحدث بعض المتاعب المتعلقة بتمرير الجرار تذلل جميعها بدفع الرشاوي أو بـ "تبليع النقود" بحسب التعبير الذي ينطق به "أبو وليد".

يحاول السكان في مناطق النظام السيطرة -قدر الإمكان- على أزمة الغاز. وعلى الرغم من كافة الوسائل التي يتخذونها للخلاص؛ تبقى هذه الأزمة جاثمة على صدورهم. فلا يزال الكثير منهم يستعملون سخانات الكهرباء -للطبخ- أو البابور العامل على الكاز، وذلك بعد تأكدهم من استحالة تبديل جرارهم الفارغة بأخرى مليئة.

ترك تعليق

التعليق