القتل البطيء في حمص بالغازات السامة.. هل سيكون الروس أرحم؟


تعاني مدينة حمص وريفها وقراها الواقعة على امتداد النهر الكبير الجنوبي ونهر العاصي وبحيرة قطينة، من تلوث يفوق الوصف، حيث أصبح كل من نهر العاصي وبحيرة قطينة بؤرة تلوث خطيرة.

فمخلفات الصرف الصحي ومغاسل ومشاحم السيارات اليوم، تُلقى في النهر الكبير الجنوبي، والأخطر منها ورش تفكيك بطاريات السيارات التي تلقي مخلفاتها وسمومها فيه دون رقيب أو حسيب.

ولا يخفى على أحد أن ما تخلفه مصفاة حمص من مواد سامة وزفت وقطران، تُرمى كلها في نهر العاصي، ويمكن لعود ثقاب واحد أن يشعل حمص بزنار نار يمتد على طول نهر العاصي، بالإضافة لمياه معامل المدينة الصناعية في "حسياء" الملوثة بالمواد الكيميائية التي تمر في القصير وتصب في مياه العاصي.

نهر العاصي الذي يروي البساتين والخضار ويرفد المياه الجوفية، خارج اهتمامات النظام وحكومته، فعلى هذا الحال خلال فترة قصيرة ستصبح حمص وقراها بلا زراعة، فهل هذا الأمر مقصود أم هي لا مبالاة كما جرت العادة في دولة النظام الطائفية؟!

التلوث البيئي آخر اهتمامات النظام وحكومته

أصبحت مشكلة التلوث أكبر اليوم.- وكمثال- من معمل السماد الأزوتي الموجود عند بحيرة قطينة، حيث كل مخلفاته تُرمى في بحيرة قطينة وساقية "الغماية" التي تسقى بهما بساتين حمص، الأمر الذي أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة بكثرة ولاسيما أمراض السرطان والربو المزمن وأخيراً مرض التهاب الكبد الذي أصاب عدداً كبيراً من أطفال حمص وقراها بنسب لا يقبلها العدو قبل الصديق. ولم تصحو حكومة النظام من غيبوبتها أو تحرك ساكناً لتجد حلاً لتفادي هذه المشكلة الكبيرة. وكالعادة اكتفت مديرية الصحة بالتحذير إلى ضرورة غسل الخضار جيداً وتعقيمها قبل تناولها.

مناشدات الأهالي.. ولكن "ادن من طين وادن من عجين"

ناشد أهالي قطينة حكومة النظام عن طريق المحافظة ومجلس الإدارة المحلية والمؤتمرات الحزبية، للنظر إلى وضعهم نتيجة الغازات السامة التي يستنشقونها يومياً.. ولكن كيف لحكومة النظام أو مجلس مدينة حمص أن يفكروا بحل لهذه الكارثة التي تجتاح حمص؟!.. فالمحافظة والمجلس المحلي مثلهم مثل النظام وحكومته وأعضاء مجلس الشعب "آخر اهتماماتهم شكاوي الشعب ومطالبه"، كما يُعلّق "مصطفى"، الحمصي المغبون.

الوضع الصحي في قطينة اليوم سيء جداً، وقد صرحت عنه صحيفة تشرين التابعة للنظام بعد حالات الإغماء الشديدة التي أصابت الأهالي نتيجة التلوث الخانق الناتج عن مفرزات معامل الأسمدة الثلاثة القريبة من القرى الزراعية المطلة على بحيرة قطينة.

يعزي "محمود"، وهو فني يعمل لدى معمل السماد الأزوتي، سبب كثافة الغازات المنتشرة، لغياب وسيط التفاعل، حيث كما قال إنه يتم التشغيل من دون وسيط التفاعل مما يخفض نسبة الإنتاج إلى 5% أي أن نسبة الهدر 95%، إضافة لسوء الحالة الفنية للآلات حيث يعتبر التشغيل بهذه الظروف جريمة بيئية واقتصادية.

أهالي قرية قطينة يطالبون حكومة النظام بتوقيف المعمل ونقله إلى الصحراء ومناطق جرداء غير مأهولة أو إلى جوار المناجم، فالمعمل هَرِم ببنائه وأقسامه وآلاته، والأرض التي عليها المعمل، أصبحت هشة من كثرة المواد الكيميائية.

أما "وائل" من أهالي قرية قطينة فيعلق قائلاً: "بيكفينا تلاتين سنة عم يرشونا بالكيماوي وغير مبالين، المسؤولين دايرين عالسرقة والنهب من الصيانة والمبيعات".

وعلق "أبو نورس" قائلاً: "الظاهر انه الدولة وحكومتها بتشغيلهم للمعمل وبثه لكل هذه الغازات السامة على الأهالي يقتلوننا عالبطئ".

وأخيراً.. هل المحتل سيكون أفضل؟

مع إعلان استثمار الروس لمعمل السماد الأزوتي في حمص، أعلنت الشركة العامة للأسمدة بحمص بتاريخ 21 شباط/فبراير 2019 عن إعادة إقلاع معمل سماد اليوريا في الشركة العامة للأسمدة بحمص بطاقة إنتاجية (900 - 1000) طن يومياً بعد توقفه عام 2018.

ومع استلام الروس لمعمل السماد الأزوتي أصبحت هناك وعود أكيدة بإصلاح المعمل وصيانة أقسامه (معمل الكانترو - معمل الأمونيايوريا - معمل ال TSP الذي يقوم بصهر مادة الكبريت) إضافة إلى الوعود بتنظيف بحيرة قطينة.

فهل الروس سيرحمون أهالي حمص من انبعاث الغازات السامة؟ أم أنهم جاؤوا لمضاعفة الإنتاج وملء سماء حمص بالغازات السامة أضعاف مضاعفة مما هي عليه الآن؟

الروسي الذي أعلن تجريب أكثر من 300 سلاح جديد على رؤوس السوريين ومنازلهم وأطفالهم.. لن يكترث بصحتهم أو مطالبهم.. فالسوري بالنسبة لهم، فأر تجارب لا أكثر.


ترك تعليق

التعليق