استثمار شاطئ طرطوس.. في قبضة أعوان الأسد


كلّ شيء رائع على الورق والمخططات، وما يحتاجه المواطن الفقير تمّ رسمه وتحديده بدقّة، وعلى أرض الواقع يختلف كل شيء، ومجلس مدينة طرطوس يتجاهل ويتساهل ويقبض.

خططت محافظة طرطوس لكي تجعل من شاطئها مرتعاً سهل المنال والوصول بالنسبة للفقراء، ولكن بعد التّنفيذ والتّعاقد مع رجال الأعمال والمستفيدين من عملاء نظام الأسد، أصبح لزاماً على المواطن أن يصطحب معه كرسياً ليجلس عليه، لأنّ كل الكراسي التي كان من المفترض وجودها ليجلس عليها ويتمتّع بمنظر البحر قد تحوّل مكانها إلى أكشاك أو مقاهي، أو تمّت إزالتها أو بقيت هياكل معدنية للإعاقة.



قال المهندس "علي - ع" بكلّ وضوح لـ "اقتصاد": "نعيش في القرن الخامس والعشرين من حيث الغلاء بالنسبة لمن يرغب الجلوس في المقاهي التي لا يدفع أصحابها إلا تراب الفلوس كبدل إيجار للمحافظة، ونعيش في القرون الوسطى بالنسبة للخدمات التي تقدمها أفقر دول العالم لمواطنيها للتخفيف عنهم من ضغط الحياة".

وأضاف: "لا مكان للجلوس ولا مكان للوقوف، فكل الأماكن مشغولة من قبل المخبرين والمتنفذين الذين يتاجرون بحياتنا من جهة، ويستغلوننا مادياً من جهة أخرى، إذ لا يكفيهم أنهم يترصدون كل حركاتنا ويستمعون لأحاديثنا، ويرفعون التقارير بنا، حتى يبيعوننا زجاجة المياه بعشرة أضعاف سعرها ويحتكرون البحر لجني الأرباح لجيوبهم الخاصة".

وتابع: "غيّروا كل شيء في المخططات بقصد أو يغير قصد والمستفيد هم المرتشون من الموظفين والمتنفذين وأقربائهم ولمن يدفع أكثر".

وضرب مثلاً: "كان على المخطط مبنى يسمى A  وهو مخصص كدورة مياه وتحول بقدرة قادر إلى مقهى تم تأجيره لمدة 10 سنوات بمبلغ 6 ملايين ليرة سورية من قبل البلدية، مع أن دخله اليومي الشهري يزيد عن هذا المبلغ. وكان هناك أيضاً ثلاثة مخططات C – D – A  لبناء مشالح وأدواش استحمام بعد السباحة للعموم وتحولوا إلى محلات استثمارية بنفس الإيجار السابق مع أن دخل الواحد منهم يفوق ما سبقه".

هذا وقد تحولت الأرصفة إلى أماكن لوضع صناديق الزهور العائدة للمحلات، لتحديد المساحة التي يمنع تجاوزها من قبل المواطنين، بحيث أصبح التنزه على الشاطئ شبه مستحيل لضيق المساحة والازدحام شتاء، فكيف سيكون الأمر صيفاً والحرارة أصبحت على الأبواب.


وقد عبّر المحامي "جودت – ن" عن استيائه من وضع الشاطئ واعتبره أصبح خطراً على الأطفال والنساء لناحيتين، الأولى: كثرة الشباب الذين يحملون السلاح والذين يتعرضون للمارة وهم جاهزون لافتعال المشاكل دوماً، وخاصة مع الصبايا والنساء. والثانية: لخطورة مرور السيارات التي تسير على الأرصفة بشكل مباغت وحسب مزاج راكبها.

هذا الواقع الذي تعاني منه شواطئ طرطوس "وخاصة على الكورنيش البحري" يثير الحزن في النفوس ويجبرك على توجيه تهم الفساد إلى الجهات النافذة والمستفيدة في المحافظة من الأمنيين والموظفين الموالين لآل الأسد.


يكشف الواقع المذري لشاطئ طرطوس حجم الفساد الذي يسيطر على معظم أجهزة النظام "من البلدية إلى المحافظة إلى المجالس المحلية والرقابة والمتعهدين وصولاً إلى الأجهزة الأمنية التي ترشح الموظفين".

وعلق على هذه الحالة أحد الموظفين الذين مازالوا يحتفظون بكرامتهم في دائرة مهملة بقوله "هذه دولة الأسد، كل شيء في النهاية يجب أن يصب في جيوبهم أو جيوب من يعمل بخدمتهم، وأضاف إذا كان رب البيت بالطبل ضارباً فلا بد أن يكون أهل البيت راقصين".

ترك تعليق

التعليق