سوريون يتحدثون عن انعكاسات مجزرة نيوزيلندا.. قلق وخوف


تتعاظم مخاوف اللاجئين السوريين، شأنهم شأن بقية اللاجئين، في ظل الأجواء المشحونة بالكراهية وحملات العداء ضد المسلمين في بلدان اللجوء، بعد مذبحة نيوزيلندا، والتي راح ضحيتها ما يقارب من 50 مصلياً، من جنسيات مختلفة.

وصحيح أن المجزرة لم تستهدف جنسية بعينها، لكن عدم التوصل إلى حل سياسي للقضية السورية وضخامة عدد اللاجئين السوريين، يعطي الأمر حساسية خاصة.

وفي هذا الصدد، استطلع "اقتصاد" آراء شريحة من اللاجئين السوريين، للوقوف على الصورة التي تشكلت لدى غالبية كبيرة منهم بعد الحادثة الإرهابية.

نار تحت الرماد

بدوره، اعتبر الباحث والمحلل السياسي طلال الجاسم، المقيم في ألمانيا، أن استخدام الهجرة والمهاجرين كعناوين رئيسة في الانتخابات الغربية وإخضاع هذا الأمر للشعبوية، أنتج انعكاسات خطيرة، وولّد تبادلاً في انعدام الثقة ومحاولة إخفاء العديد من المشاكل، التي هي كالنار تحت الرماد.

وقال لـ"اقتصاد" إن مجزرة نيوزيلندا كانت نتاجاً لثقافة عنصرية قميئة تنشر الكراهية والعداء، وتنظر للآخرين من منطلق عنصري وتعطي له دافعاً دينياً.

وبالمقابل، أكد أن "هناك قلق كبير لدى كل الجاليات المسلمة في الغرب عموماً"، مبيناً أن الجاليات هذه تتعرض للضغط إذا قام أي مسلم بأي عمل إرهابي، ولا يحصلون على الحماية اللازمة تجاه ما يتعرضون له من أذى وإرهاب.

ورأى الجاسم أن الحل لذلك، يمر عبر التزام اللاجئ بالقانون، والتعاضد مع المجتمع المضيف الداعم له والمؤمن بالحرية والمساواة في مواجهة التيارات اليمنية المتطرفة.

فكر متاح للجميع

الروائي والمحامي، إيهاب عبد ربه، المقيم في السويد، عدّ حالة الخوف التي تسود أوساط اللاجئين عموماً والسوريين خصوصاً، بـ"المبررة والطبيعية"، وخصوصاً أن ظاهرة التخويف من الإسلام والمسلمين "الإسلاموفوبيا" تجاوزت كل الحدود.

وتابع قوله لـ"اقتصاد": "لقد تحولت هذه الظاهرة إلى ظاهرة مقززة ومثيرة للاشمئزاز، وهذا ما يعطي الأمر أهمية كبيرة".

وعن التدابير الاحترازية من جانب اللاجئين، قال عبد ربه، إن ما يصعّب من هذه المهمة أن اللاجئين في هذه الحالة لا يتعاملون مع منظمة أو جهة واحدة، بل مع فكر، وهذا الفكر من الممكن أن يتبناه أقرب الأشخاص الذين هم على تماس يومي معهم.

وأضاف "قد يكون جارك المضيف حاملاً لهذا الفكر، وقد تتعرض للأذى منه فقط لأنك من الشرق الأوسط، بصرف النظر عن درجة تدينك".

وبغية الخروج من كل ذلك، شدد عبد ربه على ضرورة وضع الحلول على أساس أن جوهر المشكلة هو واحد في الشرق والغرب، تيار يساري معتدل، وتيار يميني في الشرق والغرب.

قلق مزمن لدى اللاجئين

السياسي السوري/الألماني، الدكتور جمال قارصلي، أكد بدوره أن الجريمة التي حصلت في نيوزيلندا أرخت بظلالها المخيفة على أوساط اللاجئين في كل بلدان العالم، نظراً لأنها نُفذت في مكان يعد من أكثر البلدان استقراراً (نيوزيلندا)، وكذلك لأن الإرهابي هو أسترالي ويدافع في الآن ذاته عن أوروبا.

وفي حديثه لـ"اقتصاد" رأى أن خطورة الجريمة وبشاعتها تجعل اللاجئين في قلق مزمن يعيق القدرة على الشعور بالاستقرار والبدء بالعمل والاندماج بالمجتمع، وخصوصاً لدى اللاجئين السوريين لأنهم لا يستطيعون العودة لبلادهم.

وعن الحلول المتوفرة، حمّل قارصلي الطبقة السياسية المسؤولية الكاملة عن تنامي الشعور بالكراهية ضد المسلمين، موضحاً أن "العديد من زعماء العالم شاركوا بربط الإسلام بالإرهاب، عبر خطاباتهم العنصرية، علماً بأن الإرهاب لا دين له، وهذا ما ظهر جلياً في نيوزيلندا".

وأنهى قارصلي مطالباً اللاجئين بأن يكونوا على قدر المسؤولية، وأن يساهموا في تكوين صورة إيجابية لدى الآخرين عن حقيقة الدين الإسلامي.

ترك تعليق

التعليق