الضرائب في ريف حلب الغربي.. مصادر دخل جديدة لـ "تحرير الشام"


تحصد هيئة "تحرير الشام"، هذه الأيام، مكاسباً اقتصادية، على خلفية نتائج المعارك التي خاضتها ضد فصائل المعارضة التابعة لـ"الجبهة الوطنية للتحرير" في أنحاء متفرقة من ريف حلب الغربي، في شهر كانون الثاني/يناير الماضي. أبرز هذه المكاسب تتمثل في الضرائب والرسوم التي تفرضها على المناطق الجديدة التي سيطرت عليها، وكذلك على الطرق والمعابر.

في هذا الشأن قال "معن بكور" أحد أبناء مدينة "الأتارب"، في تصريح خاص لـ"اقتصاد": "يتمتع ريف حلب الغربي، بأهمية اقتصادية، لكونه أحد أبرز الطرق الرئيسية للمحروقات الآتية من مناطق سيطرة قوات النظام و(قوات سورية الديمقراطية) شرقي الفرات، إلى محافظة إدلب، وبالتالي فإن هيئة تحرير الشام تريد استغلال هذا الطريق لتأمين تمويل دائم من الضرائب والأتاوات التي تفرضها على المعابر في المنطقة".

وأضاف: "تتحكم هيئة (تحرير الشام) اليوم بمعبرين تجاريين كانا تحت إدارة حركة (نور الدين الزنكي)، الأول معبر (المنصورة) وهو معبر تجاري يصل منطقة ريف (حلب) الغربي بمناطق سيطرة النظام في (حلب) المدينة، وكان فيما مضى منافساً قوياً لمعبر (العيس) الذي كانت تديره الهيئة في ريف (حلب) الجنوبي؛ وذلك بسبب العائدات المالية الضخمة الناجمة عن الضرائب المفروضة على حركة عبور البضائع التجارية باتجاه مناطق سيطرة النظام في (حلب)".

وأردف: "يقع المعبر الثاني في قرية (دير سمعان) وهو يفصل ريف (حلب) الغربي و(إدلب) عن منطقة (عفرين)، وقد سارعت (حكومة الإنقاذ) التابعة للهيئة إلى فرض ضرائب على العديد من السلع والبضائع القادمة من ريف (حلب) باتجاه (إدلب) مروراً بهذا المعبر، وفي قائمتها المحروقات والمواشي والأدوية، فضلاً عن ضرائب أخرى بحجة تقديم بعض الخدمات (نظافة، صرف صحي، كهرباء) رغم عدم استمراريتها في كثير من الأحيان".

ووفقاً لما أشار إليه "بكور" فإن هيئة "تحرير الشام" وضعت يدها على عددٍ كبير من المنشآت الصناعية والمرافق الحيوية في ريف حلب الغربي، وهي منشآت ما تزال تعمل حتى اللحظة، وبإمكان "حكومة الإنقاذ" فرض ضرائب حماية على هذه المنشآت وجمع المزيد من الأموال في حال قررت ذلك.

ولم تكتفِ هيئة "تحرير الشام" بفرض سطوتها وقرارها على مراكز التعليم والمدارس والجامعات الواقعة في ريف حلب الغربي فحسب، وإنما قامت أيضاً بابتكار مصادر دخل إضافية عبر فرض مزيدٍ من القوانين الضريبية التي من شأنها أن تترك آثاراً سلبية على حياة أبناء المنطقة الاقتصادية والمعيشية المنهكة أصلاً بالفقر والنزوح بفعل استمرار الحرب وحالة عدم الاستقرار التي يشهدها الشمال السوري منذ عدّة سنوات.

وحسب "عبد الغفور طاهر" المنحدر من قرية "دير سمعان"، في ريف حلب الغربي، ويقيم حالياً في ريف "عفرين" فإن هيئة "تحرير الشام" فرضت على كل شخص يرغب بالتوجه إلى مناطق "غصن الزيتون"ضريبة مقدارها ألف ليرة سورية، كما فرضت ضريبة أخرى مقدارها 5٠٠ دولار، على كل سيّارة تقوم بنقل الأدوية باتجاه تلك المنطقة، مستغلةً اعتماد الصيدليات المتواجدة شمال حلب على عددٍ من معامل الأدوية المنتشرة في ريف حلب الغربي.

وأضاف في تصريح خاص لـ"اقتصاد" قائلاً: "قامت (حكومة الإنقاذ) في الآونة الأخيرة بفرض رسومٍ على عمليات البناء والحفر في مدينة (الأتارب)، حيث حددت رسم المتر المربع الواحد بـ 200 ليرة سورية للبناء السكني، و500 ليرة للبناء التجاري أو الصناعي، أمّا بالنسبة لرسوم حفر الآبار (الارتوازية) ضمن المخطط التنظيمي للمدينة فقد حُددت بـ 5 آلاف ليرة سورية، وفي الأراضي الزراعية 25 ألف ليرة".

وأوضح أن هيئة "تحرير الشام" تسيطر في الوقت الراهن على أكثر من 50 مدينة وقرية وبلدة وجمعية سكنية في ريف حلب الغربي، في حين يتخوف الأهالي من احتمالية لجوء "حكومة الإنقاذ" إلى فرض ضرائب جديدة على أصحاب محال شبكات الإنترنت والمحال التجارية والمطاعم والأفران، للسماح لهم بالعمل ضمن مناطق نفوذها على غرار ما فعلته سابقاً في إدلب، ومن شأن الرسوم والضرائب أن ترفع أسعار المنتجات التي يتم تداولها في المنطقة.

وكانت"حكومة الإنقاذ" قد أصدرت نهاية شهر شباط/ فبراير الفائت، قراراً يقضي بتحديد رسوم تسجيل السيارات والدراجات النارية وتشمل السيارات السياحية بكافة أنواعها وفئاتها وسيارات النقل والجرارات وآلات الهندسة والاستعمال الخاص وسيارات الركوب والمكروباص والدراجات النارية.

وتراوحت الرسوم بالحد الأدنى للسيارات السياحية ما بين 10 آلاف ليرة سورية، حتى 20 ألف ليرة، أمّا سيارات النقل والجرارات والآليات الهندسية فتبلغ رسومها ما بين 10 آلاف ليرة، حتى 35 ألف ليرة، بينما تراوحت رسوم الميكروباصات والباصات والفانات ما بين 10 آلاف ليرة، حتى 30 ألف ليرة سورية، وبلغت رسوم الدراجات النارية 3 آلاف ليرة، وضريبتها 1000 ليرة سنوياً.

وتساءل "طاهر" بالقول: "لماذا تُركز (حكومة الإنقاذ) على القرارات التي من شأنها فرض ضرائب تثقل كاهل الأهالي الذين يعانون ظروفاً أمنية واقتصادية صعبة، في وقتٍ تتجاهل فيه معظم احتياجاتهم الخدمية الأساسية من صحة وتعليم وإصلاح الطرقات الرئيسية التي تنتشر فيها الحفر بشكل كبير، ما يتسبب بأعطال مستمرة للسيارات؟"، حسب وصفه.

تعدّ الرسوم والضرائب مصدر دخلٍ وتمويل هام لـ"هيئة تحرير الشام" ولاسيما في ظل انحسار مردود بعض المعابر الكبرى التي تسيطر عليها الهيئة في الشمال السوري، ونظراً لغياب وجود وزارة للمالية في "حكومة الإنقاذ" وعدم إفصاح الأخيرة عن حجم الإيرادات فإن أحداً لا يعرف قيمة الأموال التي تدخل إلى خزينة هيئة "تحرير الشام"، لكن من المؤكد أن القسم الأكبر من هذه الموارد يذهب لتمكين وجود الهيئة وتقوية نفوذها عسكرياً في المناطق التي تسيطر عليها في إدلب وريف حلب الغربي.



ترك تعليق

التعليق