خبر "الكلبة" التي حصلت على اللجوء في بريطانيا.. هل استفزتك المبالغة الإعلامية فيه؟


خبر لابد أن يثير فيك السخرية والاستفزاز كسوريّ، حيث نقلت بعض وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام العربية واللبنانية، ومنها تلفزيون الجديد، خبراً عُنوّن بالخط العريض: "بعدما تعرّضت لتعذيب وحشي في لبنان.. بريطانيا تمنح اللجوء لكلبة وتقدّم لها الرعاية التامة!".

ويحصل الخبر منذ نشره على إحدى مواقع الإعلام اللبنانية المعروفة خلال 10ساعات على (24,761 مشاهدة)، وخلال يومين سجل أكثر من 45,300 مشاهدة.

ولمن لا يعرف عن الخبر أقتبس: "قام أحد الأشخاص في لبنان بتعذيب كلبة بطريقة وحشية، إذ أصابها بأعيرة نارية 17 مرة في أنحاء عدة من جسمها، كما قطع أذنها وكسر فكها، ثم ربطها إلى صندوق من الخشب بأسلوب وحشي لتموت ببطء، إلى أن عُثر عليها صدفة ونُشرت صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقام ناشطون بحملة لمساعدة الكلبة انتهت بمنحها اللجوء ببريطانيا. وطار نشطاء بالكلبة البالغة 5 أعوام من بيروت، إلى حيث أصبحت تقيم في رغد من العيش مع مُحبةٍ للكلاب في مدينة Brighton البريطانية"، بحسب ما قناة "العربية".

واللافت أيضاً أن ينقل ويشارك موقع قناة العربية نت، أن "الكلبة ظهرت على شاشة محطة ITV التلفزيونية الأربعاء الماضي، وكانت برفقتها باللقاء التلفزيوني، الفتاة التي تبنتها وترعاها، وهيKasey Carlin البالغة 25 سنة، والتي ذكروا أنها أبكت بما روته عن Maggie العمياء، عدداً كبيراً ممن تابعوا ظهورها في برنامج This Morning الصباحي".
 
وذكرت "كارلين" في اللقاء التلفزيوني أنها لا تعرف السبب الذي دفع بأحدهم في لبنان ليقوم بتعذيب الكلبة التي تساندها برعايتها الصحية مؤسسة خاصة للعناية بالكلاب العمياء، وقالت عن "ماغي" التي قال مذيع البرنامج إن 12 أو 13 عيارا نارياً، طراز Pellet الخردقي، لا تزال في جسمها، بأنها رائعة".

الكثير من المتابعين سيقولون أين المهم في الخبر؟.. ومعهم الحق في ذلك، كما أن الإساءات إلى "الكلبة"، كانت وحشية، دون شك.

ولكن لابد من التساؤل هنا.. ما مقدار اهتمام هذه القنوات ذاتها التي روّجت لمعاناة "الكلبة".. بمعاناة البشر من السوريين اللاجئين في لبنان ومخيماتها؟، ولماذا لا يتم تناول الكثير والكثير من حالات اللاجئين الذين يعانون أهوال الإصابات الجسدية والنفسية، وينامون في خيام اللجوء التي لا تمت للإنسانية وحقوقه بأي صلة؟ - مع الإشارة إلى أن هذه المخيمات مدفوعة الأجر، ويقوم أصحاب الأراضي التي أقيمت عليها، بالحصول على أجرة مقابل ذلك، ولا يخفى على أحد أنه بين الفينة والأخرى تظهر الكثير من الحالات التي يعمد فيها أصحاب هذه الأراضي إلى التهديد بطرد اللاجئين، وحدث في حالات عديدة طرد فعلي لهم-  والأدهى من ذلك ما تقوم به الكثير من البلديات اللبنانية في مناطق باتت معروفة للجميع، بإجراءات منع تجول أو منع عمل أو حتى إقامة، ووصل الأمر إلى حدود منع قبول الأطفال السوريين في بعض المدارس اللبنانية بحجة عدم قبول أهالي الأطفال اللبنانيين لوجود أطفال سوريين بين أطفالهم!

 كما لا يتوانى الجيش اللبناني عن عمليات دهم وتخريب للخيام وممتلكات الحياة البسيطة لللاجئين في لبنان.. والأمثلة والحالات كثيرة، والتي كان آخرها قيامه بدهم أحد مخيمات اللاجئين السوريين في قضاء زحلة بمنطقة البقاع، واعتقال العشرات من اللاجئين، دون توضيح الأسباب، حيث أشارت تقارير صحفية مهتمة باللجوء إلى أن أغلب من تم اعتقالهم يملكون إقامات صالحة، موضحة أن ممن اعتقلهم الجيش رجل يبلغ من العمر 75 سنة. كما ترافقت عملية الاعتقال، كالعادة، بتخريب وتكسير لأملاك اللاجئين، وسط مخاوف من تسليم المعتقلين لنظام الأسد.

ولكن لم نشاهد تغطية من الوسائل الإعلامية ولا حتى من الناشطين، الذين "أقاموا الدنيا ولم يقعدوها لأجل (كلبة)".. وهنا ربما يتساءل آلاف من اللاجئين.. أين أنتم مما يحدث لنا من ممارسات عنصرية واضطهاد وتهديد بالترحيل والطرد؟، أين الإنسانية وحقوق الانسان، أم فقط حقوق الحيوانات هي المعنية في عرفكم المتحيز والانتقائي والمتعامي؟، وماذا عن الغرب المنافق الذي يتعامى عن مصاعب حياة اللاجئين السوريين في لبنان، ويتباكى جمهوره على حالة عصيبة عاشتها "كلبة"؟

ويبقى لسان حال اللاجئين السوريين، بما أن لبنان ومسؤوليه وبلدياته وأمنه وجيشه قد ضاق ذرعاً بوجودنا - المدفوع أجره وتكاليفه والذي يستمر "الشحادة" باسم لجوئنا فيه-  فإن خير تعليق يُوجّه للمعنيين والمهتمين بحقوق الإنسان والحيوان، وعلى لسان سوري متهكم: "والله العظيم نحن كمان تعرضنا لتعذيب واضطهاد وحشي وعنصرية واعتقال و... خدونا لجوء وطالعونا رجاءً".

وأخيراً

كان نشطاء ولاجئون سوريون في لبنان، قد أطلقوا هاشتاغ #اخرجونا من لبنان، منذ أكثر من ثلاث سنوات، تضمن أمثلة عن معاناة السوريين في لبنان.. فإذا أعيد تفعيل هذا الهاشتاغ.. هل تتوقعون أن يحصد نفس حجم التفاعل والصدى الذي ناله خبر "الكلبة" على بعض وسائل الإعلام؟!
 


ترك تعليق

التعليق