تجارة السلاح في إدلب.. شرعية، لكنها ما تزال تثير الجدل


في مناطق سيطرة النظام، يُعد حمل السلاح جريمة يعاقب عليها القانون إن كان بدون رخصة. وقبل الثورة، كانت سوريا لا تعرف تجارة علنية شائعة للسلاح. أما اليوم في إدلب، فتنتشر محلات بيع الأسلحة بشكل كبير، لتصبح مهنة مقبولة أكثر فأكثر، في المجتمع السوري بالمناطق المحررة.

وللمزيد من الإطلاع على أجواء هذه المهنة وتحدياتها، في إدلب، قام "اقتصاد" بجولة في أسواق المدينة، وسألنا الناس عن مدى تقبلهم لهذا النوع من النشاطات التجارية.

"خالد"، شاب يعمل في متجر لبيع وشراء الأسلحة، أفادنا ببعض المعلومات عن هذه التجارة، قائلاً: "اليوم، السلاح منتشر بشكل كبير بين الناس، والسبب يعود لقلة الأمان وخوف الناس من اللصوص والعصابات، لذلك يأتي الناس لاقتناء قطعة سلاح. وأكثر قطع السلاح المُباعة هي السلاح الشخصي (المسدس)، والذي يحمله صاحبه دائماً أينما ذهب. وطبعاً فإن أصناف الأسلحة الشخصية متوفرة لدينا، ويمكن للزبون أن يختار ملحقاتها، من زيوت وخلافه، بكل أريحية. لا قيود على هذا النشاط التجاري، اليوم".
وعن كيفية التعامل مع الناس في عمليات البيع والشراء، قال "خالد": "عندما نشتري أو نبيع قطعة سلاح نتأكد من الزبون، ونأخذ المعلومات المهمة مثل معلوماته الشخصية ورقم السلاح، كي لا يكون مسروقاً أو ما شابه. أما بالنسبة لرخصة السلاح فلا يوجد تراخيص إلى هذه اللحظة. ونبيع ونشتري من أي شخص بشرط أن لا يكون عليه (أي مشاكل)".

وعن أرباح هذه المهنة، أضاف: "تعد أرباحها مقبولة في هذه الأيام، لأنها أصبحت مكشوفة للجميع. في البداية كان هذا الصنف من النشاط التجاري يتم في الخفاء، وكانت أرباحه في نفس الوقت، كبيرة جداً".

وكأمثلة على الأسعار، أخبرنا "خالد": "مثلاً، سعر المسدس يبدأ من 150 ألف ليرة، وقد يصل إلى 2 مليون ليرة. وكلما كانت القطعة نادرة، يكون الربح فيها أكبر". وعقّب: "حتى الناس أصبح لديها معلومات كافية عن السلاح ولم يعد هناك شيء مخفيّ".

التقينا تاجراً آخر، يعمل في نفس المجال، قال لنا: "إننا كمحلات لبيع وشراء الأسلحة، لدينا رخص للمتاجرة بالسلاح من قبل الحكومة الموجودة في المناطق المحررة، ونعمل بشكل نظامي، ولا عائق أبداً في هذه المهنة".

 وأكد التاجر أيضاً على رأيه الشخصي بأن بيع الأسلحة مهم في هذه الأيام وأن الناس اعتادت عليه، وأضاف: "هذه المهنة خطيرة، ولكن بنفس الوقت مهمة في هذه الحرب الطاحنة".

 وعن مستقبل هذه المهنة، أضاف التاجر: "إن متاجر بيع الأسلحة موجودة في كافة أنحاء العالم وأهمها قارة أوروبا، وتعد من أساسيات الأسواق، ونحن مستمرون فيها، لكن بشرط السلامة للجميع".

وأشار التاجر إلى أنه في عهد سيطرة بشار الأسد، لم يكن أحد يجرؤ على ذكر أي شيء يتعلق بشراء أو بيع قطعة سلاح. أما اليوم فأصبح الأمر طبيعياً وروتينياً، ولا خوف منه، فأغلب الناس تقتني السلاح للدفاع عن نفسها من أي هجوم قد تتعرض له، ومنهم من يقتني الرشاش لكي يساعد الثوار في الجبهات بمجهود شخصي في حال حصل أي هجوم من قبل النظام وميلشياته، حسب وصف التاجر.

وعن شروط البيع أضاف أيضاً: "لا نبيع السلاح لمن هم دون الـ 18 عاماً. ولا نشتري سلاحاً لا معلومات عنه".

وعن آراء الناس بخصوص انتشار محلات الأسلحة في "المحرر"، كان لنا لقاء مع شاب كان يقف عند محل لبيع السلاح ويدعى "محمد"، قال: "بيع الأسلحة أمر جيد لكن بشروط تضمن السلامة للجميع، فاليوم من المهم جداً أن يكون لكل شخص سلاح ليدافع عن نفسه".

وفي لقاء آخر مع رجل يدعى "أبو سامر"، وعن رأيه في هذا الموضوع، قال: "أنا لا أحب السلاح ولا أحمله أبداً، وأرى الكثير من المحلات في الأسواق وأُفضّل لو تم تنظيمها بشكل أفضل، بحيث يكون هناك معاملة جادة لمن يريد حمل السلاح، حتى لا يصل إلى أيدي أناس لا تعرف التعامل معهم".

وفي سياق الجولة، التقينا بتاجر يبيع الألبسة العسكرية والأسلحة ومعداتها، وحدثنا أن هذه المهنة أصبحت توفّر السلاح والملابس للمقاتلين، بشكل مقبول، مضيفاً: "اليوم نشاهد المحلات في المدينة بكثرة وأغلبهم لا يعرف شيئاً عن المهنة سوى أنه يريد الربح الوفير. وهذه المهنة لها شروط وأساسيات لا يجب الحياد عنها، فمثلاً، تشاهد كثيراً من الناس تحمل السلاح وعند أول مشكلة يواجهونها، يقوم الشخص بسحب مسدسه وإطلاق النار، مما يؤدي إلى مشاكل كبيرة وتنتهي بالسجن أو القتل".

وعقّب: "أنا أوجه نداء عبر موقعكم بأن يكون هناك شروط صارمة من قبل الحكومة لكل من يريد حمل السلاح والمتاجرة به".

وفي نهاية جولتنا أكد بعض الناس على ضرورة مراعاة شروط الأمان والسلامة، وبالتالي، يجب أن تكون محلات الأسلحة خارج الأسواق، وبعيدة عن المناطق السكنية المزدحمة.


ترك تعليق

التعليق