كيف سيتأثر السوريون في تركيا بنتائج الانتخابات المحلية؟


تتعاظم مخاوف اللاجئين السوريين من تأثيرات سلبية تلامس واقعهم المعيشي في تركيا، وذلك بعد فوز المعارضة التركية في ولايات كبيرة بالانتخابات البلدية الأخيرة.

ولم تبدد طبيعة الانتخابات المحلية المتعلقة بالشؤون الخدماتية والبعيدة عن الشأن السياسي من حدة مخاوف اللاجئين السوريين، إذ يرى كثير منهم أن نتائج الانتخابات ستضعهم في مواجهة مباشرة مع التضييق والصعوبات، وتحديداً في الولايات التي فازت فيها المعارضة، مثل أنقرة، وهاطاي، واسطنبول التي لا زالت النتائج فيها غير محسومة.

وفي رصد أجراه "اقتصاد"، بدا واضحاً مدى القلق والتوتر لدى اللاجئين السوريين إزاء المستقبل الضبابي، عززه الهبوط الحاد لسعر صرف الليرة التركية، في التعاملات المُبكّرة، صباح الاثنين، قبل أن تعكس اتجاهها، وتتجه نحو الصعود في وقت لاحق من عصر الاثنين.

وتعليقاً على ذلك، أشار مدير هيئة الإغاثة الإنسانية "IHH" في مدينة نزيب التركية، جلال دامير، إلى بعض التغييرات التي ستطال اللاجئين السوريين في تركيا، بعد الانتخابات، مستدركاً في حديثه لـ"اقتصاد: "لكنها لن تكون كبيرة، بسبب طبيعة الانتخابات، كونها انتخابات بلدية محلية، لا علاقة لها بالقرار السياسي الناظم لوجود السوريين في تركيا".

ومقابل ذلك اعتبر دامير، أن "القول بعدم وجود ارتدادات على السوريين بعد الانتخابات، هو أمر يجانب الصواب، وتحديداً إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن كثير من المحللين اعتبروا أن الوجود السوري ساهم في رسم النتيجة الانتخابية الأخيرة".

وأشار في هذا الصدد، إلى تطرق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال خطاب الشرفة، في ساعة متأخرة من مساء الأحد، إلى مصير اللاجئين السوريين، مؤكداً أن "تركيا ستبحث في إيجاد مكان آمن لهم في بلادهم، لإعادتهم إليها".

وعلق دامير بقوله "من الواضح أن ذكر أردوغان للاجئين السوريين، والنتائج الرسمية لم تصدر بعد، كان بسبب تأثير وجود السوريين على نتائج الانتخابات".

وبناء على ذلك، رجح دامير أن تركز تركيا على إيجاد المزيد من المناطق الآمنة في سوريا، لإعادة اللاجئين طوعاً إليها، وقال إن "إيجاد مناطق آمنة، كان مطلباً لتركيا قبل الانتخابات، غير أنه الآن صار مطلباً ملحاً على ما يبدو".

وبحسب دامير فإن هذه الأولوية (إعادة اللاجئين)، لا تعني بحال من الأحوال التضييق على اللاجئين السوريين، أو الحد من مستوى الخدمات التي يحصلون عليها، مبيناً أنه ينقل ذلك على لسان المسؤولين الأتراك، من بينهم وزراء في الحكومة.

وبالتركيز أكثر على التغييرات التي ستطال اللاجئين، التي جاء على ذكرها دامير، قال "من المحتمل أن تتأثر معاملة السوريين في البلديات التي فازت فيها المعارضة، أي التشديد على التراخيص التجارية والمحال، وأذون العمل التي تمنح لهم في هذه الولايات تحديداً".

وأضاف، "نحن بانتظار المزيد من الوقت، حتى نعرف كيف سيتأثر اللاجئ السوري بنتائج الانتخابات".

الكاتب الصحفي التركي، عبدالله سليمان أوغلو، وصف في حديثه لـ"اقتصاد" درجة تأثر اللاجئين السوريين بنتائج الانتخابات بـ"المحدودة"، وقال إن "اختصاص البلديات هو في الشأن الخدمي التنفيذي، ولا علاقة لذلك بالشأن السياسي".

لكنه، بالمقابل لم ينف وجود تأثيرات غير مباشرة، من قبيل انخفاض جودة الخدمات المقدمة للاجئين السوريين، وعدم التساهل قانونياً معهم.

وأوضح سليمان أوغلو، أن التضييق سيكون حكماً على النشاط التجاري للسوريين، حيث من المحتمل أن نشاهد منعاً تاماً لوجود لافتات تجارية باللغة العربية.

ماذا عن ملف التجنيس؟

بهذا الخصوص، أكد دامير نقلاً عن مسؤول تركي رفيع المستوى، أن ملف تجنيس السوريين سيشهد نقلة نوعية في الفترة القادمة، رافضاً في الآن ذاته تقديم توضيحات أكثر.

ومقابل ذلك، أكد مصدر خاص لـ"اقتصاد" أن الحكومة التركية ستكون حذرة أكثر في التعاطي مع ملف تجنيس السوريين، وخصوصاً أن هذا الملف كان من أبرز الملفات التي استخدمتها المعارضة ضد حزب العدالة والتنمية، صاحب مشروع تجنيس السوريين.

وطالباً عدم الكشف عن اسمه، بدا المصدر جازماً أن ملف التجنيس سيتجه إلى التباطؤ في الفترة المقبلة، وذلك إلى حين وضوح الرؤية أكثر، بناء على التطورات التي ستظهر تباعاً، وذلك في إشارة إلى احتمال لجوء المعارضة التركية إلى طلب إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

وفي هذا الصدد، استبعد الكاتب الصحفي التركي، عبدالله سليمان أوغلو، اللجوء إلى انتخابات برلمانية مبكرة، بسبب حاجة هذا الطرح إلى موافقة البرلمان التركي، وهو الأمر المستبعد نتيجة امتلاك حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لأغلبية مقاعد البرلمان.

ترك تعليق

التعليق