زراعة الشوندر تكاد تندثر في أرياف حماة.. أسباب، وحلول عصيّة


تراجعت زراعة الشوندر بشكل كبير في أرياف محافظة حماة سواء في المناطق المحررة منها أو الواقعة تحت سيطرة النظام، على الرغم من الأهمية الكبيرة لهذا المحصول الاستراتيجي.

 وكانت منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي، تعتبر من أبرز مناطق إنتاج الشوندر على مستوى سوريا، قبل أن تشهد تراجعاً كبيراً خلال السنوات الفائتة.

المهندس الزراعي "غسان العبود"، رئيس دائرة الزراعة في سهل الغاب، تحدث لنا عن المشاكل التي تواجه مزارعي محصول الشوندر في ريف حماة الغربي.

وقال "العبود" إن محصول الشوندر يعتبر من المحاصيل الاقتصادية، التي كانت تكثر زراعتها في مناطق سهل الغاب غرب حماة.

وكان الشوندر يزرع على مرحلتين، مرحلة شتوية ومرحلة خريفية. مرحلة تزرع من 15/10 تقريباً إلى 15/ 12، ومرحلة أخرى ربيعية والتي كانت زراعتها نادرة جداً، وتُزرع من بداية الشهر الأول إلى منتصف الشهر الثاني.

وأكمل "العبود" أن طريقة تسويق الشوندر كانت عبر عقود مع الجمعيات الفلاحية، أو مع معامل السكر، كمعمل جسر الشغور بريف إدلب الغربي ومعمل سلحب بريف حماة الشمالي الغربي.

ولفت "العبود" أنه كانت تزرع مساحات كبيرة من الشوندر السكري، وما كان يزيد عن الخطة السنوية إما يتم تسويقه لمعامل أخرى أو يضمن للأغنام، وكان يدر ربحاً وفيراً على المزارع سواء كان تسويقه إلى معامل السكر أو بيعه في الأسواق.

ويمكن إرجاع أسباب اندثار أو تراجع زراعة محصول الشوندر السكري لعدة أسباب من أهمها خروج معمل سكر جسر الشغور ومعمل سلحب عن الخدمة نهائياً، وانقطاع الطرق بسبب الأحداث التي تمر بها البلاد، الأمر الذي جعل هذه الزراعة تغيب نهائياً عن مناطق سهل الغاب، واستبدال هذه الزراعة بزراعات أخرى مثل الحبوب وغيرها.

وأضاف "العبود" أن من الأسباب الأخرى فقدان البذور التي كانت تُستورد من بلجيكيا ودول أخرى، والتي كانت تستوردها الحكومة السورية سابقاً، وتقوم بتوزيعها على المزارعين. ولم يعد بالإمكان استيراد هذه البذور إلا عن طريق النظام، وهو ما أدى إلى عدم توفر هذه البذور في المناطق المحررة، وإن توفرت فأسعارها مرتفعة جداً، حيث وصل سعر علبة الشوندر "وحيد الجنين" في العام الماضي نحو 20 ألف ليرة سورية والتي يعجز عن شرائها الفلاح.

أما عن الحلول المتوفرة لإعادة هذه الزراعة إلى ريف حماة الغربي، يقول "العبود" إنه يلزم إعادة تأهيل معمل جسر الشغور والذي يحتاح إلى مبالغ طائلة جداً، وقُدرت تكلفة إعادة تأهيل المعمل بحوالي 60 مليون دولار، وهو ما تعجز عنه المنظمات الناشطة في إغاثة ودعم الحياة المعيشية بالمناطق المحررة، في الوقت الحالي.

وأشار "العبود" إلى فوائد الشوندر السكري، إذ يستخرج منه مادة السكر ومادة المولاس ويستخرج من المولاس مادة الكحول التي تفيد باستخدامات متعددة ويستخرج منه بعض المواد العطرية ومواد أخرى.

"أحمد العبدالله"، عضو الجمعية الفلاحية في بلدة الأربعين بريف حماة الشمالي، تحدث لـ "اقتصاد" عن سبب ترك المزارع لمحصول الشوندر، وقال إن السبب الرئيسي والأساسي هو الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات وأنواع البذار والأسمدة المخصصة لهذا المحصول.

ووصل سعر برميل المازوت الواحد إلى أكثر من 55 ألف ليرة سورية حتى أن نوعيته سيئة جداً وتؤدي إلى أعطال كبيرة في المولدات التي تضخ المياه، مع الإشارة إلى أن محصول الشوندر يحتاج إلى مياه كثيرة ووفيرة لسقايته.

وعقّب "العبدالله": "سابقاً كنا نبيع الشوندر عن طريق عقود نوقعها مع معمل سكر سلحب، أما الآن وبعد الأحداث التي تعرضت لها البلاد أصبح هذا الأمر مستحيلاً، مما أجبرنا على ترك هذه الزراعة وجميع الزراعات المروية والانتقال إلى الزراعات البعلية".

"علاء المحمود"، مزارع تحدث لـ "اقتصاد"، مشيراً إلى أن تكلفة زراعة الشوندر عالية وتتطلب جهداً كبيراً ولفترة طويلة قياساً إلى زراعة محاصيل أخرى كالقمح والشعير. كما أن مراحل إنتاج الشوندر متعددة ومتعثرة في بعض الأحيان.

وفي توضيح لما يعانيه المزارع مع زراعة الشوندر، أوضح "المحمود" أنه ليس بإمكانه تمويل زراعة الشوندر طوال العام ولموسم واحد، إذا لم تحقق له ربحاً يعادل ما يبذله من تكلفة وجهد.

وأشار "المحمود" إلى ارتفاع أسعار الأدوية الزراعية والأسمدة ما اضطره للانتقال إلى زراعة أقل تكلفة كالزراعات التي تتحمل العطش وبعض أنواع الخضراوات الشتوية التي تعتمد على مياه الأمطار.

ومع ارتفاع تكاليف إنتاج الشوندر السكري، وانحسار فرص التسويق، تكاد هذه الزراعة تندثر، من ريف حماة، بعدما كانت يوماً، من أبرز المحاصيل في تلك المنطقة.


ترك تعليق

التعليق