"الفاتح" باسطنبول.. كيف ينظر أصحاب المحلات السورية إلى نتائج الانتخابات الأخيرة؟


تصدرت الانتخابات المحلية التركية (البلديات) على مدى الأيام القليلة الماضية، واجهة الأحدث في عموم تركيا، لما لها من أهمية ليس بالنسبة للشارع التركي وحسب، وإنما للاجئين السوريين المتواجدين على الأراضي التركية وخاصة أصحاب المحال التجارية.

وللبلديات التركية أهمية كبيرة كونها تمس حياة المواطن التركي بشكل مباشر، فيما يتعلق بتقديم الخدمات الأفضل على صعيد محلي وخدمي، لذا من يقدم تلك الخدمات بالشكل الأمثل يكسب رضى ومحبة الشارع التركي، وهذا ما كان يركز عليه حزب العدالة والتنمية منذ عام 2002 في مجال النهوض بالواقع الخدمي.

وشهدت تلك الانتخابات حالة من المنافسة الشديدة بين مرشحي حزب العدالة والتنمية ومرشحي الأحزاب المعارضة الأخرى ومن أبرزها حزبي "الجيد، والحزب الجمهوري".

ولم يسلم السوريون من الخطابات التحريضية الموجهة ضدهم من مرشحي المعارضة والتي تضمنت عبارات التهديد والوعيد، وكان أبرزها ما تم تداوله عن "إلاي أكسوي" مرشحة حزب "الجيد" المعارض والتي كان شعارها اللافت للانتباه "لن نسلم الفاتح للسوريين".

وتعد منطقة "الفاتح" من أهم المناطق في مدينة إسطنبول والتي تشهد تواجداً ملحوظاً للمحلات التجارية السورية وخاصة في شارع "الأمنيات"، إذ مضى على وجود بعض المحلات السورية هناك، نحو 5 سنوات.


وفي استطلاع للرأي أجراه موقع "اقتصاد" مع عدد من أصحاب المحال التجارية في منطقة "الفاتح" بخصوص آثار الانتخابات المحلية وانعكاساتها عليهم، خاصة بعد سيطرة المعارضة على عدد من البلديات الرئيسة والمهمة وخروجها من يد "حزب العدالة والتنمية"، قلل بعضهم من أن يكون هناك أي تأثير على عمل المحلات التجارية، فيما رأى آخرون بأنهم ربما يتعرضون لبعض الضغوطات والتضييق عقب تلك الانتخابات.


"علاء أبو أحمد"، مدير فرع حلويات "السلطان" بتركيا، استبعد في حديثه لموقع "اقتصاد" أن يكون هناك أي مخاوف بالنسبة لأصحاب المحلات التجارية، والسبب يعود إلى أن تلك المحلات تعمل بما يتناغم ويتناسب ويتكامل مع السوق التركي، يضاف إلى ذلك أن كثيراً من الأتراك عبّروا عن سرورهم من السوريين وأعمالهم.


وتابع بالقول: "ما أراه هو أن المحلات والشركات التجارية طالما هي تعمل بطريقة حرفية وجيدة فأمورهم ستكون سليمة، خاصة في ظل التفاعل والإقبال الواضح عليهم من قبل الأتراك، كون العديد من السوريين حققوا نجاحات وفرضوا أنفسهم وتماشوا مع السوق التركي المتميز، واستطاعوا أن يقولوا نحن موجودين، ما لفت أنظار العديد من الأتراك العاديين وحتى من المسؤولين، وهذا الكلام لن يغيره شيء".


وحول خطاب الكراهية الذي تم توجيهه من قبل بعض مرشحي الأحزاب المعارضة قال "أبو أحمد": "ما لمسناه من البعض كعبارات عنصرية نعتبره استثناء وليس هو الأصل، بالمقابل نحن كنا على تواصل وتماس واحتكاك مع كثير من الأتراك ولم نلمس منهم إلا كل خير، وقد مضى على وجودنا في منطقة الفاتح نحو 3 أشهر وما شهدناه هو الإقبال الجيد إن كان من قبل الأتراك أو العرب، يضاف إلى ذلك حالة الثناء التي تلقيناها من الجميع فيما يخص العمل والأسعار والنظافة".


وأضاف، أن من يتكلم بعبارات عنصرية لا يمثل سوى نفسه، وحتى هؤلاء وإن كانوا في موقع القرار فلن يكونوا مصدر إساءة لأكثر من سبب، من أبرزها أن التوجه العام في تركيا تجاه أصحاب المحلات السورية والعمالة السورية هو توجه إيجابي.


وطالب "أبو علاء" بأن تتم معاملة أصحاب المحلات السورية من جانب إنساني وقانوني كما يتم التعامل مع المواطن التركي، وأن يكون المسؤولون سنداً للناس وللمُقبلين على العمل بشكل جدي.



أما "أبو مجد"، الإداري في مطعم "ساروجة"، فيرى أن البلديات بالنسبة لأصحاب المحلات التجارية عنصر أساسي كونهم على تماس مباشر معهم من ناحية الحصول على التراخيص والفواتير وغير ذلك، معرباً عن خشيته من أن يتم التعامل معهم بشكل سلبي.


وقال "أبو مجد" لموقع "اقتصاد": "نخشى من أن تتم معاملتنا مستقبلاً بشكل عنصري ما سيشكل حالة من القلق بالنسبة لنا كأصحاب محلات تجارية ومطاعم، كما أننا نخشى من تأثير بعض رؤساء البلديات على الشارع التركي ومن أن يصل الأمر إلى حد المطالبة بمقاطعة هذه المحلات ما سيؤدي إلى تخريب العلاقة بين تلك المحلات والمواطن التركي".


وأضاف، أنه مضى على وجودهم في منطقة الفاتح نحو 4 سنوات، وطيلة تلك السنوات لم تصدر أي شكوى من قبلهم من أي مشكلة كانت، إلا أنه يخشى من ذلك مستقبلاً، على حد تعبيره.


وأعرب عن أمله في أن تبقى المعاملة هي ذاتها وألا تتغير من ناحية التراخيص وتسهيل الأمور الإدارية للمحلات التجارية، وأن يتم إلغاء الخطابات العنصرية ضد السوريين التي بدأت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، والتي بدورها تؤثر على سمعة المحلات والمطاعم السورية في منطقة الفاتح.


من جانبه، توقع "خالد الشامي" المحاسب في محل ألبان وأجبان الشامي في الفاتح، أن يكون هناك بعض الضغوطات والتضييق على أصحاب المحلات التجارية السورية، كأن يتم مطالبتهم على سبيل المثال بإزالة " الآرمات" المكتوبة باللغة العربية واستبدالها بأخرى باللغة التركية، مطالباً في الوقت ذاته بأن تتم معاملتهم مثل الأتراك ووفق القانون التركي الذي يسري على الجميع دون استثناء.


وذكر "الشامي" أنهم موجودون في منطقة الفاتح منذ 5 سنوات وهناك تقبل من الشارع التركي لهم ولمنتجاتهم، لافتاً إلى عدم الرغبة بأن تتطور الأمور وتصل إلى حد الخلافات بين أصحاب المحلات التجارية السورية والمواطن التركي.


ولم يختلف ما جاء به "أبو بكر" الإداري في مطعم "الموصللي" بالفاتح عما تحدث به عدد من أصحاب المحلات والمطاعم، والذي قال: "نأمل خيراً من تلك الانتخابات كوننا بصراحة لم نر (خيرها من شرها)".


مطعم "الموصللي" والذي مضى على افتتاحه أكثر من 5 سنوات، بحسب القائمين عليه، لم يتعرض العاملون فيه لأي نوع من أنواع الضغوطات أو المضايقات، في حين أن نسبة الاقبال كبيرة من قبل الأتراك لتذوق مختلف الأصناف وخاصة "الشاورما" الدمشقية.


وطيلة تلك الفترة أبدى القائمون على هذا المطعم التزاماً واضحاً بقانون البلديات بنسبة 100%، مؤكدين التزامهم بأي قرار يصدر عن البلديات مستقبلاً خاصة فيما يتعلق بإزالة الكلمات العربية من على واجهة المحل واستبدالها بعبارات تركية، وأنهم مع أي قرار يهدف في النهاية للتخفيف من حالة الاحتقان وخطابات الكراهية ضد السوريين.


وفي نهاية الاستطلاع أكد "أبو عمار" أحد أصحاب المحلات التجارية في منطقة الفاتح، أنه طالما أمور أصحاب المحلات التجارية السورية كلها نظامية من ناحية الأوراق والتراخيص، فلن يتعرضوا لأي نوع من أنواع الضغوطات، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن تلك الضغوطات ربما تطال أصحاب المشاريع والتراخيص الجديدة خاصة من ناحية التدقيق الشديد، لكن في نهاية الأمر "سينُظر لك على أنك تاجر، وبالتالي فإنه في هذه البلد قانون، ومن المفترض أن يسير بأي حال من الأحوال".


وختم بالقول: "آمل من أي بلدية أو حزب أن تتعامل مع السوريين من أصحاب المحلات التجارية بمزيد من التسهيلات وعدم تضييق الخناق عليهم ليس أكثر".


الجدير ذكره، أن "الفاتح" شكلت منطقة جذب كبيرة لأصحاب المحلات السورية، لما فيها من تاريخ عريق، وكونها تعتبر حالياً قلب إسطنبول الكبيرة مترامية الأطراف، وكذلك نظراً لقربها من أبرز الأماكن السياحية والتاريخية، والأسواق المركزية، كما وازداد التواجد العربي بشكل ملحوظ، وكثرت المحلات التجارية العربية والمطاعم والمقاهي والمتاجر في المنطقة، حتى أن اللافتات أصبحت تُكتب بالعربية، ولم يعد سماع هذه اللغة غريباً مقارنة بالسنوات الأخيرة بحسب وكالة "الأناضول" التركية.


ترك تعليق

التعليق