اقتصاديات.. هكذا ضحك علينا الأمريكان؟!


كشفت تصريحات رئيس وزراء النظام، عماد خميس، اليوم الأحد، عن توقف إمدادات النفط الإيرانية منذ ستة أشهر، بسبب منع القوات الأمريكية لمرورها عبر البحر المتوسط، والإيعاز لمصر بعدم السماح بعبورها من قناة السويس، مما يكشف عن حجم المساعدة الأمريكية للنظام خلال السنوات السابقة، والتي ساهمت في تثبيته وتغلبه على المعارضة، في وقت كانت تدعي فيه أنها تقف إلى جانب تطلعات الشعب السوري وثورته في إسقاط هذا النظام.

لقد تبين أن أمريكا، هي من كانت تسمح بمرور المساعدات العسكرية واللوجستية القادمة من إيران إلى النظام من أجل أن يقضي على الثورة، وعندما بدأ يتحقق هذا الأمر منذ منتصف العام الماضي، بدأت تضغط على النظام من أجل إخراج إيران من سوريا، بحجة أنه لم يعد هناك داع لدعمها..

إذاً، نفهم من هذا الكلام، لو أن أمريكا منعت منذ البداية مرور المساعدات الإيرانية إلى النظام، لكان هذا الأخير في خبر كان منذ عدة سنوات، ونفهم كذلك أن هذا الأمر لم يكن ليتم لولا وجود تفاهمات بين الثلاثي، أمريكا والنظام وإيران، على ضرورة القضاء على الثورة، ونفهم منه أيضاً، أن كل ما كانت تدعيه أمريكا بأنها لم تقف إلى جانب المعارضة لأنها دعمت الإرهاب المتمثل بجبهة النصرة على وجه الخصوص، إنما هو محض كذب وافتراء، لأنها منذ البداية وقفت إلى جانب النظام، ولعبت دوراً بارزاً في تدمير المعارضة وتشتيتها..

ودعوني هنا أروي شيئاً من واقع تجربتي الشخصية..

كنت في الفترة بين نهاية العام 2014 ومطلع العام 2016، أكتب مقالاً كل أسبوعين للهيئة السورية للإعلام، التي هي جهة أمريكية بحتة، وتُدار من الأردن.. لقد وصلتنا توجيهات بأن لا نتعرض في مقالاتنا لجبهة النصرة ولا أن ننتقد دورها، مثلما يجب أن لا نتعرض للموقف الأمريكي بالنقد.. ولعل ذلك كان سبب توقفي عن الكتابة في الهيئة، بعد مناقشة جرت بيني وبين العميد إبراهيم الجباوي الذي كان يترأس الهيئة، بسبب مقال انتقدت فيه الموقف الأمريكي بأنه لا يريد إسقاط النظام وإنما هو من يدعمه، ويومها أخبرني الجباوي بأنه يعتذر عن نشر المقال لأنه لا يتناسب وسياسة الهيئة، وتوقفت بعدها عن الكتابة.
 
وأذكر فيما بعد، وعند إدراج جبهة النصرة على قائمة الإرهاب الأمريكية، أنه جاءتنا توجيهات أخرى بعدم التعرض للتشكيلات الإسلامية الأخرى في الغوطة الشرقية والمنطقة الجنوبية، بحجة أنها معتدلة ومدعومة أمريكياً..
 
لذلك عندما تقول قيادات المعارضة اليوم بأنهم ضحكوا علينا في معرض تبريرهم لفشل الثورة، فهم يقولون كلاماً صحيحاً.. وعندما خرج جورج صبرا وميشيل كيلو ومعاذ الخطيب، يؤيدون جبهة النصرة ويعتبرونها جزءاً من الثورة، فإنما كان ذلك بتوجيهات أمريكية.. لقد جعلوهم يتورطون بمواقف علنية، دمرت تاريخهم ومستقبلهم السياسي، وأصبحوا أضحوكة حتى يومنا هذا.

يا أخواني..! افهموها.. أمريكا لا تريد إسقاط النظام ولا حتى تغيير بشار الأسد.. هي تريده أن يبقى، ولكن ضعيفاً ذليلاً، مثلما فعلت مع صدام حسين بعد حرب الخليج الثانية في العام 1991، عندما أشعل الأمريكان ثورة شعبية في العراق بعد تحرير الكويت، وكادت أن تسقط صدام حسين، لكن الأمريكان امتنعوا عن دعمها، ويومها قال جورج بوش الأب كلمته الأثيرة: "مهمتي ليست إسقاط صدام حسين وإنما تحرير الكويت"..
 
باختصار، الأمريكان لن يسقطوا بشار الأسد، إلا عندما يصبح عاجزاً عن حماية حدود وأمن اسرائيل.. أما مادام يقوم بهذه المهمة على أكمل وجه، فله الأولوية في البقاء..
 
نقطة على السطر..!!


ترك تعليق

التعليق