من وراء صفقة البطاطا المصرية؟


بين صورة الإعلان الذي وضعته المؤسسة السورية للتجارة عن توزيع مادة البطاطا، وبين الصورة التي نشرتها صفحة محلية عن ما يتم توزيعه، تتوضح حقيقة الصفقة التي عقدتها هذه المؤسسة لاستيراد آلاف الأطنان من البطاطا المصرية وبيعها بأرخص من تلك الموجودة في السوق.

تدخل "بطاطي"

حكومة النظام عن طريق المؤسسة السورية للتجارة قررت التدخل كما تفعل عادة لترويج دورها في السوق، وذلك لإيقاف ارتفاع أسعار الخضار والفواكه وتحديداً هذه المرة للبطاطا التي قفز سعر الكيلو منها ليتجاوز 450 ليرة في أسواق العاصمة، وعقدت لذلك اتفاقاً يقضي باستيراد آلاف الأطنان من البطاطا المصرية، وتوزيعها على الأسواق بسعر منافس.

الدفعة الأولى التي وصلت إلى الأسواق السورية بلغت 200 طن بطاطا، وبيع الكيلو غرام منها بـ 300 ليرة سورية أي بأقل من سعر السوق المحلية 100- 150 ليرة، وهذا ما يمكن اعتباره انجازاً حكومية لكنه لم يصمد كثيراً.

الدفعات المتبقية كما صرح مدير عام المؤسسة تصل تباعاً إلى مرفأ طرطوس بحسب تصريح له منذ أيام لجريدة الوطن المملوكة لرامي مخلوف: "3 آلاف طن المتبقية تكون في الأسواق خلال يومين كحد أقصى، ويتم حالياً تفريغ كمية البطاطا التي وصلت المرفأ ليصار إلى طرحها في صالات المؤسسة".

أما مجمل الصفقة فهي وفق ما عنونت الوطن تصل إلى 5 آلاف طن من البطاطا المصرية، وهي تكفي وفق المدير أكثر من 15 يوماً، وتوزع في 1500 صالة تابعة للسورية للتجارة في المحافظات، بسعر 330 ليرة.

توزيع قسري ومثالي

خارج منافذ هذه المؤسسة تم توزيع كميات كبيرة من خلال سيارات جوالة في القرى والمدن في الأرياف، وهذا ما أكدته وكالة أنباء النظام (سانا)، وبيعت بـ 300 ليرة سورية للكيلو، وهذا ما استدعى مؤسسات النظام للتغني بهذه الخطوة، وأن الشعب أقبل عليها شاكراً جهودها لكبح غلاء المنتج المحلي، وأنها بنفس المواصفات والجودة.

"سانا" التقت بمواطنين عبروا عن أهمية الخطوة ودور المؤسسة في التدخل الايجابي وتوفير السلع والمنتجات الغذائية والزراعية بأسعار مناسبة وبمواصفات ونوعية جيدة.

بطاطا بالعفن.. وبسعر أعلى
 
لاحقاً، نقلت "صاحبة الجلالة" الموالية، عن صفحة محلية في مدينة حلب، صوراً مفزعة للبطاطا المصرية التالفة، وصوراً للعفن الواضح على المنتج ضمن الأكياس التي تم استيراد البطاطا بها. ونشرت مواقع موالية أخباراً عن تنظيم ضبوط للبيع بأسعار مرتفعة للبطاطا المصرية وبمبلغ 350 ليرة سورية.

(محمد . ر) أحد المواطنين من ريف دمشق وفي حديث مع "اقتصاد"، وصف البطاطا المصرية بأنها أسوأ ما شاهده من هذه المنتجات طوال حياته: "البطاطا لونها أسود، ولها طعم مختلف وغريب، واشتريتها لمرة واحدة، وقامت زوجتي برميها بعد أن اكتشفت وجود أجزاء متعفنة و(مضروبة) في داخلها".

وكانت مواقع محلية قد تحدثت عن رفض بعض منافذ البيع التابعة لمؤسسة النظام بيعهم بالكيلو أي بالمفرق، واشترطت عليهم الشراء بالكيس والذي يزن 25 كيلو غرام، وبسعر 7500 ليرة، وتساءلت عن أي تدخل ايجابي وحماية مستهلك يتحدث مسؤولو النظام خصوصاً أن من يشتري الكميات الكبيرة هم التجار.

(مصطفى . ش)، شاهد عيان من سكان ريف دمشق، قال ساخراً لـ "اقتصاد": "لقد اعتدنا الكذب من مؤسسات النظام وفي هذه الصفقة هناك من استفاد ملايين الليرات على حساب المواطن وقدم لنا سلعة سيئة مستغلاً حاجتنا، وهم المسؤولون الفاسدون ومعهم زمرة تجار الاحتكار".

السوريون بأغلبهم ليسوا سذجاً، ويرتابون في خدمات النظام التي يدعي أنها لخدمتهم وحمايتهم، وغالباً ما يكون وراء ذلك صفقات مشبوهة، وثمة سوابق لمؤسسة الخزن والتسويق في صفقات اللحوم الفاسدة عندما ارتفعت أسعار اللحوم، وحصلت وقتها فضيحة كبرى لمديرها نادر عبد الله، ولكن منظومة البعث لم تحرك ساكناً، وعملت منظومة النظام الإعلامية على (لفلفة) القصة ودفنها..

 فمن وراء صفقة البطاطا المصرية؟

ترك تعليق

التعليق