ما مصير امبراطورية "البشير وأشقائه" المالية والاستثمارية؟


ربما من المبكر التساؤل عن مصير امبراطورية "البشير وأشقائه" المالية والاستثمارية، إذ لم يتضح بعد مصير الرئيس – الجنرال، المخلوع، والذي حكم السودان، 30 عاماً، كانت حافلة بالأزمات الاقتصادية والسياسية، والتي وصلت ذروتها مع انفصال جنوب السودان عام 2011، وخسارة منابع النفط الغنية هناك (75% من نفط السودان قبل التقسيم). وقبيل ذلك، كانت الحرب الشرسة التي عاشها إقليم دارفور غرب السودان، والتي أدت إلى تصنيف، عمر حسن البشير، كمجرم حرب ومسؤول عن جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، وفق قرار استثنائي صادر عن المحكمة الجنائية الدولية.

لكن مؤشرات أولية، تشير إلى أن الجيش الذي قبض على السلطة، وأطاح بالرئيس السوداني، يعتزم "قصقصة" أجنحة البشير المالية والاستثمارية، المتمثلة بأشقائه، حيث حاصرت قوات من الجيش السوداني منازل الأشقاء في حي كافوري الراقي، بالعاصمة الخرطوم، وسط أنباء عن اعتقال عبد الله البشير، الشقيق القوي للرئيس السوداني، والذي لطالما اتُهم بأنه رأس حربة فساد النخبة الحاكمة.

في عام 2017، أصدرت منظمة "كفاية" الأمريكية، تقريراً صنفت فيه نظام الحكم بالسودان، بأنه عصابة من اللصوص، تتحكم بالبلد، وتنتهج أسلوب إثراء وتمكين "الذات" واستدامة السلطة، على حساب التدهور المعيشي الهائل، في حياة السودانيين.

وفيما يتمتع السودان، بثروات كبيرة، وموارد طبيعية كامنة، يعيش ما يقرب من نصف السكان تحت خط الفقر، وتظهر السودان كدولة فاشلة، حيث يتكدس نازحون بالملايين في مخيمات بدارفور، وجنوب كردفان والنيل الأزرق. إلى جانب مجتمعات مُهمشة في شرق السودان، وفي مستوطنات غير رسمية خارج الخرطوم، حسب وصف التقرير الأمريكي.

أما بالنسبة لنخبة حاكمة صغيرة، تبدو السودان دولة ناجحة، بشكل مذهل، إذ تحول بضعة أشخاص إلى أثرياء، ولعبوا أدواراً بارزة في نهب موارد البلاد.

وذكر التقرير الأمريكي، كمثال، شركة الخليج للصمغ العربى السودانية، والتي تعمل وفق عقدٍ مع سلطات الشارقة (الإمارات)، لإنشاء مصنع لإنتاج بدرة الصمغ العربى بقيمة استثمارية تصل الى (15) مليون دولار فى المنطقة الحرة بالشارقة. وتعود الملكية الحقيقية للشركة، لأشقاء الرئيس السوداني (علي وعباس وعبد الله البشير).

ومنذ العام 2011، بدأت تتزايد المعلومات والتفاصيل المنشورة عن امبراطورية "البشير وأشقائه" الاستثمارية، داخل البلاد، وخارجها، حيث يسيطر أشقاء البشير وأشخاص مقربون منهم على القطاعات الأكثر حيوية وربحية فى اقتصاد البلاد، من ذلك "قطاع الاتصالات، والتمويلات المصرفية، والتعاقدات الحكومية، واستقبال المستثمرين الخليجيين واستخراج مستحقات المقاولين لدى الحكومة، وخدمات البترول وغيرها..".

ويتناقل نشطاء سودانيون أسماء شركات واستثمارات تعود ملكيتها الكاملة أو الجزئية لعائلة البشير، مثل (سوداتل ، مجموعة زوايا، زوايا للمعلومات وتقنية الاتصالات، زوايا الهندسية، زوايا للخدمات، زوايا للصناعات الغذائية، زوايا للخدمات الطبية والبيطرية، عفراء مول، روتانا السلام، مصنع الروابى للألبان والعصائر، مجمع رهف السكنى، نهر شاري، شركة لاري كوم السودانية...).

ويمكن الإشارة إلى أكثر من 20 مؤسسة استثمارية أخرى، يربط نشطاء سودانيون بينها وبين عائلة البشير، منها (هاى تك للبترول، هاى تك كيميكال، هاى تك للخدمات الهندسية المتقدمة، مجموعة التقنية المتطورة (هاي تك قروب)، هاي كوم، هاى كونسولت، شركة السودان للسكك الحديدية الحديثة، هاى كوم (شركة اتصالات)، بشاير فيما بعد اريبا ثم MTN، شركة الفاركيم للصناعات الدوائية، شركة التعدين المتقدم، شركة التجارة و الكيماويات المتقدمة، مدينة جياد الصناعية ـ ولاية الجزيرة، شركة جياد لإنتاج السيارات والمركبات الثقيلة، شركة جياد الصناعية ـ الخرطوم، شركة بتروهلب للنفط الرياض، شركة رام للطاقة المحدودة الرياض شارع المشتل، شركة الأعمال التجارية والكيميائية المتقدمة المحدودة، شركة اتكوكو لصناعة الجوالات البلاستيكية، مصنع ابن حيان للصودا الكاوية، أتكوكو لصناعة الأسمنت، شركة أتكوكو لأعمال السكة حديد، اسهم بكنار تل).

وفي نهاية العام 2010، كشفت وثائق دبلوماسية سرية أمريكية، سرّبها موقع "ويكليكس" أن الرئيس السوداني عمر حسن البشير نقل نحو 9 مليارات دولار إلى حساباته المصرفية في بريطانيا والولايات المتحدة. ونقل دبلوماسيون أمريكيون عن لويس مورينو أوكامبو مدعي المحكمة الجنائية الدولية أن الرئيس السوداني اختلس مبالغ تصل إلى 9 مليارات دولار من أموال الدولة أودعها في حسابات أجنبية.

وقد لا يبقى السؤال عن مصير امبراطورية "البشير وأشقائه" مُعلّقاً لفترة طويلة، سواء تمكن الجيش من إعادة إنتاج نظام البشير نفسه، بوجوه جديدة، أو اضطر، تحت ضغط الشارع والقوى المدنية السياسية، إلى التخلي عن السلطة، فإن مصير البشير وأشقائه، سيكون موضوعاً رئيسياً للنخبة الحاكمة الجديدة.




ترك تعليق

التعليق