السوريون في السودان.. قلق وترقب


تخلو صفحات السوريين المتواجدين في السودان، والذين يبلغ عددهم أكثر من 300 ألف سوري، من أي إشارة للأوضاع السياسية المستجدة في البلد، وموقفهم منها، اللهم إلا ما يتعلق منها بقرار وقف الرحلات الجوية من مطار الخرطوم، أو تراجع سعر صرف العملة السودانية أمام الدولار، وما عدا ذلك، فلا أحد يتحدث عن ضرورة حزم حقائبه في أقرب وقت، والبحث عن ملجأ آخر أكثر أماناً.

يقول "أبو محمد" المقيم في السودان منذ أربع سنوات، مع أسرته المكونة من زوجة وأربعة أولاد، إن الوضع آمن بالنسبة للسوريين المتواجدين في السودان ولا يتعرضون لأية مضايقات، بسبب أن الشعب السوداني "طيب ومثقف ومسالم ويحب السوريين"، لذلك لم تلجأ وسائل الإعلام، كما حدث في مصر، للتجييش ضد السوريين، بأنهم يقاسمون السودانيين أرزاقهم، كما لم يتعرض أحد للسوريين الذين شارك الكثير منهم أخوتهم السودانيين، في مظاهراتهم، وشاركوهم الفرحة برحيل رأس النظام لديهم.

ويتابع "أبو محمد"، أن الضغط الوحيد الذي يتعرض له السوريون في السودان، هو أن تتطور الأحداث ويحدث انفلات أمني، ويصبحوا بعدها مضطرين للبحث عن مكان بديل لإقامتهم. لكنه أكد أن الوضع لا يزال آمن جداً، والجميع مستمرون في حياتهم وأعمالهم دون تغيير يذكر.

ويتواجد العدد الأكبر من السوريين، في المدن الرئيسية الكبرى في السودان، وعلى رأسها العاصمة الخرطوم وأم درمان، وهم يتواجدون في الخرطوم في مناطق حيوية، مثل: شارع الستين - اوماك - المنشية - الرياض - المشتل - عبدالله الطيب - مكة، كافوري .. إلخ، ويبلغ حجم أعمالهم وتجارتهم بأكثر من 200 مليون دولار، أغلبها مستثمر في المحال التجارية والمطاعم والورش الصغيرة والكبيرة، كما يستأجرون شققاً سكنية كثيرة، تعود بالنفع على أصحابها من السودانيين، حيث يبلغ إيجار الشقة وسطياً نحو 10 آلاف جنيه سوداني "الدولار بـ 73 جنيه".

أعوان الأسد في السودان
 
يقول "باسم"، وهو شاب بدرس في الجامعة بالسودان، ومقيم منذ خمس سنوات مع أسرته في الخرطوم، إن السفارة السورية في الخرطوم نشطة جداً، وهي توظف أعداداً كبيرة من المخبرين والصفحات التي تحاول أن ترعب السوريين وتبث الفرقة فيما بينهم وتجعلهم يتعاملون مع بعضهم بحذر، كما تنشر أخباراً تتحدث فيها عن تسهيلات لمن يود العودة إلى سوريا، وخصوصاً مع تصاعد الأحداث في الأيام الأخيرة، إلا أنه أشار إلى أن الكثير من السوريين لن يعودوا مهما وصلت إليه الأوضاع في السودان، لأنهم قرروا، بحسب قوله، أن يتكاتفوا مع إخوتهم السودانيين في جميع ظروفهم، وهم الذين استقبلوهم وأحسنوا وفادتهم، وعاملوهم بأخلاق عالية.

وأضاف "باسم"، أنه شخصياً شارك السودانيين في مظاهراتهم، إلى جانب عدد كبير من السوريين، ولم يسمعوا كلمة واحدة، حتى من الشرطة السودانية، لافتاً إلى أنه بالأمس وبعد إعلان سقوط البشير، هنأ الكثير من زملائه السودانيين في الجامعة، الذين كانوا سعيدين بحسب قوله لمشاركته فرحتهم، وتابع أنه في المنزل شاركت أسرته جيرانهم بفرحتهم، وتبادلوا معهم التهاني كما لو أن بشار الأسد هو الذي سقط.

وكانت إحدى صفحات السوريين في السودان، بدأت بنشر تحذيرات منذ يومين، بأن لا يتدخل السوريون فيما يجري في السودان، طالبة منهم الالتزام في منازلهم بالإضافة إلى تقديم مشورات لهم عن كيفية العودة إلى سوريا، لكن "باسم" لفت إلى أن هذه الصفحة تابعة لسفارة النظام في الخرطوم ولديها قوائم بأسماء السوريين المعارضين للنظام، وهي تتحين الفرصة للانقضاض عليهم وتسليمهم إلى مخابرات النظام.

المزيد عن الأوضاع الاقتصادية

تبدو الأوضاع الاقتصادية الصعبة هي التحدي الأكبر الذي يواجه السوريين في السودان، بالإضافة بالطبع إلى الأوضاع الأمنية، التي يخشى أن تتطور إلى الأسوأ.

وفي هذا الصدد، يقول وسيم الحجي، صاحب محل تجاري لبيع المواد الغذائية في مدينة أم درمان، إن تكاليف المعيشة في السودان، زادت كثيراً خلال السنتين الماضيتين، فضلاً عن أن السودان بالأساس، بلد يعاني من الغلاء في كل شيء تقريباً، مشيراً إلى أن الكثير من السوريين يعانون من ارتفاع تكاليف إيجار البيوت، وصعوبة إيجاد عمل بدخل يغطي تكاليف الحياة.

وأضاف الحجي أن أغلب السوريين المتواجدين في السودان هم من الميسورين إلى حد ما، وهو ما ساعدهم على الصمود والبقاء ومن ثم العمل، لكن المشكلة الأكبر هي في ظروف السودانيين الاقتصادية، التي أثرت على أعمال السوريين، وأدت إلى تراجعها.

ويقول الحجي، إنه يفكر جدياً في الانتقال من السودان إلى بلد آخر، إذا ما ساءت الأوضاع الأمنية والاقتصادية أكثر، لافتاً إلى أنه لن يعود إلى سوريا لأنه مطلوب لمخابرات النظام، ولكن على الأغلب سوف يبحث عن بلد أفريقي آخر يتابع أعماله فيه.


ترك تعليق

التعليق