من معروف إلى مخلوف، وانتهاءً بسامر فوز.. هل من صراع على بنك سوريا الدولي الإسلامي؟


تعود جذور الصراع على امتلاك حصة كبيرة في أسهم بنك سوريا الدولي الإسلامي، إلى بدايات تأسيسه في العام 2007 وانطلاقته الفعلية بعد منتصف العام 2008. وكما هو معروف فإن البنك هو الابن الشرعي لـ "بنك قطر الدولي الإسلامي" الذي يمتلك 49 بالمئة من رأسماله، بينما يمتلك الباقي، مساهمون سوريون وعلى رأسهم رجل الأعمال المقرب من بشار الأسد، سليمان معروف، الذي كان يمتلك أكثر من 10 بالمئة من أسهم البنك.

وحقق البنك في بدايات انطلاقه نجاحات مذهلة، واستطاع خلال فترة زمنية بسيطة، أن يتربع على عرش البنوك الخاصة في سوريا، ويستحوذ على أغلب الإيداعات، ويحقق أرباحاً كبيرة، كانت تصل سنوياً إلى نحو مليار دولار.. وهو ما أدى إلى ارتفاع قيمة سهم البنك في بورصة دمشق إلى أرقام قياسية، ما يعادل عشرة أضعاف الطرح الأولي لأسهم البنك في البورصة.

وبعد انطلاق الثورة السورية في آذار من العام 2011، تعرض البنك، مثله مثل باقي المؤسسات المصرفية العاملة في سوريا، إلى العقوبات الدولية، بالإضافة إلى أن تخلخل العلاقة بين نظام الأسد وقطر، أدى إلى انسحاب المستثمرين القطريين من البنك في العام 2012، وبيع أسهمهم فيه، التي سارع رامي مخلوف إلى شراء قسم كبير منها، بالإضافة إلى سليمان معروف، الذي رفع من حصة مساهمته في البنك إلى 20 بالمئة.

استمر البنك في النجاح والصعود، ولم تؤثر العقوبات الدولية كثيراً على تعاملاته وأرباحه، ولاحقاً نجح مجلس إدارة البنك، برفع اسمه من قائمة العقوبات الاقتصادية الأوروبية في العام 2014، ليحتدم الصراع أكثر بين عدد من رجال الأعمال الكبار للاستحواذ على أكبر حصة ممكنة في البنك.
 
ومما فتح من شهية رجال الأعمال هؤلاء على المنافسة للحصول على أسهم البنك، هو البيانات المالية الفصلية والسنوية التي كانت تصدرها بورصة دمشق، والتي أشارت في الربع الثالث من العام 2018، إلى أن موجودات البنك من العملة تجاوزت الـ 300 مليار ليرة سورية، فيما زادت إيداعاته بمقدار 26 مليار ليرة سورية مقارنة بالعام السابق. وحقق سهم البنك ربحاً سنوياً صافياً أكثر من 9 بالمئة، وهو ما دفع البنك لرفع رأسماله إلى 13 مليار ليرة، من خلال توزيع أسهم مجانية على المساهمين، دون أن يعلن طرح أسهم جديدة للبيع..
 
ولعل ذلك ما يثير الاستغراب، إذ أنه في ذات الفترة، التي أعلن فيها البنك عن رفع رأسماله من خلال توزيع أسهم مجانية على المساهمين، تم الإعلان عن صفقة شراء لأسهم البنك قام بها رجل الأعمال سامر الفوز بمبلغ نحو 10 مليارات ليرة سورية، أي أنه أصبح يمتلك نحو 70 بالمئة من رأسمال البنك.. وهو الأمر الذي يعطيه الحق بأن يستولي على مجلس إدارة البنك والتحكم بتوجهاته وتعاملاته.

وبالفعل هذا ما حدث، إذ بدأنا نلحظ تغيراً في توجهات البنك في الفترة الأخيرة، من خلال الاجتماع مع رجال الأعمال في غرفة صناعة وتجارة دمشق، وعقد صفقات تمويل معهم، يقوم من خلالها البنك بتمويل مشاريعهم وتجارتهم مقابل الشراكة معهم في هذه المشاريع، وبالطبع الاستفادة من موقع البنك الذي استطاع التحرر من العقوبات الاقتصادية الأوروبية.

الكثير من المتابعين، يرون أن البنك أصبح الذراع الطويلة للمصرف التجاري السوري، المعاقب دولياً، ويقوم عوضاً عنه، بإجراء الكثير من العمليات المالية، ولعل ذلك كان السبب الذي دفع السلطات الأمريكية لمعاقبته في العام 2012، عندما كشفت، عن قيام بنك سوريا الدولي الإسلامي، بإجراء صفقة بقيمة 125 مليون دولار لصالح التجاري السوري.

إلا أن النظام السوري، بات أوعى من أن يورط المصرف من جديد بمثل هذه العمليات، التي تستطيع الجهات الدولية اكتشافها مباشرة، وبدل ذلك، هو يسعى اليوم لأن يقوم المصرف، الذي يمتلكه فعلياً ثلة من رجال الأعمال التابعين له، بتوفير الحد الأدنى من متطلبات استمراره على قيد السلطة، عبر تمويل مستوردات رجال الأعمال من المواد الأساسية التي تحتاجها السوق المحلية، بالإضافة إلى تمويل مشاريعهم الصناعية والاستثمارية التي ينظر إليها على أنها يجب أن تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي، للتخفيف ما أمكن من هدر الدولار في المستوردات.

لذلك، لا نبالغ إذا قلنا، إن بنك سوريا الدولي الإسلامي سوف يلعب من الآن وصاعداً، دوراً مهماً في عجلة اقتصاد النظام المحاصر بالعقوبات الدولية، وكل من يشك بهذا الكلام، ما عليه سوى أن يراقب أنشطة هذا البنك، الذي يبلغ عدد فروعه على الأراضي السورية، 25 فرعاً، وأن لا يلتفت كثيراً لما يروج له النظام عن وجود صراع بين سامر الفوز ورامي مخلوف.. فأغلب الظن أنهما رجلان في رجل واحد..
 
أما سليمان معروف، فهو رجل العلاقات الخارجية، المطلوب منه في هذه المرحلة أن يبقى في الظل، بعد أن زكمت رائحة فساده وتعاملاته المشبوهة لصالح النظام، أنوف المؤسسات الرقابية الدولية.
 


ترك تعليق

التعليق