مخيمات السوريين في لبنان.. تفاصيل لم تعد تخفى على أحد


لم تعد أوضاع مخيمات السوريين في لبنان ومآسيهم خافية على أحد، لا على الدولة اللبنانية، ولا على السوريين أنفسهم (نظاماً أم معارضة) ولا على المنظمات الإنسانية الداعمة التي تتغير وتتبدل كلما تبدل حجم مبالغ الإغاثة.

فالمخيمات كثيرة وعشوائية، كما أن الخيم عديدة ولا يمكن إحصاؤها أو معرفة مكان تواجدها بشكل دقيق، لانتقال معظمها بشكل مستمر من مكان لآخر، نظراً لتغير وجهة نظر مالك الأرض التي تقام عليها الخيم، وطلبه إخلاء أراضيه بشكل مباشر..

اتصلنا بمشروع "كرافان" التطوعي في لبنان Al Caravan Project، حيث أكد القائمون عليه لموقع "اقتصاد" أنه يكفي للاجئ أن يتأخر عن دفع إيجار خيمته، حتى يقوم صاحب الأرض بطرده، وتبدأ عائلة اللاجئ بالبحث عن مكان آخر تقيم عليه خيمتها.. وبذلك أصبح في لبنان عشرات آلاف المخيمات الصغيرة والكبيرة حسب عدد الخيم فيها، بعضها تحت رعاية منظمات وتلك أكثرها تنظيماً، لكنها لا تصل إلى مستوى تلك التي في تركيا أو الأردن.. علماً أن العائلة اللاجئة هي من تختار الأرض، وتردمها وتسويها، ثم تأخذ موافقة من مجلس البلدية والأمن اللبناني على بناء خيمتها عليها.. لكن منذ ثلاث سنوات، لم تعد البلديات تعطي موافقات لنقل أو تشييد خيم جديدة.

وقد تكون الخيام على سفح جبل أو طرف نهر، فتصبح معرضة للفيضانات، مما يستدعي تدخل المنظمات الموجودة مثل: " UNCHR ومنظمة (أنقذوا الأطفال) ومنظمة وورلد فيجن".

وأضاف أحد المتطوعين في المشروع أن العائلات السورية ما زالت تعتمد على مساعدة الإعاشة التي تقدم لها عبر كرت، ويتقاضى الفرد الواحد مبلغ 27 دولاراً فقط شهرياً أي أقل من دولار واحد في اليوم، الدخل الشهري المفترض في أكثر الدول فقراً..

يضاف إلى هذه المساعدة، مساعدة التدفئة كالمازوت التي تعتبر أساسية وخاصة في الشتاء، وتقديم ملابس بشكل خاص كتبرعات من قبل الجمعيات اللبنانية أو السورية.

أما المدافئ، وشفاطات الحمامات، ومسائل سحب المياه المالحة في حال الفيضان، وتوزيع قطع خشب لبناء الخيم، فتقوم بها المنظمات الدولية الموجودة كوورلد فيجن، خاصة وأن الخيمة التي أصبحت شبه ملك لصاحبها بدؤوا يضعون لها سعراً..

أما فيما يخص موضوع الطبابة، فيشير المتطوع إلى: "تعاقد المفوضية العليا للاجئين UNCHR مع مشاف لبنانية كثيرة بهذا الخصوص، باستطاعة اللاجئين السوريين مراجعتها. لكن المشكلة أن المفوضية العليا الدولية لا تغطي سوى 75% من التكاليف، وعلى المريض دفع ثمن (دخولية) المشفى، و25% من الفاتورة النهائية، مما يدخل اللاجئ في حال لم يستطع الدفع، في مشاكل مع إدارة المشفى، التي لا تتردد في حجز أوراق وإقامة اللاجئ ريثما يحضر باقي الفاتورة غير المدفوع".

وبحسب متطوع آخر في مشروع كارافان: "هناك مستوصفات خيرية كثيرة في لبنان، تتقاضى خمس دولارات فقط لكل كشفية مريض، وهي أنشئت من قبل جمعيات لبنانية وسورية، فالجمعيات اللبنانية كانت متواجدة أصلاً، لكن الجمعيات السورية أسسها رجال أعمال سوريون بالتعاون مع لبنانيين. وهذه المستوصفات تغطي جزءاً كبيراً من اللاجئين السوريين وتقدم بعض الأدوية للأمراض الاعتيادية.. لكن هذا لا يمنع وجود جمعيات خيرية سيئة تأسست قديماً لكن مشكلة السرقات والنهب موجودة، فلبنان كبلد أصبحت سوقاً للجمعيات المدنية "ان جي او" والتي تأسست منذ حرب تموز عام 2006 أو حتى قبل ذلك".

وعن الجمعيات بشكل مفصل، يشير أحد القائمين على مشروع جمعية خيرية جديدة: "نحن نتحدث عن ميزانية لجمعية قد تصل بشكل سنوي إلى 5 مليون دولار، يتم جمعها من الهبات والمساعدات الدولية، ومساعدات من سوريين مقيمين في الخارج أو أوروبا، أو حتى رجال أعمال لبنانيين وسوريين مقيمين في الغرب.. وبالطبع فإن الدولة اللبنانية تتقاضى نسبة 7%  عن كل العقود الموقعة بين الجمعيات وأي شركة تأتي لبناء خيمة صفيح أو لتسوية أي طريق أو تعبيده، وبالتالي فإن الدولة تربح والشركة مع عمالها يربحون مقابل بناء مجرد مخيم صغير يأوي عدة عائلات سورية..".

وما تزال مسألة المخيمات في لبنان كما كرة القدم، تتقاذفها الدول والمنظمات، والجمعيات المختلفة في لبنان.. يتدخل في بعض الأحيان مستثمر أو متبرع أو دولة صديقة للسوريين واللبنانيين.. لكن الفيضانات والسيول وبرودة الطقس ما زالت لا ترحم عائلات اللاجئين وتجعل أيامهم ولياليهم صعبة جداً.

ترك تعليق

التعليق