لماذا الآن؟.. النظام يلغي إعفاء الشاحنات السعودية من الرسوم


يعود قرار إعفاء الشاحنات السعودية من رسوم العبور عبر الأراضي السورية، إلى العام 2004، والبعض يقول إن تاريخ الإعفاء يعود إلى العام 2001، في أعقاب المباحثات التي جرت بين الجانبين في ذلك التاريخ، وطلب فيها السعوديون أن يتم إعفاء الشاحنات السعودية من رسوم العبور، لأن أغلبها تحمل بضائع من وإلى لبنان. وقامت السعودية بتقديم مبلغ دعم مالي للحكومة السورية، تعويضاً عن هذه الرسوم، ظل مستمراً حتى نهاية العام 2012، عندما ساءت العلاقات السياسية بين الطرفين، ولاحقاً تم إغلاق الحدود البرية مع الأردن، فتوقفت حركة النقل القادمة من دول الخليج، بشكل نهائي.

وكانت حكومة النظام، تدافع عن قرار إعفاء الشاحنات السعودية من رسوم العبور عبر الأراضي السورية، بأن أغلب مالكي هذه الشاحنات هم سوريون، بالإضافة إلى أن الشاحنات السورية حصلت على إعفاء مماثل عبر الأراضي السعودية، ما يعني أن الفائدة كانت تصب مئة بالمئة لصالح الجانب السوري.

بالأمس، أصدرت وزارة النقل التابعة للنظام السوري، قراراً يوقف العمل بهذا الإجراء، وطلبت من المراكز الحدودية العودة إلى تقاضي الرسم والضرائب على الشاحنات السعودية، سواء كانت فارغة أو محملة، سواء كانت وجهتها سوريا أو ترانزيت، وهو ما يعني بأن السعودية سوف تلغي كذلك الاتفاق بالنسبة للشاحنات السورية التي تعبر أراضيها.

القرار بلا شك سوف يضرّ بالتجارة البينية بين لبنان ودول الخليج بالدرجة الأولى، سيما وأن لبنان هو المستفيد الأكبر من هذه التجارة، وسوف يضر كذلك بالبضائع السورية التي كانت تتطلع للدخول مجددا ًإلى الأسواق الخليجية بعد فتح معبر نصيب في أيلول الماضي.
 
لكن لو أردنا البحث عن سر اتخاذ مثل هذا القرار في هذا التوقيت، الذي يعاني فيه النظام من حصار اقتصادي خانق، فالأولى به هو أن يخفف من الإجراءات، لتسهيل حركة العبور عبر الأراضي السورية، وليس تعقيدها ووضع الصعوبات أمامها..؟، فلماذا الآن..؟، وما الهدف من هذا القرار..؟

في البداية، لا بد أن نتذكر أن الأردن اتخذ قراراً نهائياً، بعد إعادة فتح معبر نصيب، بمنع مرور الشاحنات السورية عبر أراضيه، بما فيها تلك التي تحمل بضائع، واشترط أن يتم تفريغها عند الحدود وتحميلها لشاحنات أردنية، هي من تتولى إيصالها إلى الأسواق الداخلية، أو إلى المعابر البرية مع دول الخليج.

لذلك فإن الشاحنات السورية، هي بشكل طبيعي لا تستطيع الوصول إلى الدول الخليجية، والتعويل هو على الشاحنات التي تحمل لوحات سعودية أو غيرها..
 
إلا أن النظام لم يعد يفكر اليوم بهذه العقلية البراغماتية، لخدمة بضائعه وتجاره، وإنما بات يتصرف بروح انتقامية، الهدف منها إزعاج السعودية التي تحتضن وترعى وتدعم لبنان بتركيبته التي لا تتضمن حزب الله وميليشياته وجمهوره، المدعومة أساساً من إيران.. فالمستفيدون الرئيسيون من حركة الترانزيت من لبنان إلى الخليج، لا يتضمنون الشيعة المحسوبين على حزب الله الذين باتوا ممنوعين من دخول الأراضي السعودية، والذين ضيّقت السعودية على أعمالهم ونشاطاتهم فيها.. بينما ينشط تجار سُنة ودروز ومسيحيون، في مجال الترانزيت من لبنان إلى الخليج.. لهذا فإن المستهدف الأول من هذا القرار هو لبنان "غير الشيعي"، الذي بدأ يتنفس قليلاً بعد فتح الحدود البرية مع الأردن، وبدأت تنشط تجارته مع دول الخليج..
 
إن النظام يريد بالضبط أن يزعج السعودية، عبر ما يعتقد أنه يمسكها من اليد التي توجعها.. لأن السعودية ناضلت كثيراً من أجل الحصول على مثل هذا القرار في مطلع العام 2001، وها هو اليوم ينهي هذا النضال بجرة قلم، ومن وزير النقل..

ترك تعليق

التعليق