وأد بطريقة مختلفة.. قصص مؤلمة لشابات في دمشق


وأد البنت خشية الفقر هي عادة جاهلية وتعني دفن البنت في التراب حية. في سوريا اليوم، تُوأد شاباتٌ بطريقة تختلف عن التعاريف التي عرفتها معاجم اللغة العربية للكلمة.

في دمشق مثلاً، شابات يعملن بدوام لا يقل عن 10 ساعات لإعالة إخوة صغار، بعد أن فقدنَ الأب، والإخوة الشباب.

"اقتصاد" رصد خلال هذا التقرير تجارب عمل لفتيات وشابات، بشروط قاسية، من أجل إعالة أسرهن في العاصمة دمشق.

عدة حالات اطلع "اقتصاد" على تفاصيلها، كان أبرزها لشابتين تعملان في ورشة لصناعة الأحذية في العاصمة دمشق، تأتيان إليها يومياً من مكان سكنهم في حمورية بالغوطة الشرقية.

الحالة الأولى لشابة بدأت العمل في الـ 23 من عمرها، وتبلغ اليوم من العمر 31 عاماً، وتعمل في ورشة لصناعة الأحذية بعد أن غيبت قوات النظام أخوتها الثلاثة، ووالدها في المعتقلات.

"الشابة" التي يتحفظ "اقتصاد" على ذكر اسمها ضمن التقرير، بدأت حديثها قائلة: "خرجنا من الغوطة الشرقية بعد أن قامت قوات النظام بإغلاق جميع الطرقات المؤدية إليها منتصف عام 2013. لم نستطع استئجار منزل في العاصمة بسبب ارتفاع الايجارات حيث اضطررنا للانتقال من منزل لآخر من منازل أقربائنا وأصدقائنا طيلة سنوات حصار الغوطة وحتى تاريخ التهجير الذي سمحت قوات النظام بعده للراغبين بالعودة إلى منازلهم، بالدخول".

"منذ تاريخ خروجنا من الغوطة وحتى عودتنا إليها أحلم بوجبة (فروج) أو (شاورما)"، هذا ما قالته الشابة أثناء حديثها، وهو ما لم تستطع الحصول عليه بسبب مرتب لا يتجاوز 27 دولار أسبوعياً أي ما يقارب 15 ألف ليرة سورية، لا تكاد تكفي ثمن دواء والدتها وتكاليف المواصلات إلى العمل والخبز.

"أما في حال نفاذ الغاز من الجرة فنحن مضطرون لعيش أسبوع من التقشف بعد دفع ثمن تبديل جرة الغاز الذي وصل سعرها اليوم إلى 10 آلاف ليرة سورية".

أما الشابة الثانية فهي تعيل أفراد أسرة مؤلفة من أب وأم مسنين وأخت مقعدة، انتقلت للعيش في برزة بعد إغلاق الطرق المؤدية إلى الغوطة عام 2013. هذه المرة، روت "أم محمد"، زوجة صاحب الورشة، قصة الشابة التي تعمل لديهم، قائلة: "اضطرت الشابة التي تعاني من إعاقة في إحدى قدميها للعمل بعد تشتت شمل إخوتها الشباب بين مسافر ومحاصر في الغوطة بمرتب لا يتجاوز 27 دولار أسبوعياً".

بعد حصار برزة عام 2017، عاشت الشابة مع عائلتها تجربة النزوح مجدداً، حيث توجهت العائلة للسكن في بيت في منطقة التل قرب دمشق، خال تماماً من أي شيء، وصل إيجاره إلى 35 ألف ليرة سورية، أي نصف راتبها شهرياً، وذلك مدة سنة ونصف تقريباً، حتى سمحت قوات النظام للأهالي بالعودة إلى الغوطة الشرقية عقب تهجير مقاتليها.

"أم محمد" تابعت حديثها قائلة: "رغم خلو منزل العائلة في الغوطة من أدنى مقومات الحياة وتعرضه للقصف خلال الحملة الأخيرة، إلا أن العائلة اضطرت للعودة إليه هرباً من الإيجارات".

الحال ذاته في التقشف عند نفاذ جرة الغاز يضاف له استحالة استبدال الغاز بالكهرباء من أجل الطبخ بسبب ندرة الثانية أيضاً.

أما عن التدفئة فلم تستطع كلتا العائلتين (عائلتي الشابتين) تركيب صوبية حطب أو مازوت بسبب ارتفاع أسعارهما رغم البرد القارس الذي واجههوه في فصل الشتاء المنصرم.

في الباغوز، قُتلت النساء والأطفال حرقاً، ودفن عدد كبير منهم، وهم أحياء، بعد أن أصيبوا.. في حين تُدفن النساء في دمشق "بالحياة"، بسبب قلة الشباب الذين ينقسمون بين مُهجر ومفقود ومطلوب للاحتياط في صفوف جيش النظام.

يُذكر أن "اقتصاد" كان قد أورد في تقرير سابق له قصة "أم سامر" التي تعمل بمرتب 20 ألف ليرة سورية شهرياً لإعالة أسرتها المؤلفة من 3 أطفال، بعد أن منعت قوات النظام زوجها من مغادرة مركز الإيواء مع عائلته بحجة استكمال التحقيقات ومعاملة تسوية الوضع.


ترك تعليق

التعليق