ذوو الدخل المحدود.. يتحايلون على معيشة دمشق القاسية، بشتى الوسائل


"لا شيء رخيص الثمن في دمشق سوى المواطن"، يقول أحد السكان مشيراً إلى متاعب معيشية لا تنتهي في عاصمة النظام السوري. فما إن تبدأ أزمة ما -يضيف المواطن- "حتى تنشب أزمات أخرى أشد ضراوة". وهذا ما جعل السكان ذوي الدخل المحدود الذين يشكلون عدداً كبيراً من سكان العاصمة يتحايلون على الواقع المعيشي الصعب دون أن يتمكنوا من تغييره.. يؤكد هؤلاء بأسى بالغ.

"منذ سنوات ونحن نعيش على الاستدانة.. أستدين من إخوتي. من الجيران. من رفقاتي.. الديون هلكتنا ولا نتمكن من التسديد"، تتحدث السيدة "اعتماد" وهي ثلاثينية تعيش في أحد أحياء دمشق مع زوجها وثلاثة أولاد. يعمل الزوج موظفاً لدى حكومة النظام براتب 43000 ليرة. "لا يكاد يكفي لدفع فواتير الماء والكهرباء والاتصالات وشراء حبات من الخضار كل بضعة أيام"، كما تؤكد اعتماد.

مع تفاقم الأزمات وانتشار الغلاء في جميع المواد والبضائع الأساسية، "يحتاج المرء لرزمة أموال بسمك 3سنتم!". يتحدث "أبو علاء" الكهل الذي علاه الشيب، في نوع من التهكم.

قبل الحرب -يقول أبو علاء- كانت للعملة المحلية قيمة كبيرة. فـ "رزمة تتألف من 100 ألف ليرة كانت تكفي لمصروف أشهر طويلة أما اليوم وفي ظل تدهور قيمة العملة والغلاء الفاحش في كل شيء مع الدخل المحدود جداً لن يكفي هذا المبلغ لاحتياجات شهر واحد.. وليته يكفي!!".

يعتمد أبو علاء على راتب التقاعد (26000 ليرة) وعلى ما يرسله أولاده الشباب المقيمون في أوروبا من حوالات مالية تصله كل شهر. "نحاول تدبر أمور المعيشة بأي وسيلة ممكنة -الكلام لـ "أبو علاء"- كما ترى الوضع في الشام لا يسر الصديق.. بطالة وغلاء وغياب تام للمحروقات بأنواعها. كيلو اللحم يتجاوز الـ 7000 ليرة وكيلو الفروج لا يقل عن 1400 ليرة والخضراوات والفاكهة تحلق عالياً".. يسكت لبرهة ثم يضيف بغصة واضحة "نحن نعيش من قلة الموت".

الدخل المحدود للزوج يجبر الزوجة والأولاد الكبار على العمل في كثير من الأحيان. "سامر" وهو معيل لأسرة مكونة من 4 أفراد خاض هذه التجربة. يعمل سامر في محل مفروشات ونتيجة لظروفه المادية السيئة اضطر ليوافق على عمل زوجته في المنزل. كما يعمل ابنه الأكبر (16 سنة) في متجر حلويات. الزوجة تعمل في التطريز والخياطة. وفي تمشيق الملوخية وفرط الفول والبازلاء. تمارس عملها داخل المنزل لتضيف دخلاً جديداً لهذه الأسرة.

يقول "سامر" لـ "اقتصاد": "لدي ثلاثة مداخيل. راتبي وراتب ابني والأموال التي تحصل عليها زوجتي. مع ذلك.. كل هذه المبالغ لا تكفي لنحيا عيشة كريمة". والسبب -بحسب سامر- هو اشتداد الغلاء وعدم توفر كثير من المواد الأساسية كالمازوت والغاز.

مع انعدام أي أمل باقتراب حل ما، للأزمة أو الأزمات الراهنة؛ يسعى كل من "اعتماد" و"أبو علاء" و"سامر" للحصول على أهم الاحتياجات الضرورية. "ما دمنا لا نستطيع الحياة كما في الماضي فلنحاول تأمين لقمتنا على الأقل"، يقول أبو علاء.

أما "سامر" و"اعتماد" فيكتفيان بالقول "الله يفرجها أحسن شي!!"...

ترك تعليق

التعليق