الأفرع الأمنية وموافقاتها.. تسعيرات محددة، وتقاسم لمناطق النفوذ في دمشق


ليتمكن القصاب من شواء اللحم ضمن دكانه يحتاج لموافقة أمنية، هذا هو الحال في العاصمة دمشق بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها قوات النظام عقب اندلاع الثورة.

ولا يقتصر الحصول على الموافقة الأمنية، على تقديم طلب للفرع المسؤول عن المنطقة وانتظار الرد بالقبول أو الرفض، ففي العاصمة دمشق بات كل شيء مأجوراً اليوم.

لكل شيء ثمنه

خلال التقرير الذي أعده "اقتصاد" حول الموافقات الأمنية التي فرضتها قوات النظام كقيد على سكان العاصمة دمشق، استطعنا الحصول على "تسعيرة" عدد من الموافقات الأمنية، وهو المبلغ الذي يُقدّم للضابط المسؤول عن الملف ضمن الفرع المسؤول عن المنطقة، فكانت أعلاها تكلفة، الموافقة الأمنية الواجب الحصول عليها لإجراء أي عملية ترميم لمنزل قديم، والتي وصلت تكلفتها إلى 500 ألف ليرة سورية، والتي عادة ما تكلل بالرفض من قبل الفرع المسؤول بسبب القيود الصارمة التي تفرضها قوات النظام على عمليات الترميم وإعادة البناء.

ولكي يستطيع القصاب شواء اللحم ضمن محله، فعليه الحصول على موافقة أمنية تصل تكلفتها إلى 100 ألف ليرة سورية.

عمليات الحفر من أجل التمديدات الصحية تصل تكلفة موافقتها الأمنية إلى 10 آلاف ليرة سورية. أما الموافقة الأمنية الواجب الحصول عليها للسماح لعائلة بالإقامة ضمن مناطق وسط العاصمة في منزل مستأجر، تصل تكلفتها إلى 100 ألف ليرة سورية أيضاً، وهي عادة ما تكلل بالرفض خصوصاً في حال كان المستأجر من أبناء المناطق الثائرة.

"اقتصاد" استطاع الحصول على أحد الأمثلة لعائلة من الغوطة الشرقية تقيم بالقرب من حي الصالحية اضطرت لدفع 100 ألف ليرة سورية من أجل الحصول على الموافقة. وكانت تلك العائلة تدفع أسبوعياً مبلغ 10 آلاف ليرة سورية للضابط المسؤول عن الملف كي لا تقوم قوات النظام بإخراجهم من المنزل إلى حين الانتهاء من ملف الموافقة.

الدفن في العاصمة دمشق اليوم بات يحتاج أيضاً إلى موافقة أمنية يبلغ متوسط تكلفتها 10 آلاف ليرة سورية تقل بالاتجاه نحو الضواحي وترتفع بالاقتراب نحو مركز العاصمة والمقابر الكبيرة المعروفة كمقبرة الدحداح ومقبرة باب الصغير التي بات سعر القبر فيهما، وحده، يتجاوز عتبة الـ 2 مليون ليرة.

لكل فرع منطقة نفوذ 

تتقاسم الأفرع الأمنية اليوم، مناطق العاصمة دمشق، حيث بات لكل فرع منطقته الخاصة المسؤول عنها، والتي يُمنع لأي فرع آخر التدخل فيها. ويتولى فرع الأمن العسكري السيطرة على أحياء المزة وكفرسوسة ودمر والهامة، في حين يتولى فرع الأربعين "مكافحة الإرهاب" وفرع الخطيب، السيطرة على مناطق الجسر الأبيض والشعلان والصالحية والعابد والشهبندر، أما المخابرات الجوية التي تسيطر أساساً على مناطق القابون وبرزة وجوبر، فتسيطر أيضاً على منطقة عين الكرش وما حولها وسط العاصمة دمشق.

أما مناطق جنوب العاصمة ابتداء من الميدان مروراً بأحياء القدم والعسالي ومخيم اليرموك وبقية مناطق الجنوب، فيتولى فرع فلسطين السيطرة عليها.
 
التوزع في السيطرة بين الأفرع الأمنية بات أمراً معروفاً في أوساط أبناء العاصمة دمشق، وهو ما سهّل نوعاً مهمة الحصول على الموافقة الأمنية، أقلها معرفة الفرع الواجب مراجعته من أجل استخراجها.

قوات النظام كانت تفرض حتى فترة قريبة من الزمن مبلغاً مالياً يصل قدره إلى 10 آلاف ليرة سورية عدا عن الموافقة الأمنية على أبناء القابون المقيمين ضمن العاصمة، وذلك عند إدخال ميت من مناطق العاصمة للدفن ضمن مقبرة الحي. إلا أنها مؤخراً خففت من حدة التدقيق حيث سمحت في الشهر الماضي لعائلة بدفن فقيدهم ضمن المقبرة دون تقييد لعدد الداخلين للدفن أو فرض مبلغ مالي قبل الدخول.

الدخول الى المنطقة الصناعية في حي القابون والمناطق التي تمنع قوات النظام المدنيين من دخولها ضمن الحي، يحتاج إلى موافقة أمنية إضافة إلى مرافقة عناصر من النظام للمدني الداخل لمعاينة ما تبقى من منزله أو محله. ويتوجب على الأخير مقاسمة العناصر أو دفع مبلغ مالي للضابط المسؤول، في حال أراد إخراج شيء من المنطقة.

يُذكر أن السكن في مناطق محيط العاصمة في منزل مستأجر لا يحتاج الحصول على موافقة أمنية، كمناطق التل ومعربا، اللتين تعتبران من أكبر المناطق التي لجأ إليها أبناء المناطق الثائرة، بعد تدمير أحيائهم وتهجير أهلها من قبل قوات النظام.

ترك تعليق

التعليق