في لبنان المتدهور اقتصادياً.. السوريون "مكسر عصا"


يرى الكثير من المهتمين أن عام 2019 هي من أسوأ السنين التي تمر على الشعب اللبناني، والتي بدورها تنعكس سلباً على وجود السوريين في لبنان.

فمع بداية هذا العام، لا قروض إسكان للشعب اللبناني، وهذا يعني لا بناء ولا انشاءات، وبالتالي لا عمل لشريحة واسعة من السوريين في قطاع البناء والانشاءات، الذي لا يلقى إقبالاً من العمالة اللبنانية، حيث يعتمد أكثر من 50% من الشباب السوريين اللاجئين في لبنان على هذا المجال كوسيلة أساسية للدخل.

ومع مرور الشهرين الثاني والثالث من عام 2019، لم تدفع شركات كبيرة ومتوسطة الأجور لعمالها، فيما قامت شركات أخرى بتخفيض رواتب العاملين فيها إلى النصف وخاصة من العمال السوريين.

وفي متابعة لآراء شريحة من السوريين في لبنان، ممن يعملون في شركات ومعامل لبنانية، يقول "جمال"، لاجئ سوري يعمل لدى شركة LG: "منذ ثلاث سنوات كنت أعمل في توزيع البضائع على المحلات لدى شركة LG بواسطة من أحد أقربائي اللبنانيين براتب شهري مليون ليرة لبنانية، وفجأة ومنذ ثلاثة أشهر صدر قرار بتخفيض الرواتب، فأصبح راتبي (600) ألف ليرة لبنانية، يصرف منها (300) ألف ليرة لبنانية إيجار منزل لصاحبه اللبناني، و(50) ألف ليرة لبنانية أجرة مواصلات، بالاضافة لفواتير الكهرباء والماء ولالتزامات الأخرى.. فكيف لي أن أعيش مع زوجتي وأولادي بما سيبقى؟!.. والآن ومنذ شهرين أستدين من إحدى البقاليات في الحي ولكن الحساب أصبح كبيراً، ولن تعطيني صاحبة المحل والتي هي (خالتي اللبنانية) المزيد، إلا بدفع ما ترتب علي من ديون، فهي لن تتحمل وتصبر أكثر من ذلك".

ومع تراجع الوضع الاقتصادي في لبنان، وكعادتهم، فإن اللبنانيين حكومة وشعباً، يصبون جام غضبهم ويلقون باللوم على الوجود السوري في لبنان، ويحملونه، كالمعتاد، السبب في أزماتهم الاقتصادية. وبما أن اللاجئ السوري هو "البقرة الحلوب" بالنسبة للحكومة اللبنانية، ازدادت الحواجز الطيارة لتوقيف السوريين المخالفين وبالتالي كسب أموال إضافية من "مفوضية شؤون اللاجئين" التي تدفع لإخراجهم، كما بات معروفاً.

 ومنذ بداية عام 2019، تطورت الأمور بالنسبة للأمن العام اللبناني تجاه اللاجئ السوري، حيث بدأت قوات الأمن اللبناني بمداهمة  الشركات والمحلات والفنادق والمطاعم، للقبض على العمال السوريين "الكاسرة أوراقهم (منتهية الصلاحية)" أو الداخلين إلى لبنان خلسة (تهريب). وقامت شرطة بعض البلديات بإقفال المحلات اللبنانية التي تشغل عمالاً سوريين.

وكان الأمن اللبناني قد بدأ بإعطاء السوري المخالف أو المتأخر عن التجديد عن طريق "مفوضية شؤون اللاجئين" أو عبر كفيل، بلاغاً بمخالفة، بقيمة (500) ألف ليرة لبنانية، والتهمة هي إهمال التجديد.

وعلى ذلك، علّق "أبو محمد"، لاجئ سوري في لبنان: "احتاروا كيف بدهم يئشطونا مصاري عأساس الواحد معه وما جدد". وهنا اضطر بعض السوريين إلى مراجعة المحكمة وتقديم طلب استرحام، وفي بعض الحالات نظر القاضي بأمر وظروف اللاجئ السوري وخفض المبلغ إلى (200) ألف ليرة لبنانية.

وفي المقابل، من كان من السوريين قد جدد أوراق الإقامة عن طريق " مفوضية شؤون اللاجئين" - وهنا شرط أساسي للتجديد عن طريق المفوضية أن يتم التعهد بعدم العمل- وفي هذه الحالة، وأثناء مداهمة الأمن اللبناني لأحد المحلات والقبض على سوري عامل فيها ولديه كفالة "من المفوضية"، تم سحب مستنداته منه، سواء هوية أو جواز سفر، وأعطي وثيقة تبليغ.

أما إذا كان السوري هو صاحب المحل أو لديه عمل خاص، فيُعطى تبليغ بإقفال مؤسسته أو محله خلال 48 ساعة، ويطلب منه وجوب مراجعة مكتب شؤون الجنسية والجوازات والأجانب في الامن العام اللبناني بمهلة أسبوع، ولا يمكن للسوري صاحب المحل أو المؤسسة، إعادة فتح محله بعد التبليغ إلا بطريقة واحدة، وهي استخراج إجازة عمل من وزارة العمل اللبناني وتكلفتها (1000) دولار.

"وليد" لاجئ سوري في لبنان، مسجل لدى المفوضية بعد عام 2015، ولديه "شيفرة" وليس ملف، ملّ من كثرة اعتقال الدرك اللبناني له وحبسه، فذهب إلى المفوضية طالباً منهم تجديد أوراقه، فكان جوابهم من لديه "شيفرة" وليس ملفاً لا نجدد له.

وكل لاجى سوري دخل لبنان بعد 2015، لم يعد متاحاً له فتح ملف لجوء في المفوضية، فيحصل بدلاً من ذلك على "شيفرة (كود)"، تخوله الاستفادة من الدعم الصحي.

أما "أحمد"، فعند محاولته تجديد أوراقه، يقول: "كانت أوراقي بمديرية الأمن العام اللبناني للتجديد طولوا شي شهرين، اتصلوا علي من الأمن العام، وقالولي تعال لنجددلك، دفعت (300) ألف ليرة لبنانية، وأخدت وصل، وبعد (15) يوم رحت لجيب وراقي لقيتهم مجددين لي بس شهر واحد وكاتبين لي بداعي السفر".

في حين يقول "أبو فراس": "السوري ماخالص بهالبلد إذا راح على الأمن ليجدد وراقه ما بجددولوا وبيطلعوا مية حجة، وإذا طنش وماجدد أو ماكان معه مصاري وتأخر عن التجديد بيعطوه تبليغ مخالفة بـ (500) ألف لإهمال التجديد، احترنا والله، حيرنا بهالبلد، الله يفرجها علينا بقى...".

فإلى أين تتجه الأمور في لبنان عام 2019؟، وما مصير اللاجئين السوريين فيها؟.. فالأوضاع الراهنة في لبنان "الشقيق" لا تبشر بالخير..

ترك تعليق

التعليق