بعض أبناء درعا، مقاتلون تحت راية روسيا وإيران.. بدفعٍ من الحاجة


تشهد محافظة درعا، ومنذ سيطرة نظام الأسد على مناطقها في شهر تموز من العام الماضي، تنافساَ محموماً بين روسيا من جهة، وإيران وحزب الله من جهة أخرى، على تعزيز نفوذهما في جنوب سوريا؛ وذلك من خلال كسب ولاءات شخصيات اجتماعية فاعلة، وتجنيد الشباب في صفوف ألوية عسكرية تخضع لهذه الجهة أو تلك.

وحذرت مصادر مطلعة، من أن صراعاً بدأ يطفو على السطح، تدور رحاه على أرض محافظة درعا، بين روسيا من جهة، وإيران وحزب الله من جهة أخرى، هو المسؤول عن عودة الانفلات الأمني إلى درعا بعد فترة هدوء نسبي.

ولفتت المصادر إلى أن أدوات الصراع التي يستخدمها الطرفان في تنفيذ مخططاتهما على أرض المحافظة، هم أبناء درعا، مشيرة إلى أن ضحايا هذا الصراع هم قادة الفصائل السابقين، والوجوه والشخصيات القادرة على إحداث تأثير اجتماعي لصالح هذا الطرف أو ذاك، والذي يحاول كل طرف من الطرفين إزاحتها عن طريقه، إما بالتصفية الجسدية، أو بتقارير كيدية تقودهم إلى معتقلات النظام.

وأوضحت المصادر أن الرابح الوحيد من هذه الأعمال، هو النظام وداعميه روسيا وإيران، فيما الخاسر الأكبر هم أبناء المحافظة، التي تسعى الأطراف الثلاثة آنفة الذكر مجتمعة، إلى الانتقام منهم بطريقة أو بأخرى.

الضابط المنشق محمد المحمد، أكد أن أوجه التنافس بين روسيا وإيران على كسب الولاءات، تتخذ أشكالاً متعددة منها ما هو عسكري، ومنها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو إنساني أو اغاثي، وكلها تدخل في إطار السعي لتوسيع النفوذ، وتحقيق المصالح الخاصة، ومصالح بعض الدول الأخرى في الجنوب السوري.

وأضاف أن من أهم أوجه التنافس، التي يستخدمها الطرفان، هو استغلال حاجة الشباب للمال والعمل؛ نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، التي تمر بها البلاد، وانعدام فرص العمل؛ بسبب قلة الخيارات المتاحة.

الفيلق الخامس قوة برية ضاربة

وأوضح أن الفيلق الخامس، الذي تشكل أواخر العام 2016 من الموظفين المفصولين، وبعض كبار السن، والمدعوم روسياً، جدد نفسه مؤخراً واستطاع تنسيب أكثر من 2500 شاب إلى صفوفه، دفعتهم إلى ذلك الظروف الاقتصادية السيئة، وازدياد نسب البطالة، والخوف من انتقام النظام منهم؛ لانخراطهم سابقاً في فعاليات الثورة.

ولفت إلى أن الفيلق المذكور، يدفع راتباً شهرياً يتجاوز الـ 200 دولار، بالإضافة إلى الامتيازات الأخرى، مثل توقيف الملاحقات الأمنية للمطلوبين من قبل الجهات الأمنية، والسماح بحرية الحركة والتنقل في جميع المناطق، والخدمة في المحافظة، والوعود في تنظيم دورات عسكرية في روسيا، وغيرها من الامتيازات الأمنية.

وأشار إلى أن هذا الفيلق، يعتبر بمثابة قوة برية -روسية ضاربة في سوريا، تتلقى أوامرها مباشرة من القادة الروس في قاعدة "حميميم"، وأن من أبرز مهامه خوض المعارك في المناطق المشتعلة، إلى جانب قوات النظام، ولجم المد الشيعي في الجنوب.

وأضاف أن روسيا ومن أجل تحقيق أهدافها؛ تحاول كسب ود أهالي درعا من خلال العزف على الأوتار العاطفية، وإظهار نفسها على أنها الضامن لاتفاقيات التسوية بين الأهالي والنظام، والمدافعة عن حقوق الأهالي ومطالبهم العادلة، من خلال نقل معاناتهم إلى سلطات النظام عبر تنسيق اللقاءات مع كبار مسؤولي النظام الأمنيين؛ والمساهمة في حل بعض المشكلات الخدمية والأمنية، إضافة إلى تقديم بعض المساعدات الغذائية، والمستلزمات المدرسية.

لكنه أكد أن روسيا، التي حمت نظام الأسد من السقوط مرات عديدة، ودمرت البلاد وقوت العباد، تعمل في الواقع لمصلحة النظام، ولمصلحة إسرائيل، وتسعى جاهدة لتنفيذ تعهداتها لأمريكا وإسرائيل، بمنع وصول الإيرانيين والميليشيات الشيعية إلى الحدود مع الكيان الصهيوني.

وفي ما يتعلق بإيران وحزب الله المتماهي معها، فقد أكد الناشط أبو محمود الحوراني أن إيران عبر حزب الله اللبناني تغري الشباب بالانضمام إلى الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، مقابل رواتب شهرية عالية وبعض الامتيازات الأمنية، كتوقيف الملاحقات للمطلوبين، كما تغريهم بالانتساب إلى ميليشيات طائفية أخرى, تنشط في المنطقة، مثل اللواء 313، الذي يتكون من أبناء الطائفة الشيعية في المحافظة الموالين للنظام، إضافة إلى تأمين بعض فرص العمل والبعثات الدراسية.

وأضاف الحوراني أن العناصر المنتسبين إلى الألوية والميليشيات الإيرانية عبر ناشطي حزب الله اللبناني يتقاضون أكثر من 250 دولار شهرياً فيما يتقاضى القادة نحو 500 دولار شهرياً إضافة إلى الامتيازات الأمنية والتسهيلات الكبيرة التي يحصلون عليها لدى مؤسسات النظام.

وبيّن الناشط الحوراني أن إيران تغلغلت بشكل كبير في محافظة درعا، حتى أصبح لها موالون في مجلس محافظة درعا، وفي بعض المجالس المحلية، وفي بعض الدوائر والمؤسسات الحكومية في المحافظة.

وأكد أن إيران وحزب الله يستغلان الظروف الاقتصادية السيئة لعامة الناس، ويسعيان لتعزيز نفوذهما وتوسيعه من خلال تجنيد الشباب في صفوفهما، والعمل على توظيف شخصيات عشائرية موالية لهما من أبناء المنطقة، تقوم بالتواصل مع فئة الشباب، وتقدم مساعدات مادية وعينية كبيرة للأسر الفقيرة، كما وتقوم بالتوسط للشباب المقربين منها وتعمل على توظيفهم في مؤسسات النظام.

وأضاف أن الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني خرجّا عدة دورات لمنتسبيها من أبناء المحافظة، أقاماها في معسكرات سرية خاصة مثل معسكر "كريم الشمالي" في منطقة اللجاة.

ولفت إلى أن إيران تولي الجنوب السوري أهمية كبرى، وهو ما أكده مبعوثو "علي خامنئي" إلى درعا غير مرة، حيث عبروا عن رغبة إيران الجادة في تقديم كل أشكال المساعدة لأهالي الجنوب السوري، بما فيها إنشاء مشاريع اقتصادية وخدمية وتعليمية.

من جهته أكد الناشط الحقوقي قصي الدرعاوي، أن عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية، وبعض الاعتقالات التي طالت وتطال بعض الشخصيات والقادة العسكريين في الجنوب السوري، تدخل في إطار المنافسة بين روسيا وإيران على كسب مناطق نفوذ جديدة، وجدت في هذه الشخصية أو تلك عائقاً لتمدد نفوذها، فعمدت إلى تصفيتها جسدياً أو زجها في المعتقلات.

وأشار إلى أن الأعمال القتالية الخاطفة، التي تحدث في محافظة درعا وتستهدف بعض الحواجز العسكرية، والمقرات الأمنية، تأتي أيضاً في إطار التنافس بين إيران وروسيا على مراكز النفوذ، ولكن تنفيذها يتم بأيد محلية، حسب وصف المصدر.


ترك تعليق

التعليق