جنون طوابير البنزين.. مرض نفسي أم تبييض طناجر؟


هل هو مرض جديد يمكن تصنيفه على أنه سوري بامتياز؟، أم أنها صدمة الخيبة بالنصر ونهاية الأزمة كما يسميها أتباع نظام الأسد؟!

هو بالتأكيد ليس جنوناً أصاب السوريين المؤيدين للأسد فهرعوا إلى محطات الوقود كي يحتفلوا بنفاذه منها، ومن ثم يقومون بامتطاء الأحصنة والحمير، والتجوال بشوارع العاصمة كتأكيد على مواصلة "الصمود ضد المؤامرة".. لكنه كما يقول أحد السوريين من العاقلين: "ما حصل هو عدم تصديق بما حصل، وإصرار على أن ما فعله هؤلاء من تأييد النظام في حربه لم يكن خطأ ارتكبوه".

انقسام.. أم فصام؟

صحيفة "صاحبة الجلالة" الموالية في تحقيقها المعنون: "حكاية طوابير الكازيات.. بين المرض النفسي والنجومية"، حاولت استطلاع ما الذي حصل، وتحت أي عنوان يمكن تسمية ما تم من ردة فعل في محطات الوقود إثر انقطاع البنزين.

رأت الصحيفة أنه انقسام واضح في بنية مجتمع المؤيدين: "نتحدث عن انقسام واضح ظهر على الأرض الواقعية والافتراضية حيث رأينا عدد من المتطوعين يقدمون الأزهار والسندويش والمشروبات والكتب والمجلات.. وهذا كله بكفة والعراضة الدمشقية وحلقات الدبكة التي عقدت في بعض الكازيات بكفة".

تابعت الصحيفة أن البعض وجدها فرصة للشهرة وحصد اللايكات: "نسي رواد الكازيات المشكلة الأهم وبدأوا بإشباع حاجاتهم للشهرة بأن يلتقطوا الصور والسيلفي وغيرها من الفيديوهات ليتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي ويكونوا بذلك نجوم أزمة".

أما الانقسام فكان في وجهة النظر تجاه الأزمة: "منهم من رآها حالة صحية وجيدة من أجل الوقوف في وجه الأزمات والحصار والصمود مع البلد ومنهم من رآها سذاجة وغير منطقية".

إعلام النكتة

التحقيق أخذ على إعلام النظام تغطيته لهذا الانقسام على أنه مدعاة للسخرية والنكتة، وركز على هذا الجانب كونه يخدم مبدأ التضليل في أن "الشعب يقاوم". وانتقى التحقيق في الصحيفة الموالية مجموعة من الأصوات الإعلامية التي كانت تُعتبر من أشد مؤيدي النظام ومطبليه.

إعلامي يدعى "باسل محرز" وصف ما يجري في برنامجه التلفزيوني على أنه سذاجة، وأنه كان يجب التعاطي بشكل مختلف: "نحن نعيش بأزمة اقتصادية تتوجب علينا أن نتخذ قرارات منطقية وجدية وأن نبتعد عن الشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع".

"رضا الباشا" الذي شبّح لنظام الأسد، ومن ثم شُنت عليه الحملات لانتقاده أداء مؤسسات النظام، قال للصحيفة: "ما يحصل في الشارع السوري ما هو إلا مبالغة ومحاولة من قبل الجمعيات لإبراز وجودهم فبدل أن نقدم اقتراحات تساعد في تخفيف أزمات اتجهت الجمعيات لفعاليات فيها للوجاهة".
صدمة وتبييض طناجر

التحقيق لكي يبدو منطقياً ذهب لاعتبار ما يجري أزمة نفسية، وقام بسؤال أحد الأخصائيين النفسيين "ماهر شبانة" الذي رأى أن ما يجري: "يندرج تحت مبدأ الصدمة وخاصة إذا كانت المصيبة جماعية فهي تخلق لديهم حالة من الإنكار".

ووصف شبانة أن ما يجري هو يشبه الانهيار العصبي الذي ينتهي بالضحك والبكاء، وحينما سئل عن رأي "مأمون رحمة" خطيب النظام في الجامع الأموي الذي شبّه الوقوف في الكازيات بالسيران قال: "استثمر البعض الجانب الإنساني من الأزمة (لتبييض طناجر) للحكومة ولكن الواجب هنا هل سأل أحدهم هذه الشخصيات كيف يتنقلون بسياراتهم؟، وهل انقطعوا من البنزين؟".

طلوع الروح

في محاولة من "اقتصاد" لاستطلاع بعض الآراء حول هذه الهستيريا الكاذبة التي يحاول النظام ترويجها على أنها فعل مقاوم، قال (د . ز)، مدرس مادة الرياضة في إحدى مدارس ريف دمشق: "ما يحصل هو يشبه طلوع الروح، لا يريد هؤلاء الاقتناع بأن النظام غير قادر على الصمود وإدارة البلاد، وما يجري هي محاولات أخيرة قبل النهاية القريبة".

"أبو رياض"، من سكان ريف دمشق، علق ساخراً: "بعد أن تنتهي حفلة الصمود التي تشاهدونها على مواقع التواصل يذهب هؤلاء إلى بيوتهم مشياً لكيلومترات طويلة ويشتمون المتسبب في وصولهم إلى ما هم عليه، ويتوسلون من السيارات القليلة التي تستطيع السير إيصالهم إلى أقرب مكان.. هؤلاء كاذبون".

ترك تعليق

التعليق