اقتصاديات.. وهن نفسية الليرة السورية


لأول مرة منذ أكثر من سبع سنوات، يصاب المصرف المركزي السوري، بالخرس والشلل والعمى، حيال ما تتعرض له الليرة السورية من انخفاض مقابل الدولار. فقد عودنا حاكما المركزي السابقين، أديب ميالة ودريد درغام، على قول أي شيء والتصرف بأي شيء في مثل هذه الحالات.. المهم ألا يبقوا صامتين، وكانوا قادرين على إثارة الرأي العام حولهم وإشغال الناس بجلسات تدخلهم وتصريحاتهم ومعاركهم الخنفشارية مع مكاتب الصرافة والبنوك الخاصة وتجار العملة والمواقع والصفحات الإعلامية.. وقد ظلوا لعدة سنوات مادة مسلية للجمهور، لدرجة أن السوريين نسوا أن الليرة السورية هبطت في العام 2016 إلى أكثر من 620 ليرة مقابل الدولار، بينما الآن يلطمون وهي لاتزال بعيدة عن هذا الرقم بأكثر من 30 ليرة.
 
أما الحاكم الحالي للمركزي والذي يدعى حازم قرفول، فعلى ما يبدو أنه على "البركة"، فهو منذ توليه منصبه في الشهر العاشر من العام الماضي، والذي ترافق مع بداية هبوط الليرة السورية، لم يقل أي شيء، ولم يقم بأي إجراء، وتقريباً، المصرف المركزي شبه غائب عن الساحة النقدية، لصالح عدد كبير من المحللين، الذين، تارة يضعون خمسة أسباب لتراجع الليرة السورية، وتارة أخرى يخفضونها إلى ثلاثة.
 
مؤخراً، وأمام مطالبة الكثيرين، بضرورة أن يقدم المصرف المركزي تفسيره لما يجري لليرة السورية، وتوقعه لمستقبلها، اضطر الحاكم قرفول، أن يصدر بياناً يحذر فيه من الشائعات التي تقول بأن الليرة السورية ماضية إلى حتفها، كما انتقد الصفحات الإعلامية، بأنها تنقل أخباراً عن المركزي غير صحيحة بعقد جلسات تدخل لبيع 20 مليون دولار لمكاتب الصرافة، متهماً تلك الصفحات بأنها هي من تتلاعب بأسعار الصرف، وتؤثر عليه، وعلى مبدأ "وهن نفسية الليرة".

غير أن الكثير من المراقبين، لا يلومون قرفول على صمته، لأن حظه العاثر أوصله لقيادة المركزي، في الوقت الذي أصبح فيه خالياً من العملات، الصعبة والسهلة، بالإضافة إلى أنه يعلم في قرارة نفسه، لو أن المركزي كان به بضع دولارات، لما ولوه هذا المنصب، لهذا هو لا يعتبر نفسه حاكماً لأهم مؤسسة مالية في سوريا، وإنما ديكوراً، أو في أحسن الحالات، ناطوراً على أبوابها وموظفيها وخزائنها الفولاذية الفارغة.

ونخبركم أخيراً، بأن الدولار سوف يتجاوز عتبة الألف ليرة قريباً، ليس من باب التوقع، وإنما من باب المعطيات الاقتصادية التي تشير بأن ذلك لم يعد خياراً محتملاً، وإنما واقعاً أكيداً، نتيجة لتوقف حركة التجارة، دخولاً وخروجاً، وارتفاع حدة الحصار الأمريكي على سوريا، والذي من المتوقع أن يبلغ ذروته، الشهر القادم.. فاستعدوا أيها السوريون للأسوأ، الذي لا نأمل أن تتعرضوا إليه، لكن هو نظامكم من يضعكم ويضع نفسه في هذه المواقف "البايخة".


ترك تعليق

التعليق