من "لا شيء"، وبإمكانيات متواضعة.. مُهجّرون، يطلقون مشاريع ناجحة في إدلب


بمهارة وخفة واضحة، يصنع "بسام أبو إسماعيل" ثلاثة قوالب كبيرة من الكاتو. طريقة التصميم بسيطة.. طبقات من الكيك محشوة بالكريمة والموز. وبعد القص والتطبيق تبدأ مرحلة التزيين. وهنا يتجلى إبداع الشاب الدمشقي الذي ركب حافلة التهجير منتصف 2016 نحو إدلب ليتمكن أخيراً وبعد سنوات على إقامته في المنطقة الواسعة الأخيرة الواقعة تحت سيطرة المعارضة، من إطلاق مشروع "كيك وحلويات أروى"، ببلدة الفوعة، شمالي إدلب.

صواني كبيرة متنوعة. هريسة، إسبانيا، عصملية. وأطباق حلويات شامية تتوزع بين المعمول بالعجوة والمعمول بالفستق والغريبة والبرازق. هذا ما يلمحه المرء في متجر أبو إسماعيل، الذي يقول متفاخراً خلال حديثه لـ "اقتصاد": "الجميع هنا يرغب بما ننتجه من حلويات دمشقية.. إنها لذيذة المذاق ومتعددة الأصناف".


عشية استقراره في إدلب لم يكن "أبو إسماعيل" يمتلك المال الكافي لتأسيس مطبخ حلويات متوسط الحجم. لكن وبعد عمله في مطابخ متعددة تمكن من إدخار المال ليقوم بإطلاق مشروعه الخاص بداية العام الحالي. يتابع لـ "اقتصاد": "قمت بترميم منزل واسع مكون من عدة حجرات. بنيت عدة جدران. ووضعت الرفوف. والواجهة. ثم اشتريت عدة العمل. بحسبة نهائية تبلغ كلفة هذا المشروع على وضعه الراهن دون إدخال البوظة 3 آلاف دولار..".

إذا توفر المال يرغب "أبو إسماعيل" بتأسيس فروع جديدة في كل من إدلب المدينة وبنش. كما يرغب أيضاً بإدخال صناعة البوظة الدمشقية الشهيرة وهي لفائف من القشطة بالفستق. "هذا هو حلمي وسيغدو اسم معملي (كيك وحلويات وبوظة أروى).."، يؤكد أبو إسماعيل الذي انتهى من صناعة قوالب الكاتو وبدأ بتحضير أطباق الهريسة والعصملية. "آمل في تحقيق ذلك قريباً".


فكرة تأسيس مشروع خاص تنتاب معظم المهجرين. "الرغبة في الاستقلالية والعمل الحر والحصول على مبالغ جيدة وكافية من المال تدفع معظمنا لانتهاز أي فرصة لإطلاق مشاريع ذات دخل جيد"، بهذه الكلمات يتحدث "محمود أبو بكر"، وهو مهجر آخر تمكن من تأسيس "بيتزا ومعجنات داريا"، بفرعيه في مدينتي إدلب وبنش.

قبل سنة ونصف وبعد استدانته مبلغاً من المال اتفق مع شريك في المهنة ثم أطلق مشروعه بالقرب من سوق الخضار بمدينة إدلب. "نصنع معجنات فاخرة ومع الزمن أضحى لدينا زبائن خاصة"، يقول محمود بثقة واضحة.


نجاح الفرن في إدلب وتمكن القائمين عليه من إدخار المال جعلهم يفكرون في إطلاق فرع آخر بمدينة بنش القريبة والواقعة في عقدة مواصلات على الطريق الدولي (إدلب-حلب).

يقول محمود "كلفة كل مشروع بلغت تقريباً 3 آلاف دولار.. والعمل جيد في إدلب أكثر من بنش كون الأولى أكثر كثافة بالسكان".


يحضّر عجينة طرية ويمدها على طاولة العمل. بسرعة كبيرة يضيف الجبنة والصلصة على العجينة ثم يضعها في الفرن. وهكذا بات لدينا فطيرة شهية المذاق ذات طعم مميز بالفعل. يعلق محمود قائلاً "نحاول إضافة أفكار جديدة على هذه المهنة".


فكرة الشراكة تعتبر الدافع الأكبر لدى المهجرين لإطلاق مشاريع مماثلة نظراً لكلفتها الكبيرة وعدم قدرة أغلبية المهجرين على تأمينها. من اتفاق ثلاثة أشخاص تمكن "أبو حامد" ورفيقاه من زرع مشتل للزهور والأشجار المثمرة بالقرب من مدينة إدلب. كلفة المشروع تراوحت بين 1500 و حتى 2000 دولار. وعلى أبو حامد وشريكيه الانتظار لمدة سنتين حتى يبدؤوا بجني الأرباح التي تعادل التكلفة الأساسية للمشروع بضعفين أو ثلاثة.

يرغب كل من محمود وبسام وأبو حامد بتحقيق نجاح كبير. حيث يسعون لتقديم أفضل ما لديهم من أفكار، بعضها جديد على المجتمع الإدلبي.

وينتهز الجميع أقرب فرصة لتأسيس فروع جديدة لمشاريعهم إذ "لا شيء أفضل من العمل الحر". يقول هؤلاء بينما تشير ثقتهم الكبيرة بأنفسهم وإمكانياتهم، إلى أنهم سيحققون النجاح قريباً.

ترك تعليق

التعليق