أربع مناطق سورية، باختلاف القوى المسيطرة.. من هي الأرخص معيشياً؟


تختلف الظروف المعيشية بين مدينة وأخرى، بل وبين حيٍّ وآخر، في سوريا اليوم.. الاختلاف يتسع باختلاف الجهة المسيطرة على المنطقة. فمثلاً، الحياة في الشمال السوري الخاضع لسيطرة الفصائل المدعومة تركيّاً، تختلف عن نظيرتها في إدلب. ويزداد الاختلاف، بالاتجاه نحو مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" شرقاً، ومناطق سيطرة النظام في حلب وحمص ودمشق.
 
أكبر الفروقات، التي يمكن ملاحظتها بين محافظة وأخرى، وبين منطقة سيطرة وأخرى، هي في أسعار المحروقات. ففي القامشلي مثلاً، يبلغ سعر الصافي من ليتر البنزين المكرر 300 ليرة سورية، بسبب عمليات التصدير باتجاه المناطق الأخرى، وخصوصاً إلى مناطق سيطرة النظام. إلا أنه بقي متوفراً بشكل طبيعي دون أية أزمة، على عكس ما حدث مؤخراً في دمشق، التي شهدت ازدحاماً خانقاً في شوارعها أمام محطات الوقود، بسبب قلة المادة، إذ يبلغ سعر الليتر عن طريق البطاقة الذكية 225  ليرة سورية، أي أقل من القامشلي بـ 75 ليرة سورية. لكن البطاقة الذكية تحدد لأصحاب السيارات الخاصة مخصصات شهرية، خُفّضت لتصل إلى 100 ليتر.

وكانت حكومة النظام تحدثت عن طرح بنزين (حر غير مدعوم)، أي خارج البطاقة الذكية، بسعر 450 ليرة سورية لليتر الواحد.

وفي مناطق سيطرة المعارضة، سواء في مناطق عفرين واعزاز الخاضعة لسيطرة الفصائل المدعومة تركياً، أو في إدلب الخاضعة في معظمها، لهيئة "تحرير الشام"، فالوضع مشابه لمناطق الجزيرة، حيث تتوفر المحروقات بشكل طبيعي إلا أن السعر يزيد عنها بـ 100 ليرة سورية للصافي من البنزين، حيث يبلغ سعر الليتر الواحد في معظم تلك المناطق 400 ليرة سورية.

أما مع المازوت، فينعكس الوضع تماماً بين مناطق العاصمة والجزيرة، حيث يبلغ سعر الليتر الواحد منه في القامشلي مثلاً 50 ليرة سورية، أما في دمشق فيرتفع إلى 500  ليرة سورية للبيع الحر، أي ما يقارب 10 أضعاف سعره في القامشلي. أما في الكازيات فيباع بسعر 183 ليرة سورية. وكان مبيع المازوت في دمشق، قد شهد أزمة مشابهة لأزمة البنزين.

أما في مناطق المعارضة فيتوحد سعر المازوت بين 200 و 250 ليرة لليتر الواحد.

المواد الغذائية ترتفع مع الدولار

ارتفعت أسعار المواد الغذائية في الأسبوع الأخير من الشهر المنصرم وخصوصاً في مناطق سيطرة النظام كالعاصمة دمشق التي جاءت الزيادة فيها بقيمة 200 ليرة سورية على جميع المواد الغذائية الأساسية تقريباً. في حين احتلت مناطق المعارضة هذه المرة، الصدارة، كأرخص أسعار، بين مناطق السيطرة الأخرى. فعلى سبيل المثال، يبلغ سعر كيلو الرز في مناطق إدلب 150 ليرة، ويصل إلى 375 حسب نوعيته. أما في دمشق فيصل إلى 450 ليرة، وفي القامشلي يتضاعف ليصل إلى 800 ليرة سورية. أيضاً، الطحين يتضاعف سعره مرتين في العاصمة عن إدلب، حيث يبلغ سعره في مناطق إدلب 110 ليرات سورية، أما في دمشق فيصل إلى 350 ليرة سورية.

بالانتقال إلى الكهرباء والماء، فهاتان المادتان لهما مصروفهما الخاص في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بسبب غيابهما. ففي إدلب مثلاً يصل سعر الأمبير الواحد من الكهرباء والذي يحصل عليه المواطن عن طريق مولدات الكهرباء (الاشتراك)، 2500 ليرة سورية شهرياً. أما في عفرين فينخفض إلى 1700 ليرة سورية. في حين تعمل كهرباء المولدات في إدلب مدة 4 ساعات يومياً، أما في عفرين فتعمل بفترات تتراوح بين 6 ساعات و13 ساعة حسب المنطقة.

في القامشلي، بدأت الكهرباء الرئيسية بالتحسن في الفترة الأخيرة بسبب عمليات الصيانة المستمرة لمحطات الطاقة وسد الفرات بعد أضرار أصابتهم جراء المعارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية". وتتواجد في القامشلي، كهرباء المولدات أيضاً، بسعر يصل إلى 1400 ليرة للأمبير الواحد. وتعمل مدة 9 ساعات يومياً.

خلال التقرير الذي أعده "اقتصاد"، استطعنا سؤال أشخاص من مناطق متفرقة من سوريا عن متوسط احتياج العائلة شهرياً، للعيش حياة كريمة، فكانت الإجابات كالتالي:

في عفرين مثلاً، يصل احتياج العائلة المؤلفة من 3 أفراد إلى 150 دولار ويرتفع بزيادة عدد الأفراد.

في إدلب تحتاج العائلة ذاتها مبلغ 200 دولار شهرياً. ويصل إلى 300 دولار، في حال كانت مؤلفة من 6 أفراد.

في القامشلي تحتاج العائلة فيها مبلغاً لا يقل عن 250 دولار. ولا يزيد عن 350 دولار كحد متوسط.

الأرقام في الأعلى، تشمل إيجار المنزل واشتراكات الكهرباء وتكاليف المياه.

 أما في دمشق فيبلغ إيجار المنزل وحده 200 دولار، كحد متوسط، في حين تندر المنازل التي يبلغ ايجارها 150 أو 100 دولار، أو تكون في المناطق التي شهدت تهجيراً كبرزة والتل وقدسيا والهامة، أي أن احتياج العائلة شهرياً، بما في ذلك، الفواتير وايجار المنزل، لا يقل عن 450 دولار، كحد أدنى للمعيشة.

أما عن الاستقرار المعيشي، فتبقى جميع المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بما فيها إدلب، أكثر استقراراً وتوافراً للعمل مقارنة بمناطق سيطرة النظام، وخصوصاً العاصمة دمشق. وذلك حسب عدد كبير من شهود العيان الذين تحدثوا لـ "اقتصاد" من مناطق مختلفة، بسوريا.

يذكر أن أزمة المحروقات كانت قد تجاوزت العاصمة لتطال جميع المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، كاللاذقية وحمص وبقية مناطق سيطرته.

(هامش: لم يشمل هذا التحقيق منطقة التنف التي تضم مخيم الركبان، والخاضع لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية وفصائل مدعومة منها).

ترك تعليق

التعليق