على طريقة الأفلام المصرية، النظام يقبض على عصابات الحشيش.. ويُسهّل تجارتها


هي تجارة النظام التي تأتي بالأرباح الكبيرة والسريعة، وبالأخص تجارة الأحهزة الأمنية بامتياز فمن خلالها يتم إفساد وتخدير أجيال وإلهائها، وتركها للجريمة والبحث عن المال الذي يذهب إلى تجار المخدرات، وهذا بالضرورة سينتج عنه جرائم أخرى لا تقل خطورة كالدعارة والسرقة والقتل.

فيلم مصري

كما يحدث في السينما المصرية تقوم الشرطة بزرع أحد مخبريها داخل العصابة، أو يقوم ضابط فذ باختراقها ثم في لحظة نقل البضاعة أو ترويجها تداهم القوات المقر وينتهي الفيلم.

بالضبط هذا ما نشرته أخيراً مواقع وصحف موالية عن أحد المصادر في فرع مكافحة المخدرات حول القبض على تاجر ومروج كبير للمخدرات في دمشق وريفها: "وردت معلومات إلى فرع مكافحة المخدرات بدمشق عن قيام أحد تجار المخدرات وهو المدعو (ل، ح) بترويج المواد المخدرة في دمشق وريفها".

يتابع المصدر روايته البوليسية: "وللتأكد من صحة المعلومات قام فرع مكافحة المخدرات بتكليف أحد مندوبه التواصل مع المدعو (ل، ح).. وبالفعل قام بالتواصل معه حيث عرض عليه الأخير كمية من مادة الحشيش المخدر سيرسلها له مع شخص ضمن سيارة خاصة وتم تحديد الموعد بمنطقة اليرموك".

وبالفعل تم تجهيز الكمين ومراقبة مكان التسليم، ومن ثم: "بعد فترة من الانتظار حضر شخص على متن سيارة والتقى بالمندوب وخلال ذلك ذلك تمت مداهمة المكان وإلقاء القبض على الشخص الموجود بالسيارة.. وبتفتيش السيارة عثر على 3.600 كيلو غرام من مادة الحشيش مخدرة مخبأة ضمن السيارة".

رواية ساخرة

علّق كُثر على التقرير الذي بالطبع تم نشره بناء على رغبة فرع المخابرات الذي يريد من ذلك نشر إنجازاته للعموم، وأجمعوا على أنه ليس سوى رواية مملة قد تكون صحيحة لأن التجارة هي رائجة ولكنها ليس كما أراد الفرع تصويرها على أنها من بطولاته.

علق أحدهم: "الكل يعرف الشراكة بين الشرطة وتجار الحشيش والحبوب وهذه كذبة".. فيما ذهب أحدهم إلى السخرية: "يبدو رئيس الفرع شايف فيلم مصري قديم أجا ع بالو يعملو تقرير بطولي".

جرمانا هي السر

أغلب التقارير التي تشبه السابق تركز على أن الجرائم المتعلقة بالحشيش وتجارته غالباً ما تكون في مدينة (جرمانا) في ريف دمشق الشرقي، والواقعة تحت سيطرة قوات موالية (دفاع وطني)، وتنشط فيها تجارة المخدرات والدعارة، والمصدر هو ميليشيا (حزب الله) اللبناني بالتعاون مع أجهزة أمن النظام الموالية، وأما المرور فهو عن طريق دمشق بيروت الذي يتم فتحه لساعات مقابل آلاف من الدولارات تذهب إلى جيوب الضباط.

"خ . س" من سكان حي "نهر عيشة"، يورد في حديث مع "اقتصاد"، بعض المعلومات، وهي كما يقول ليست سراً: "من جرمانا يتم توزيع الحبوب المخدرة والحشيش على أغلب أحياء العاصمة، وبعض المروجين هم من طلاب المدارس حيث غزت المخدرات مدارس العاصمة وريفها، والحبوب تباع هناك بالحبة (1000-1500) ليرة، وأما الحشيش فيباع بأوزان مختلفة: (الربع 50 ألف ليرة)، وكذلك يمكن الحصول على كميات أخرى حسب ما يملكه المتعاطي من أموال".

فقر وحشيش
 
ليس فقط من يملكون المال هم من يتعاطون، وهذا ما قاله لـ "اقتصاد"، (أبو مروان)، أحد سكان ريف دمشق الغربي: "السرقات التي انتشرت في السنوات الأخيرة، وعمليات التشليح والقتل التي لا مبرر لها كانت كلها بسبب الحصول على المال لتعاطي الحشيش والمخدرات".

"ر . س" يتهم جهة بعينها بنشر المخدرات وترويجها: "عناصر الدفاع الوطني وهؤلاء مرتبطون بالمخابرات وحزب الله هم من يوزعون المخدرات ولهم شققهم المفروشة التي يتم فيها تعاطي الحشيش والدعارة، وهذه الحالات لم تكن موجودة سابقاً في منطقتنا، ولكن خلال السنوات الأخيرة تفاقم الأمر، وأغلب الشباب متورطون بالتعاطي أو بجرائم أخرى".

تعتيم مقصود

لا توجد إحصائيات حقيقية عن عدد المتعاطين قبل وبعد سنوات الحرب التي لم تنته، وكل الأرقام التي يسربها النظام هي جزء بسيط مما يحصل في الواقع على اعتبار أن النظام يتعمد النكران في كل ما يتعلق بالشأن العام.

وذكرت إحصائية صادرة عن وزارة داخلية النظام في حزيران الماضي أنه في عام 2018 تم احالة 3329 شخصاً إلى القضاء بتهمتي التعاطي والاتجار، ولكن الحقيقة المخيفة أنها باتت أوسع من ظاهرة، إذ تباع الحبوب في الصيدليات والجامعات والمدارس وضمن شرائح شبابية هي من تشكل خطراً على الأجيال القادمة في سوريا.

وليست وحدها مناطق النظام من تنشط فيها هذه الممارسات، فقد تناولت تقارير صحفية زراعة الحشيش في الرقة ودير الزور وأينما حلت ميليشيا حزب الله والمليشيات الإيرانية، حيث يتم تعمد ذلك للسيطرة على المنطقة ونشر التشيع أيضاً.

وأيضاً لم تخلو هذه التقارير من تناول مناطق فصائل المعارضة السورية، أي أن البلاد كلها تحت وطأة وباء أخطر من الحرب.

ترك تعليق

التعليق