تجارب رصدها "اقتصاد" لعائدين عبر معبر كسب


أكد المحامي والعضو في هيئة القانونيين السوريين "عبد الناصر حوشان" لـ "اقتصاد"، أن معبر "كسب" الحدودي شمالي سوريا، ما يزال يعمل على استقبال الشباب السوري الراغب بالعودة من الأراضي التركية باتجاه مناطق سيطرة النظام.

وقال "حوشان" في رد على سؤال فيما إذا كان المعبر مستمر بعمله أم أنه مغلق: "نعم ما زالت عودة بعض السوريين متاحة عبر معبر كسب وغيرها من المعابر مع لبنان والأردن عن طريق ما يسمى (لجان المصالحة الوطنية)، التي تنشط بين المهجرين واللاجئين عبر إبرام صكوك التسويات مع السلطات الأمنية".

وأضاف أن أغلب أهالي العائدين يدفعون الأموال الطائلة لأعضاء لجان المصالحة لتسوية أوضاعهم الأمنية، وتتراوح المبالغ التي يتم دفعها بين 3 ملايين ليرة سورية إلى 10 ملايين ليرة حسب الوضع المادي لكل عائلة، لأن أغلب العائدين هم من الشباب المتخلف عن الخدمة العسكرية، وليسوا من "أهل الثورة" لا من قريب أو من بعيد.

وذكر الحقوقي "حوشان" أنه لا يوجد أي فائدة من العودة عن طريق هذه اللجان، بل على العكس يتعرض أي شخص يعود عن طريقهم إلى التحقيق الأمني في كافة أجهزة المخابرات، وغالباً لا يخرج من السجن إلا القليل منهم والبقية إما قضوا تحت التعذيب أو أنهم أصبحوا سلعة للابتزاز المالي لأهاليهم.

وعن المخاطر التي تحيق بالراغبين بالعودة عن طريق هذا المعبر، بيّن "حوشان" أن المخاطر كبيرة وأبرزها خطر الاعتقال وهو لابد منه، وخطر التعذيب وما ينتج عنه من وفيات، وخطر الابتزاز المالي وخطر التجنيد.

وكشف "حوشان" في سياق حديثه، عن معلومات وصلتهم حول تصفية عدد ممن عادوا عن طريق هذا المعبر ولكن أهاليهم تحفظوا على نشر المعلومات الكاملة خوفاً على حياتهم، كونهم يعيشون تحت سطوة هذا النظام المجرم، وأشار إلى أن عدد المتوفين تحت التعذيب بلغ 5 من أبناء محافظة حماه و2 من أرياف حمص، في حين أن هناك أكثر من 50 منهم ما زال تحت الاعتقال من أصل 100.

ومتابعة لموضوع معبر "كسب" والعودة عن طريقه إلى مناطق سيطرة النظام من عدمها، تحدث "اقتصاد" إلى أحد الشبان الذين عادوا إلى مدينة حماة من الأراضي التركية عبر هذا المعبر، والذي تحدث بإيجاز عن تجربته في العودة إلى مناطق سيطرة النظام.

وقال الشاب الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية: "بداية أؤكد أن المعبر ما يزال يعمل ويستقبل الشباب الراغبين بالعودة وتسوية أوضاعهم، وقبل عدة أيام عاد شابان من تركيا إلى مدينة حماة علماً أنهم من المطلوبين للخدمة الاحتياطية، وبعد أن تمت تسوية أوضاعهم قرروا العودة".

وعن تجربته في العودة عن طريق هذا المعبر قال المصدر ذاته: "بعد أن استخرجت الأوراق اللازمة من الجانب التركي والتي تسمح لي بالسفر للمعبر (إذن سفر) سُمح لي بالمرور باتجاه الجانب السوري، وبما أنني من المتخلفين عن الخدمة العسكرية استقبلني عناصر الأمن العسكري والأمن السياسي وبدأوا بالتحقيق معي حول الأسباب التي دفعتني للخروج من سوريا وكيف خرجت وعن طريق من؟، وماذا كنت أعمل في تركيا؟، علماً أنني أخبرتهم أنني خرجت تهريب من إدلب إلى تركيا عن طريق أحد المهربين".

وتابع الشاب قائلًا: "كانت أموري سهلة جداً كوني سألتحق بالخدمة الإلزامية نظراً لتخلفي عنها، وبعد التحقيق معي أعطوني ورقة مختومة من المعبر تتضمن أنه (عليك مراجعة شعبة التجنيد في منطقتك خلال 15 يوماً من تاريخ وصولك للمدينة)، وسهلت تلك الورقة المختومة عملية مروري من على حواجز النظام العسكرية المنتشرة على طول الطريق من المعبر باتجاه حماة المدينة، ولم أتعرض لأي مضايقات من أي حاجز كان".

"وبعد أيام من وصولي لمنزلي، جاء للتحقيق معي عنصران من فرع الأمن السياسي ومن فرع الأمن العسكري، أيضاً قاموا بسؤالي أين كنت ومع من؟، وماذا كنت أفعل خارج سوريا؟، ولماذا خرجت؟، وكانت جميع الأسئلة عادية جداً"، يقول المصدر ذاته.

وأضاف، أنه بعد مراجعة شعبة التجنيد "يتم منحك مهلة زمنية للالتحاق بالخدمة والتي من الممكن أن تكون 15 يوماً أو شهراً أو شهرين وذلك حسب الدفعات الملتحقة بالخدمة العسكرية، وبعد التحاقك بشعبة التجنيد يتم سوقك إلى معسكر (الدريج) بريف دمشق للخضوع للدورة العسكرية وبعدها يتم الفرز وتصبح عسكرياً نظامياً في الجيش".

وأشار، إلى أن من يأتي فرزه للخدمة الإلزامية داخل المدينة فإن أموره تكون جيدة، إلا أن من يتم سوقه للجبهات التي تشهد سخونة فإن وضعه ليس جيداً، مؤكداً أن من عليه خدمة إلزامية ويرغب بالعودة عن طريق المعبر للالتحاق بها تكون أموره ميّسرة وسلسة، بعكس من عليه جُرم أو حكم ما، فيتم اعتقاله لحظة وصوله للمعبر للتحقيق معه.

وأفادت مصادر محلية مطلعة لموقع "اقتصاد"، أن نسبة كبيرة من الشبان خاصة من سكان حماة المدينة حصراً، عادوا عبر المعبر.

وقال الناشط الإعلامي "أحمد أبو محمد" المتابع لأمور النازحين والمهجرين في عموم الريف الحموي، إنه ومنذ 15 يوماً، تم رصد عدد من الشبان الذين عادوا عبر معبر "كسب" باتجاه مدينة حماة من دون أية مشاكل تذكر.

وأضاف في حديثه لـ "اقتصاد"، أن الشرط الأساسي والذي يقبل به جميع الشبان هو أن كل شاب عليه مراجعة شعبة التجنيد في منطقته خلال مدة تتراوح بين 15 يوماً وشهراً، لتسوية وضعه من أجل الالتحاق بالخدمة الإلزامية، لافتاً إلى أن الجميع يقبلون بهذا الشرط.

وتابع قائلًا: "الأمر المفاجئ والصادم بالنسبة لي كان نسبة عودة الشباب الحموي من سكان المدينة حصراً بشكل ملحوظ، وسط رضى الأهالي على عودة أبنائهم بل وتشجيعهم على العودة"، مؤكداً أنه لم يتم رصد عودة أي شاب من سكان الريف الحموي نهائياً.

"وبصراحة لا يوجد شيء مشجع على العودة إلى مناطق النظام، فقط الضامن الوحيد هو العودة للمنزل والبقاء فيه إلى حين الالتحاق بالخدمة العسكرية وهو المصير الذي ينتظر كل شاب راغب بالعودة"، يضيف "أبو محمد".

وبدأ عضو هيئة المصالحة التابعة للنظام المدعو "عمر الرحمون" والذي يوصف بأنه عرّاب المصالحات، منذ أوائل العام الحالي، بالترويج للعودة عبر معبر "كسب" الحدودي، محاولاً إقناع الشباب السوري من خلال مقاطع فيديو يتم نشرها على صفحته الشخصية على "فيسبوك"، بضرورة العودة إلى حضن الوطن زاعماً أن الحرب انتهت والأمور في سوريا عادت إلى طبيعتها ما قبل العام 2011، الأمر الذي قابله ناشطون معارضون بمزيد من السخرية والاستهزاء على تلك المزاعم، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها مناطق سيطرة نظام الأسد وخاصة أزمة المحروقات وغيرها من الأزمات الأخرى.

ترك تعليق

التعليق