قصص من واقع مساعدات الترميم ونقل أبناء المدارس للاجئين السوريين في لبنان


قبل أشهر، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، عن برنامج لمساعدة العائلات السورية اللاجئة في لبنان، للتخفيف من تكاليف النقل المدرسي بهدف الإسهام في استمرار التلاميذ في المدارس.

وذكرت منظمة "اليونسيف" التي تعمل بالتعاون مع مؤسسة "كاريتاس" الدولية ووزارة التعليم اللبنانية، في بيان، أن "المساعدات ستوجه للأطفال الأكثر احتياجاً وخاصة المعاقين أو من يعيشون في أماكن غير آمنة"، وسيسلم (20 دولار) شهرياً للأطفال المقيدين في المدارس الحكومية عبر هذا البرنامج، والتي ستعوض به الأسر المتضررة من انقطاع خدمة السيارات المدرسية التي كانت تعمل حتى الآن".

وأضافت "اليونسيف" أن "المساعدات النقدية لن تشمل منطقتي (عرسال والقاع) في شمال شرق البلاد حيث تستمر خدمة السيارات المدرسية". كما ستساعد "اليونسيف" الأطفال اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين وآخرين غير لبنانيين بتقديم المواد المدرسية والوقود لتدفئة المدارس في الشتاء عبر سداد الرسوم الدراسية وإعداد المعلمين، وهذا ما كان معتاداً عليه في السنة السابقة.

وفي رسالة نصية تصل إلى هاتف "محمد" - ومثله أغلب السوريين ممن لديهم أطفال في مدراس لبنان- تبلغه فيها عن تحويل مبلغ المساعدة في أجور النقل لتعليم أولاده في مدراس لبنان الرسمية بعد الظهر، وذلك عن الأشهر التي فاتت من العام الدراسي الحالي- وهو كما يقول محروم من المساعدات منذ بدء لجوئه إلى لبنان في بدايات الثورة السورية-.

 وتنص الرسالة على: "هذه الرسالة لإعلامكم بأنكم مخولون للحصول على المساعدات النقدية الشهرية من برنامج الوصول إلى المدرسة، للمساعدات النقدية المتعلقة بالتعليم من اليونيسيف. لقد تم تحويل الدفعة الشهرية على البطاقة الحمراء. إن هذه المساعدة النقدية تهدف لمساعدة أولادكم لحضور دوام بعد الظهر في المدارس الرسمية. للاستفسار ولمزيد من المعلومات الرجاء الاتصال على (04727300) من الاثنين إلى الجمعة من الساعة التاسعة صباحاً حتى السادسة مساءاً".

 وكان "محمد" يشتكي طوال فترة لجوئه وحتى الآن بأنه لم يتلقَ أية أنواع من المساعدات التي تشمل التغذية أو كرت انقاذ الطفل.. وغيرها، رغم أن لديه طفلين، وهو لا يستطيع التنقل في لبنان للبحث عن عمل ولا يستطيع تجديد الإقامة، فهو مقيم بشكل مخالف ولا يستطيع توفير تكاليف الإقامة أو دفع مخالفتها أو الكفيل..

تحدثنا إلى "إبراهيم" (سوري لاجئ في شمال لبنان). وخلاله سؤاله عن أحواله المعيشية والمساعدات الإغاثية وأجور النقل لأبنائه، كان حديثه على مرحلتين، في المرحلة الأولى منذ أكثر من شهرين، وكان السؤال (هل تم إعطاءكم شيئاً كمساعدات لنقل المدارس، رغم بدء العام الدراسي منذ مدة طويلة؟"، فكان جوابه في حينه: "لا والله، على حسابي"، أضاف بأنه عند اتصاله بالخط الساخن الخاص بالمفوضية، كان جوابهم بأن الملف قيد الدراسة، وعلّق ساخراً "بتعرف ملف نووي".

وفي سؤاله، (هل يتم إعطاء أحد من معارفه أو جيرانه، أم أن الأمر يتم "لناس وناس"؟)، أجابنا: "أعطوا قسماً، وقسم آخر موعود، وقسم قيد الدراسة"، والسؤال كان (من هم المستفيدون وما هو وضعهم؟)، هنا أكمل حديثه أن هناك حالات تسكن بالقرب منه أيضاً قاموا بالاتصال، وكات الإجابة بأنهم يستحقون ولكن إلى الآن لم يستلموا شيئاً، وأكد أن ذلك كلام مضى عليه شهران وإلى حينه، لم يحصل جديد.

وهنا سألناه (من يستحق؟، والذي يستلم مساعدة نقل ما هو وضعه؟، هل البيت بعيد عن المدرسة؟، أو يتم النظر لشيء آخر في ملفاتهم؟)، ليجيب: "في عالم ساكنة بعدنا، عطريق (قرحة)، وقبلنا، أول (حنيدر)، أخدوا، والله كمان متل الحظ، ما خص وضع، في عالم عم تاخد كلشي، وعم يجيا مدارس، وفي عالم مو أخدي شي ماعم تاخد، شي بيفلج والله". - "قرحا وحنيدر" قريتان لبنانيتان في منطقة وادي خالد في شمال لبنان وهي منطقة حدودية مع سوريا، فيها أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين-.

حول ترميم المنازل

"حسن"، لاجئ سوري، كان قد استفاد من مساعدة ترميم المنزل في العام الماضي، ولكنه يقول: "الترميم لسا لهق ما خلصوا للعالم، من السنة الماضية، ورطوا العالم جابوا بالدين، وما عبولهن البطاقات".

هنا استفسرنا عن الأمر: (كيف بالدين؟، هل تم تركيب الشبابيك والأبواب..؟).

يجيب: "إي"، إذ قام  بعض اللاجئين ممن يتم دراسة ملفاتهم من أجل ترميم منازل، أو "براكيات" يسكنون فيها، بإحضار نوافذ وأبواب وغيرها، بالدين، لحين اعطاءهم المبالغ المتعارف عليها، وهنا "صاروا يعبوا لكم واحد، والباقي اخروهن، وما حدا عم صدقن".

وفي السؤال عن (كم المبلغ وكيف يتم توزيعه؟)، يجيب: "بيجي اقسام، وحسب كم دفتر، ما خص العدد، يعني اذا كان (1000 دولار) بينعطى على 3 دفعات، او اقل، على الدفتر بيعطوا (1200، 1500) دولار".

وعند سؤاله عن تسجيل أولاد السوريين في المدارس، (هل قبلت المدارس تسجيل كل السوريين؟، هل ذلك في دوام بعد الظهر؟، ولكل الأعمار، أم ماذا؟)، الإجابات كانت بأنه تم تسجيلهم في المسائي، وأيضاً يوجد البعض في الدوام الصباحي، ولكن ليس في كل المدارس وإنما في مدارس معينة، مثل مدرسة "حنيدر" الرسمية،- وهنا يجب أن يكون الطفل مسجل منذ الصف الأول، ويتعلم المنهاج اللبناني، ويكمل-، ويعلق "حسين": "هي المدرسة من زمان فيها دوام صباحي، وكمان التاسع بحطوه مع اللبنانية".

وهنا استفسرنا عن المناهج التي يتم إعطاءها لأبنائهم في هذه المدارس؟، يجيب: "المنهاج  سوري- وهنا يقصد به المنهاج اللبناني ولكنه المعرب-، بس الصف التاسع منهاج لبناني". وهذا يتم  في المدارس التي فيها "مجال وصفوف، متل مدرسة (حنيدر)، لأنه فيها صفوف فاضية صباحي، يعني عدد الطلاب أقل من مدرسة (المجدل)". في حين يتم إعطاء الطلاب السوريين في مدرستي "كنيسة والمجدل" بدوام بعد الظهر والمنهاج سوري- اللبناني المعرب-.

حول مساعدات التدفئة الشتوية
 
وفي سؤالهم عن المساعدات التي عادةً ما كانت توزع فيما مضى في منطقة وادي خالد بشكل عام، كانت الإجابات كلها بالنفي القطعي فلم يعد هناك أي توزيع لأي شكل منها.

ولكن فقط مساعدة التدفئة تم إعطاء أغلب اللاجئين السوريين (مساعدة المازوت) على شكل دفعة كاملة مبلغ (560) ألف ليرة  لبنانية، وهي دفعه وحيدة، وعن 5 أشهر.

بعد مرور شهرين
 
عند إعادة التواصل مع محدثينا خلال الشهر السابق، وإعادة السؤال عن تطورات التمويل ومساعدة النقل للطلاب، كانت الإجابات بأنه تم إعطائهم الشهر الماضي دفعة عن الأشهر التي مرت، فمثلاً "ابراهيم" تم تحويل مبلغ 209 ألف ليرة لبنانية على بطاقته، وذلك عن طفلتين في مدرسة "المجدل"، ولكنه كان لا يعلم عن "كم شهر"، وما هو المبلغ الشهري لكل طفل، وكان ينتظر في الشهر الفائت تحويل المبلغ الذي يفترض تحويله بعد يوم 20 من الشهر-على اعتبار أنه كل عام يختلف المبلغ عن غيره- "مو معروف شي، عكيفن"، على حسب وصفه، ولكن يعلم أن أحد جيرانه السوريين استلم مبلغ (60) ألف ليرة لبنانية "أي 40 دولار"، عن ولدين اثنين لشهر شباط.

 وعند إعادة الاستفسار عن الآلية والشروط التي تؤخذ بعين الاعتبار في الاستحقاق لمساعدة النقل؟، تكررت الاجابات نفسها تقريباً، "ما خص، في مين اخد ومين ما اخد وهيك، الملف قيد الدراسة، هاد الاساس، بيقولوا هيك بس"، ومع أنه " كلو عندو ولاد، كيف ناس ما اخدو، حتى لو ساكنين بعيد، أو قريب، صاير الموضوع متلوا متل التغذية وغيرو، هنن شو فارقه معن".

وفي إعادة السؤال أيضاً حول (هل تم إكمال أمور الترميم له ولأمثاله؟)- جرت العادة أن المستفيد من ترميم منزل، يتم بعد عام الكشف على المنزل، وفي حالة استمرار اللاجئ في السكن فيه يتم استكمال عملية ترميم المنزل من اكساء (تلييس)، وإذا استمر في السكن لبعد الإكساء في العام الذي يليه تتم أعمال تبليط للمنزل وكل ذلك كشروط باستمرار بقاء نفس العائلة السورية اللاجئة في نفس البيت-.

هنا بيّن لنا محدثنا أنه في العام المضي استفاد من الترميم الخاص بالمرحلة الأولى، وبقي ينتظر لأكثر من عام والى الآن لم يتم الكشف على منزله لإكمال المرحلة الثانية رغم أنه جرت العادة باستكمالها والكشف قبل بدء شتاء العام التالي وإلى الآن لم يتم ذلك، وما يزال الجواب المعتاد عند الاستفسار "قيد الدراسة، لتطلع اللجنة، ولسى ما اجو كشف"، ويعلق متهكماً: "ع اساس بعد سنة، هاي صارلنا سنة وشقفة، هيك ع الاساس، وخلصت الشتوية، يمكن شكلوا ع العيد والبيت تشتش، شو فارق معهن قاعدين برا هنن، المهم الراتب شغال".

وعند سؤاله لماذا لم تبادر أنت في (تلييس – إكساء) المنزل مثلاً؟، أجاب بحسرة: "من وين بدي (لييس) إذا شغل ما في، والبلد واقف".



ترك تعليق

التعليق