سياحة "الربيع" تنتعش في درعا


تشهد محافظة درعا هذه الأيام حركة سياحية نشطة، وذلك بالتزامن مع حلول فصل الربيع، وتوقف الأعمال العسكرية، وتحسن الوضع الأمني في جميع المناطق.

وأشارت مصادر من المحافظة وشهود عيان، إلى أن سفوح الأودية في الريف الغربي، والسدود والحراج القريبة منها، تشهد أيام العطل ومنذ بداية فصل الربيع، العديد من الرحلات السياحية القادمة من مختلف مناطق المحافظة؛ وذلك بعد غياب لهذه الرحلات عن تلك المناطق، استمر لأكثر من سبع سنوات؛ نتيجة الأوضاع التي فرضتها الظروف الأمنية.

وأضافت المصادر، أن الرحلات تتركز في معظمها في محيط "سد الوحدة" على الحدود السورية -الأردنية المشتركة وفي وادي اليرموك وبحيرة المزيريب، التي عاد إليها الألق السياحي من جديد؛ بعد أن امتلأت بالمياه وأصبحت ضمن مناسيبها المعتادة.

ويقول "أبو محمد"، 50 عاماً وهو صاحب إحدى الفعاليات الاقتصادية، إن البحيرة تشهد أيام الجمعة والسبت وخلال أيام العطل، آلاف الزوار من ريف درعا ومن بعض المحافظات المجاورة، الأمر الذي نشط عمل الزوارق، والمطاعم، والمقاهي والمحال التجارية في المدينة، رغم الظروف الاقتصادية المتردية للأهالي.

وأضاف أن بعض الرحلات المدرسية والجامعية، تصل كل جمعة وسبت إلى منطقة البحيرة، حيث يكتظ حرم البحيرة بمئات المواطنين الصغار والكبار، لافتاً إلى أن هذه الرحلات والرحلات العائلية، نشّطت المنطقة، وأنعشت بعض الفعاليات التجارية، وأمنت مصادر دخل لبعض الشباب الباحثين عن فرص عمل.

ويشير "أبو صادق"، 46 عاماً، وهو مستثمر، يضع عدة طاولات بالقرب من البحيرة، إلى أن الحركة أصبحت جيدة مع ازدياد نشاط السكان هناك، لافتاً إلى أنه يقدم الاراكيل، وبعض المشروبات الساخنة للزوار، وبعض الأطعمة الخفيفة.

وأضاف أن سعر "نفس" الاركيلة يتراوح ما بين 500 و1000 ليرة سورية، وذلك حسب نوعية "المعسل" وجودته، فيما تتراوح أسعار المشروبات الساخنة ما بين 300 و500 ليرة سورية، وتشمل الشاي والقهوة والكابتشينو والنسكافيه وغيرها.

وأشار إلى أن دخله اليومي، يزداد وينقص حسب حركة السياح في المنطقة، لكنه لا يقل عن 5000 ليرة سورية، موضحاً أن من يقوم بتقديم الاركيلة والمشروبات، هم عدة أشخاص كل واحد منهم لديه عدة طاولات، ويعمل لحسابه الخاص، وبصورة مستقلة عن الآخر.

وقال: "الحمد لله منذ أن تحسن الوضع الأمني، تغيرت الأجواء، وتحسن الدخل".

فيما أكد (ح. س) وهو صاحب زورق يعمل في البحيرة، أن حالة الهدوء التي تعيشها المحافظة نشطت حركة القدوم إلى منطقة المزيريب، وتل شهاب، والعجمي، حيث المناظر الطبيعية الجميلة، كما أسهمت في تنشيط عمله ومصدر رزقه، لافتاً إلى أنه يتقاضى ما بين 200 و500 عن كل راكب يريد أن يقوم بجولة على متن زورقه في البحيرة.

وأضاف أن دخله يعتبر جيداً، مشيراً إلى أن الأجور كانت أقل لكنها ارتفعت؛ بسبب ارتفاع أسعار البنزين، الذي وصل إلى 900 ليرة سورية، والمازوت الذي وصل إلى 800 ليرة سورية، وصعوبة الحصول عليها خلال هذه الأيام.

ويشير سعيد العيسى، 56 عاماً، وهو موظف متقاعد، إلى أن حالة الأمان التي تشهدها درعا بعد توقف القصف والاشتباكات؛ أعطت فرصة للناس للخروج والتنزه، مشيراً إلى أنه أتى قادماً من بلدة عتمان إلى المزيريب على جراره الزراعي، هو وأفراد أسرته، وأحضر معه كل احتياجاته من طعام وشراب؛ من أجل التوفير على نفسه.

وأضاف أنه أراد أن "يغير جو" ليس أكثر، وأن يخرج من الأجواء السابقة، التي فرضتها الحرب، موضحاً أن الخدمات الأساسية هنا متوفرة، لكن الأسعار "كاوية".

ويقول "أبو عاطف"، وهو مهندس زراعي، "إن من يأتي إلى هنا هم من أصحاب المداخيل المريحة نسبياً"، لافتاً إلى أن أجور النقل مرتفعة، كما أن أسعار المواد وأجور الخدمات الأخرى، كالمراجيح والألعاب الخاصة بالأطفال مرتفعة أيضاً.

وقال: "نأتي إلى هنا فقط من أجل الجلسة في أحضان الطبيعة؛ للترويح عن أنفسنا قليلاً، بعد سنوات الدمار والحصار التي عشناها".

مصدر خاص أشار إلى أن مؤسسات النظام، تقوم بتنظيم رحلات مجانية من محافظات موالية إلى بحيرة المزيريب، وبقية مناطق الريف الغربي؛ لأهداف دعائية، وذلك لإظهار انجازات النظام، وانتصاراته على ما يسمى بـ "الإرهاب".

ولفت المصدر إلى أن رحلات وصلت إلى درعا مؤخراً من طرطوس ودمشق، ومن بعض المحافظات، شارك فيها مئات الأشخاص لهذه الغاية، وحظيت باهتمام إعلامي واضح من مؤسسات النظام الإعلامية.

يشار إلى أن بحيرة المزيريب، التي تعد المتنفس الطبيعي والمقصد السياحي لأهالي درعا والمحافظات المجاورة، كانت قد أغلقت أمام الزوار بشكل نهائي منذ بداية الحرب السورية في العام 2011؛ بسبب الأوضاع الأمنية المتردية والاعتداءات المتكررة على مياهها؛ ما أوصلها إلى حد الجفاف التام، لكن مع توالي أمطار الخير، التي شهدتها المحافظة خلال العام الماضي والحالي، عادت البحيرة من جديد إلى سابق عهدها.



ترك تعليق

التعليق