معاهد الـ "غرافيك ديزاين".. متى تكون أكثر فاعلية لتخريج مصممين محترفين؟


بين 72 ساعة ووصولاً إلى 100 ساعة هو متوسط مدة دورات الغرافيك ديزاين (Graphic design) التي تقدمها معاهد اسطنبول.

ازدياد الطلب على عاملين في مجال التصميم بأنواعه وخصوصاً تصميم الشعارات وبوسترات مواقع التواصل الإجتماعي والمطبوعات هو ما شجع تلك المعاهد على افتتاح هكذا دورات. أما السبب الذي دفع الطلاب للالتحاق بها، هو ارتفاع أجور العاملين في المجال..

"حسام كويفاتية"، طالب غرافيك ديزاين في أحد معاهد منطقة "الفاتح" في ولاية اسطنبول، تحدث لـ "اقتصاد" عن تكاليف تلك الدورات ومدى فعاليتها في تخريج "مصممين"، كما تتحدث المعاهد ضمن إعلاناتها. يقول: "سعت المعاهد لاستقطاب بعض المصممين المشهورين والمتمكنين من مجال التصميم لانشاء دورات تدريبية بعد أن أصبح هذا المجال من أهم مجالات العمل اليوم بفضل مواقع السوشيال ميديا، وهو ما جعل التصميم أمراً لا غنى عنه حيث يعتبر التصميم وسيلة لإيصال المنتج من الشركة إلى الناس".

يُعقّب "حسام كويفاتية" بأن المشكلة التي تقع فيها معظم المعاهد والتي تعتبر نقطة لا أخلاقية نوعاً ما، هو تقديم نصف الحقيقة للطلاب خلال الإعلانات، التي تحمل عبارات من قبيل "تعلم التصميم في ثلاثة أشهر"، أو "ضاعف دخلك"، أو "تعلم المهنة الأكثر انتشاراً".

نصف الحقيقة التي تظهر للطالب، حسب "كويفاتية"، هي بأنه سيتخرج شخصاً قادراً على العمل في هذا المجال، إلى جانب تكاليف تلك الدورات التي تعد مقبولة، وهو ما يجذب الطلاب للتسجيل.

إلا أن الحقيقة كما قال "حسام" هي أن من بين كل 100 طالب خلفيتهم ضعيفة في مجال التصميم يخرج ثلاثة فقط قادرين على دخول سوق العمل مباشرة، في حال لم نناقش فرصة الحصول على عمل بخبرة لا تزيد عن 3 شهور. أما الحقيقة الأخرى فهي أن عدداً لا بأس به من الطلاب المتقدمين للدورات هم ممن يعملون في المجال أساساً، وقد تقدموا للدورات من أجل سد بعض الثغرات وتقوية المهارات وهم الذين تستغل المعاهد إنجازاتهم لتصويرها على أنها قصص نجاح لطلابها.

أما النقاط التي تضاف لصالح تلك المعاهد، كما قال "حسام"، فهي أن تكاليف تلك الدورات تعتبر مقبولة فهي تتراوح بين 200 و300 دولار لعدد ساعات تدريبية يتراوح بين 60 و100 ساعة تقربباً، إضافة إلى أن تلك المعاهد تقوم بتقسيمها على دفعات كتسهيل للطالب وهي نقطة تحتسب لها.
"يزن التركاوي"، مطور علامات تجارية ومدرس في أحد معاهد اسطنبول، تحدث في تصريح خاص لـ "اقتصاد" حول فعالية الدورات، فقال: "تختلف مصداقية الاعلانات التي تنشرها المعاهد على صفحاتها بين معهد وآخر ومركز وآخر، إلا أن معظمها يستخدم طريقة مبهمة في الإعلان قد يفهمها الطالب بطريقة مختلفة عن القصد الأساسي كعبارة (تسطيع الحصول على عمل)، والتي قد يفهمها الطالب أن المعهد هو من سيقوم بتأمين فرصة العمل كمثال، في حين تعتني معاهد أخرى باقتناء واختيار كلمات الإعلان لتصل للطالب بكل شفافية".

المبالغ المدفوعة تختلف أيضاً من معهد لآخر كما قال "يزن" الذي أشار إلى أن الاختلاف يأتي وفقاً لعدد الساعات والمنهاج المعطى.

"التركاوي" قال: "برأيي معظم الناس يستخفون بمجال التصميم حيث تحولت بعض الدورات من كونها مجالاً علمياً إلى مجال تجاري استفادت المعاهد منه بسبب ازدياد الطلب على العاملين في المجال، وفق مبدأ (اسهل شيء نفتح دورة غرافيك ديزاين ونجيب أستاذ يعلم الأدوات وخلصت). حيث أن 90% من الدورات تعمل على تعليم الطلاب الأدوات دون التركيز على الجانب النظري، إلا أن هذا الأمر خاطئ، فالأدوات والبرامج هي من أدوات التصميم وليست التصميم بحد ذاته، لذلك فإن تلك الدورات التي تتبع هذا الأسلوب تعتبر استخفافاً بالتصميم وتحوله لمجال تجاري إضافة إلى المنافسة بالأسعار وتخفيضها وهو ما جعلها تجارية بحتة، ويضاف لذلك معاهد تقوم برفع أسعار دوراتها مقابل عدد ساعات قليل كـ 20 ساعة أو 24 ساعة تحاول فيها تغطية الأدوات لبرامج التصميم الثلاثة الأساسية (Photoshop - illustrator - in design) بعبارة (احترف التصميم بـ 20 ساعة)".
 
معاهد أخرى أخذت منحى آخر في الدورات، كما قال "التركاوي". تلك المعاهد تعمل على تقسيم الدورات إلى مستويات تبدأ بمبتدئ وتنتهي بمحترف لزيادة الأرباح. إلا أن المناهج هي ذاتها، أما الفرق فهو تقسيم الأدوات حيث تعطى الأساسيات في المستوى الأول وتعطى الأمور الأخرى في المستويات التي تليها كالأمور التي قد يواجه الطالب صعوبة فيها في حال تلقاها بداية الدورة.

فعالية الدورات تأتي كما قال "التركاوي" بإعطائها حقها الكامل لشطريها النظري والعملي، حيث يشمل القسم النظري تعريف التصميم ولمحة عن تاريخه وطريقة استخراج فكرة التصميم ومبادئه وعناصره ونظريات الألوان أي الأشياء الرئيسية، دون التعمق في تاريخ التصميم كثيراً. فمادة الغرافيك ديزاين، باتت تدرس في بعض الجامعات لسنتين وفي البعض الآخر لـ 4 سنوات، وهي الأمور التي لا يمكن لشخص أن يصبح مصمماً، بدونها ومن ثم يأتي القسم العملي الذي يتم خلاله تعريف البرامج وأدواتها واستخداماتها، حيث أن الطالب في حال كان لا يعلم الأمور النظرية الأساسية لا يمكن أن يستخدم الأداة بشكل صحيح، ولو تعلم جميع استخداماتها العملية.

أمر آخر يعطي الدورة فعاليتها وهو إعطاؤها حقها بالوقت، فمثلاً الدورات التي تقوم على 20 أو 24 أو حتى 40 ساعة، لا يمكن أن تكون كافية في حين توجد معاهد أخرى تصل مدة دوراتها إلى 100 ساعة وتشترط على طلابها التدرب في المنزل اضافة إلى الوظائف، وهو الأمر الصحيح، كما قال "التركاوي"، إلا أنه لا يمكن تخريج شخص محترف رغم تلك الأمور إلا أنه نستطيع القول أن الطالب بات لديه قاعدة يستند عليها لرفع مستواه. فاحتراف التصميم لا يتم بـ 100 أو 200 أو حتى 400 ساعة، احتراف التصميم يتطلب عملاً كبيراً وممارسة طويلة إضافة إلى الشيء الرئيسي وهو أن يكون لدى الطالب شغف في التصميم، يمكنه من الاحتراف وتكوين ثقافة تصميم، ويضاف لذلك متابعة شركات التصميم العالمية لمواكبة تطور المجال ومتابعة الشركات الرائدة في مجال برامج التصميم كشركة أدوبي الشهيرة.

"التركاوي" ختم حديثه قائلاً: "من المؤسف أن ثقافة التصميم في مجتمعاتنا العربية أو الشرق أوسطية، هي ثقافة غير سائدة حيث تقل أعداد العارفين بأن التصميم هو مجال قائم بحد ذاته لا علاقة له بالفن وليس مجرد برامج يتعلمها الشخص لجني أرباح من عمله بها".


ترك تعليق

التعليق