إدلب: المازوت لن ينخفض، والبنزين يحلق مرة كل شهر، والسكان (لا حول ولا قوة)


كل يوم تقريبا، يمر "أبو عبدو" أحد سكان مدينة بنش، بتاجر محروقات بالقرب من منزله، ليسأله عن أسعار "البورصة!"، فيرد التاجر بضحكة مجلجلة "لا بورصة بعد اليوم.. الأسعار نار وأنا أفكر في تغيير هذا الكار".

بهذه العبارات وما يشابهها، يواجه سكان إدلب وهي آخر جيب تسيطر عليه المعارضة في سوريا، الغلاء الذي طال قطاع المحروقات-شريان الحياة في المنطقة. فإدلب وباقي المناطق المحررة من سيطرة النظام في القسم الغربي من الشمال السوري تعتمد بشكل كلي على الديزل، وعلى البنزين والغاز المستوردين؛ لتوليد الكهرباء، تشغيل الأفران والمشافي، الطبخ والتدفئة، المواصلات والإنارة، وفي كل شيء يحتاج للطاقة.

"روحوا اشتروا من وتد، أنا ما عندي بنزين"، يصيح "محمود"، تاجر المحروقات في مدينة إدلب، بوجه الزبائن. يدرك الزبائن أن "لا مزاح مع وتد للبترول"-الشركة التي تدير تجارة البنزين والمازوت والغاز المستورد من تركيا- لذلك يقابلون غضب محمود بمرح واضح.

امتنع "أبو مروان" وهو مواطن آخر خفيف الظل، عن تشغيل سيارته الـ "سابا" العاملة على البنزين منذ أكثر من شهر، معتمداً على دراجته الـ (لونسون). فـ "الليتر بـ 500 ليرة، وهذا السعر... يكسر الظهر".

في نهاية آذار الماضي رفعت "وتد للبترول" برميل البنزين المستورد إلى 81000 ليرة، وجرة الغاز إلى 4900 ليرة. لتكون تسعيرة المستهلك 400 ليرة لليتر البنزين و 5200 ليرة ثمن جرة الغاز.

الصعود الثاني للبنزين جرى في 22 نيسان الماضي حيث سعرت الشركة برميل البنزين بـ 90 ألف ليرة. كما سعرت الليتر في محطاتها بالمفرق بسعر 440 ليرة. أما جرة الغاز فأعلنت الشركة عن تسعيرة جديدة لها في 25 نيسان حيث تباع لتجار الجملة بـ 5200 ليرة و للمستهلك بـ 5500 ليرة.

ليأتي الصعود الثالث والأخير للبنزين في اليوم التالي من نفس الشهر حيث وصل سعر البرميل (من أرض الشركة) إلى 97000 ليرة والليتر بـ 470 ليرة في محطات "وتد"، بينما وصل في السوق المحلية إلى 500 ليرة.

المازوت المكرر الذي يمرر من شرقي الفرات (قوات سورية الديمقراطية) باتجاه ريف حلب الشمالي ثم نحو إدلب عبر معبر دارة عزة-الغزاوية، حافظ على تسعيرة مستقرة بخلاف ما كان متوقعاً مع حلول الصيف. يقول أحد تجار المحروقات لـ "اقتصاد": "استقرار السعر كان جيداً في الشتاء لكننا اعتدنا على انخفاض السعر إلى حدود 20 بالمائة صيفاً.. وهذا ما يجعل السكان يشعرون بالغضب فقد اعتادت شريحة واسعة منهم على شراء احتياجاتها من مازوت التدفئة خلال فصل الصيف نظراً للهبوط الذي كان يطال الأسعار".

تربط الشركة التي تدير قطاع المحروقات في إدلب، وتتبع لـ "تحرير الشام"، صعود الأسعار بارتفاع الدولار. بينما يرفض العديد من السكان والتجار هذه الفكرة التي يعدونها بمثابة "تهرب من المسؤولية".

الغلاء الذي يشمل جميع السلع والبضائع تقريباً في إدلب أدى لحالة عجز لدى معظم السكان كونهم من ذوي الدخل المحدود. و"كلو كوم.. وارتفاع الغاز والبنزين كوم تاني" على حد تعبير أحد سكان مدينة إدلب الذي يبحث -في الوقت الراهن- عن عمل إضافي لـ "تلافي العجز المالي في الميزانية". كما يضيف بدعابة ممزوجة بالشكوى.

ترك تعليق

التعليق